الديوان » العصر العثماني » الورغي » محاسن العيد يوم أن صفا الزمن

عدد الابيات : 49

طباعة

مَحَاسِنُ العِيدِ يَومَ أنْ صَفَا الزَّمَنُ

أما وُجُودُكَ فَهْوَ الدَّائِمُ الحَسَنُ

وَلَو سَألنَا بِكَ الأعيَادَ مَا حَكَمَتْ

إلاَّبِأنَكَ رُوحٌ أوْ هِيَ البَدنُ

فَهْيَ المُهَنَّاةُ إذ كُنْتَ الحَيَاةَ لَهَا

وَإنْ جَرَى بِخِلاَفِ ذَلِكَ السنَنُ

فَاهْنَأ بِعِيدٍ تَمَامُ العَشرِ لَيلَتُهُ

وَصُبْحُهُ بِافْتِتَاحِ اليُسرِ مُقْتَرِنُ

نُعطِيكَ مِنْ بَعْدِهِ الأيامُ بَالِغَةً

لِمِثْلِهِ مِنَناً فِي إثرِهَا مِنَنُ

تَنَالُ مِنهُ الجَدِيدَ الليْنَ تَلبَسُهُ

عَفواً وَيَنحطُّ عنك الدَّارِسِ الخَشِنُ

حَتى تَرَى منْ سُلَيْمَان وَتَابِعِهِ

مُحَمدٍ مَا تَلَذُّ العَيْنُ وَالأذُنُ

وَتَرْتَقِي بِأبِي عَمرٍو لِغَايَتِهِ

وَمَا يَخَافُ عَلَى المَأمونِ مُؤتَمَنُ

أفلاَذُ قَلبِكَ هم في نفس وَامِقِهِمْ

شَأنٌ وَفِي عين مَنْ يَشناهُمُ شَجَنُ

مِنْ كُلّ أروَعَ يَستَشفَى بِطَلعَتِهِ

وَيَسْتَجِيرُ بِهِ مَنْ هَمَّهُ الإحَنُ

أعِزَّةٌ لِمَقَامِ المُلكِ رَشَّحَهُمْ

لَهُ ذكَاؤُهُمُ مِنْ بَعدِ مَا خُتِنُوا

بل ما استهَلَّ لدى الميلاَدِ صَارِخُهُمْ

إلاَّ وَعَقدُكَ مِنْ كَفيهِ مرتهَنُ

تبادروه فلا في كف حامله

منهم نكول ولا في طبعه ددن

تَوَدُّهُمْ صَهَواتُ الخَيلِ حِينئذٍ

وَهُمْ عَلى الرَّكضِ في الأرحَامِ قد مرَنُوا

وَقَولَ وِحشَةَ قَولِ الناسِ مُنفَرِد

وَقَولهُم سَرحَةٌ مَا إنْ بِهَا غُصُنُ

همْ جَمَالكَ إنْ بَاهَيتَ مُفتَخِراً

وَهُم سُيوفُكَ لا مَرَّتْ بك الفِتَنُ

وَهم على الدَّهرِ سَوطٌ إن بَغَى حَرَناً

وَحْيثُ يَجْمَحُ هُمْ فِي رَأسِهِ رَسَنُ

فما تُخالِفُ عن مرضَاكَ نَاظِرَةٌ

إلاَّ وَمِنهُمْ عَلَى أعنَاقِهَا شَطَنُ

وَمِثلُهُمْ لَيسَ قَدرُ السِّنّ يَرفَعُهُ

بَلِ الشمَائِلُ وَالأحسَابُ وَالفِطَنُ

يَقولُ فِيهُمْ مَدِيدُ اللَّحظِ يَبسُرُهُمْ

إذا تَفَرَّسَ عِلقٌ مَا لَهُ ثَمَنٌ

وَمَنْ تَكُنْ أبهُ استَغْنَى بِجوهَرِهِ

عَنِ المَزِيدِ وَأرضَى كلَّ مَنْ يَزِنُ

تِلكَ المَكَاسِبُ لاَ تَأتِي بَهَا إبِلٌ

مِنَ القَصِيّ وَلاَ تَأتِي بِهَا سُفُنُ

كَسَبَتْهُمْ بَعْدَمَا عَمرْتَ غَامِرَةً

مِنَ الفَيافي وَشَابَ الرَّأسُ وَالذَّقنُ

وَخَضْتَ بَحراً مِنَ الأهوَالِ سَاحِلُهُ

حَينٌ وَلُجَّتُهُ الآفَاتُ وَالمِحَنُ

مَا تَستَقِلُّ بِأرضٍ تَبتَغِي سَكَناً

إلاَّ رَمَتْكَ بِأرضٍ مَا بَهَا سَكَنُ

وَحَيثُمَا لاَحَ وَجْهُ الضَّيْمِ في وَطَنِ

كَانَتْ ظُهورُ المَذَاكِي عندكَ الوَطَنُ

قَطَعْتَ أحقْافَ سوفٍ وَهي مَجْهَلَةٌ

لاَ تَستَقِرُّ بها الأحقافُ وَالثِّفنُ

وَفِي مَهَامِهِ تَقُّرْتٍ وَفَدفَدِهَا

كَلَّتْ سوَاك أولو الأبدانِ وَالبُدُنُ

وَبَعْدَ كَشفِكَ ما بِالزَّابِ من طُرُقٍ

دَعَاكَ نَاجٍ وَنَاجٍ كَاسْمِهِ حَسَنُ

فَزُرْتَهُ وَعَلَى خَيرَانَ مَا نَكَصَتْ

بِكَ العِتاقُ وَلاَ وَلَّى بِهَا العْطَنُ

وَقَدْ تَرَقَّيْتَ فِي أعْلاَمِ نَازِيةٍ

مَنَازِلاً ما بها مِن طَيرِهَا وُكَنُ

وَجِئْتَ أورَاس تَطوِي كل شاسِعَةٍ

تَمُر فِيهَا بك الأظلاَلُ وَالدّمَنُ

مَدَاحِضٌ قَلَّمَا يَنْفَكُّ سَالِكُهَا

عَنِ التوَرُّطِ أوْ يَنْجُو بِهَا القَنِنُ

يَرتَاعُ مِنْ وَصفِهَا مَن جَاءَ يَسمَعُهُ

فَكَيفَ مَنْ جَالَ فِيهَا وَهوَ مُمتَحَنُ

وَأنتَ تَمْرَحُ فِيهَا غَيْرَ مُكتَرِثٍ

بِحَيثُ تَعْجَبُ مِنكَ الغُورُ وَالقُنَنُ

فَلاَيَصُدُّكَ حَرُّ الشمس عنْ غَرَضٍ

وَلاَ يَرُدُّكَ عَنْهُ العَارِضُ الهَتِنُ

وَتُؤثِرُ الليلَ عَنْ سَيرِ النَهارِ بِهَا

كَأنمَا أنتَ فِي جَفْنِ الدُّجَى وَسَنُ

يَخَافُكَ الخَوفُ إنْ نَازَلْتَ مُعضِلَةً

هَذا وَعَرضُكَ صَافٍ مَا بِهِ دَرَنُ

حَتى ظَفِرتَ بِإرثٍ كُنتَ تَطْلُبُهُ

وَكَانَ مَا كَانَ مِما عِلمُهُ عَلَنُ

لا يحسبِ المجد مَن يبغيه مَأدُبَةً

سُكنَى الجِنانِ شُهيٌ دُونهُ الجَنَنُ

يَا مُوسِعَ الخَلقِ مِنْ إشرَاقِ هِمَّتِهِ

إلاَّ أنا فَنَصِيبِي مِنهُ مُمْتَهَنُ

إنْ كَانَ حُبُّكَ يُدنِي مِنكَ مَنزِلَةً

فَإننِي قَبلَ مَنْ يُدنَى بِهِ قَمِنُ

هَذي نَتَائِجُ فِكرِي قَد أقَمْتُ بِهَا

دَلِيلَ صِدقٍ لِمَنْ يَبلُو وَيَمتَحِنُ

أخَذتُهَا مِنكَ إلاَّ أنَّ حِليَتَهَا

يَصُوغُهَا كَيفَ شِئْتَ الحَاذِقُ اللسِنُ

كَفَتْكَ أنْ تَرتَجِي تَعدِيلَ شَاهِدِهَا

لاَيَسْطَعُ الطِّيبُ ما لم تُصلحِ الجُوَنُ

فَلْتَجْزِنِي بَعْضَ وِدّي كي أقول لِمَنْ

يَسُومُنِي أنَّ بَيعِي مَا بِهِ غَبَنُ

فَإنَّ حُبكَ شَيءٌ إنْ سَمَحْتَ بِهِ

زَكَتْ به النفس وَانقادتْ به السِّحَنُ

وَلاَ يَقِلُّ قَلِيلٌ أنتَ وَاهِبُهُ

يُضِيءُ بِالقَبسة الرُّسْتان وَالمْدُنُ

وَاسلَمْ هَنِيئاً قَرِيرَ العَينِ في دَعَةٍ

وَدُمْ كما دام في هَذا الدُّنا حِصَنُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الورغي

avatar

الورغي حساب موثق

العصر العثماني

poet-Al-Wargi@

95

قصيدة

19

متابعين

محمد بن أحمد الورغي أبو عبد الله. شاعر من أئمة البلاغة، والمعلق على كاهله سيف الفصاحة والبراعة وهو من تونس. وقد عاش في القرن الثاني عشر، حيث امتاز هذا القرن ...

المزيد عن الورغي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة