الديوان » العصر العثماني » الورغي » هذا الختان وقد دعوه طهورا

عدد الابيات : 61

طباعة

هَذا الخِتانُ وَقَدْ دَعَوهُ طُهُوراً

ة خَلَعَ الزَّمَانَ بِهِ عَلَيكَ سُرُوراً

فَرَحٌ يَخُصُّكَ بِالكَرامَةِ أوَّلاً

وَبَهَا يَعُمُ الخّيِرِينَ أخِيراً

وَعَلَى المَنَازِلِ مِنْ بَهَاهُ بَشَاشَةٌ

كَالنَّازِلِينَ فَهَلْ وَجَدْتَ شُعُوراً

أخْفَيْتَهُ تَبَعاُ لِقَولَةِ صَادِقِ

اُخْفُوا الخِتَانَ وَمَا اتّخَذتَ مُشِيراً

فَزَكَتْ مَحَاسِنُهُ عَلَى إخفَائِهِ

كَالْمِسكِ زَادَ مَعَ الخَفَاءِ ظُهوراً

وَلِمِثلِهِ مِنْ كُلّ مَا تُعنَى بِهِ

خَطَرٌ كَمَا قَدْ كُنتَ أنْتَ خَطِيراً

عَجَبَاً لَهُ مِنْ مَعْرَكٍ خَضَعَتْ بِهِ

نَفْسُ الشَّجِيعِ وَقَدْ رَأتْهُ يَسِيرَا

ذَكَرَتْ به الأرحَامُ يَومَ وِلاَدِهَا

فَغَدَتْ تَجَاذَبُ حِدَّةً وفُتُورَا

وَزَمَانُهُ إنْ طَالَ كَانَ دَقِيقَةً

وَيَكَادُ يَبلُغُ فِي الخَيَالِ شُهُورَا

ما لِلمُزَيِّنِ فيهِ كَيْفَ تَنَاوَلَتْ

كَفَّاهُ فِي فَلَكِ البَهَاء بُدُورَا

أخَذَتْ بِجُزْءٍ لَو يُقاسُ بِمِثلِهِ

مُلكُ القَيَاصِرِ كَانَ بَعْدُ قَصِيرَا

وَيَعُدُّ هَيكَلُهُ لِكُلّ عُيونِهِمْ

أهلُ المَشارِقِ والمَغَارِبِ نُورَا

أفَلاَ اتَّقَى مِنْ دُونِ ذَاكَ ثَوَاقِباُ

تُذْكِي عَلَيهِ مِنَ الجِهَاتِ سعِيرَا

لَولاَ الخَلِيل لَعَاقَهُ عَنْ أخْذِهِ

حَرْبٌ يَشِيبُ لَهُ الوَلِيدُ صَغِيرَا

لَكِنْ سُلَيمَانُ المُعّوَّذُ بِاسْمِهِ

سَبَقَ النِّداء إلى النِّزَالِ سَرِيرَا

فَتَخَلَّلَ الأوجَال ثُمَّ أزَاحَهَا

وَألان مَا قَدْ كَانَ قَبْلُ عَسِيرَا

وَكَفَاهُ فِي ذَاكَ المَجَالِ مُحَمَّدٌ

فَأمَاطَ عَنْ وَجْهِ الخَلاصِ سُتُورَا

وَدَعَوا بِمَحْمُودٍ فَجَدَّ إجَابَةً

وَتَلاَهُ إسمَاعِيلٌ بَعْدُ نَصِيرَا

فَتَظَاهَرُوا بِبَنِي شَقِيقِِ أبِيهِمُ

حَتَّى يَكُونُوا فِي المَآلِ ظَهِيرَا

وَقَضُوا عَلَى وَفْقِ المُرَاد مَآرِباً

كَانَتْ تَتُوقُ لَهَا النُّفُوسُ دُهُورَا

وَقَضيتَ مَا لِلَّه عِندَكَ حَقَّهُ

إنْ لَمْ تَكُنْهُ فمنْ يكون شكورَا

فَوَصَلَتْ رَحْمَكَ رأفَةً وَأقَمْتَها

أعلَى مَقَامٍ فِي الجِنَانِ كَبِيراً

وَأضَفْتَ فِي ذَاتِ الإلَهِ لِهَذِهِ

أمَماً أفَضْتَ لَهَا النَّوَالَ نَمِيرَا

فَبَذَلْتَ فِي تَحسِينِ بِزَّةِ جَمعِهِمْ

مَالاً يَعِزُّ عَلَى المُلُوكِ غَزِيرَا

وَبَلَغَتْ فِي إبلاَغِ خَيرِك لِلوَرَى

حَتَّى مَلأتَ مِنَ السُّرُورِ قُبُورَا

فلأنتَ أشْجَعْ مِنْ رأته كَريَهةً

وَإذا حَلَفتُ فَلاَ أقُولُ فُجُورَا

منْ ذَا يُجَادِلُ نَفْسَه فَيَرُدُهَا

نَحْوَ المَلِيح عَنِ القَبيحِ غَيُورَا

قَدْ كَانَ ذَلِكَ وَالحِجَارَةُ رَطْبَةٌ

وَالآنْ يُوجَدُ فِي الكِتاب سُطُورَا

حَتَّى بُعِثْتَ مُجَدّداً لِمَآثِرٍ

لَبِثَتْ عَلَى طُولِ الزَّمان دُثُورَا

أحْيَيتَهَا وَفَعَلْتَ ما تُنسِي بِهِ

أجَلاً ويُكْثِرُ فِي المَعَادِ أجُورَا

تِلْكَ الشَّجَاعَةُ لاَ جَرَاءَةُ فَاتِكٍ

يَدْعُو لهَا عِنْدَ القِصَاصِ ثُبُورَا

فَارْبَحْ إذنْ يا ابنَ الحُسَينِ وكلُّنا

يَلقَى بِرِبحِكَ رَوضَةً وَغَدِيرَا

فَهْوَ المُنَى أخَذَ الوَدُودُ بِحَظِّهِ

مِنهُ وَبَاتَ بِهِ الحَسُودُ ضَرِيرَا

بَعَثَتْ يَدُ الإقبَالِ لَمَّا أنْ بَدَا

وَجْهُ الفُتُوحِ بِهِ إليَكَ بَشِيرَا

كَمْ بعد يْومِكَ ذا المُبارَكِ مِنْ جَنَى

تَجنِيهِ مِنْ هَذا الغِرَاسِ نَضِيرَا

فَالآنَ حِينَ تَوَصَّلُوا لِمَنَازِلٍ

قَطَعُوا لَهَا مُنذُ الوِلادَِ وُعُورَا

وَتَطَاوَلَتْ خِطَطُ الإمَارَةِ نَحوَهُمْ

وَلَهُمْ أعِدَّتْ رُتبَةً وَسَرِيرَا

فَالخَيلُ مُصِيخَةً لَهُمْ آذَانُهَا

تَبغِي لَهُمْ جِهَةَ النَّجَاحِ عُبُورَا

فَرِحَتْ لهذا النُّوبُ فِي أشطَانِهَا

فَرَحاً وَشَدَّتْ لِلظُّهُورِ ظُهُورَا

وَمَعَاقِدُ التِّيجَانِ قَدْ عُقِدَتْ لَهُمْ

وَبَهِمْ تُفَاخِرُ غَيْبَةً وَشُهُورَا

وَمِنَ الطُّبُولِ تَحَفُّزُّ لِبُرُوزِهِمْ

إذْ يَفْزَعُ الدَّاعِي لِذَاكَ نَفِيرَا

وَمِنْ البُنُودِ تَطَلُّعٌ لِمَسِيرِهِمُ

حَتَّى تَسِيرَ مَعَ التَّمَامِ نُسُورَا

فَاليَومَ قد صَدَرَتْ بشائرُ سَعدِهِمْ

وَغَداً تَرَاهُمْ فِي الصُّفُوفِ صُدُورَا

أعبَاءُ مَجدٍ أنتَ وَحدَكَ حُزتَهُمْ

كَذَبَ المُنازِعُ هَل يَعُدُّ نَظِيرَا

بِهِمُ أنَمْتَ المُلكَ نَومَةَ مُعرِسٍ

وَبَهِمْ أدَرْتَ عَلَى الإيَالَةِ سُورَا

وَبِهِمْ لأمرِكَ نَهْضَةٌ وَلِصَونِهِمْ

مَنَعُوا النَّواهِي أنْ تُفِيدَ نَقِيرَا

مَا فَردُهُمْ مَهْمَا اخْتَبَرْتَ بِواحِدٍ

بَلْ هُوَ ألفٌ أوْ يَزيدُ كَثِيرَا

كُلٌّ يَفِيضُ عَلَى أخِيهِ تَحَنُّنَا

وَلِوالِدَيْهِ مَهَابَةً وَبُرُورَا

طُبِعُوا كَمَا طُبِعَ الكَرِيمُ أبُوهُمُ

كَرَمَاً يُعَدُّ لَهُ الغَمَامُ حَقِيرَا

وَسِياسَةً جَذَبَتْ حَبَائِلُ لُطْفِهَا

قَلبَ الكَفورِ عنْ أنْ يكونَ كَفُورَا

يَا سَيِّدَا طَلَعَتْ طَلاَئِعُ وُدّهِ

فَسَعَى لَهَا دَاعِي المَدِيحِ سَفِيرَا

هَذِي بُنَيَّةُ خَاطِرٍ أهدَيْتُهَا

شَرَحَتْ إلَيكَ مِنَ الوِدَادِ ضَمِيرَا

تُحْظَى فَيَقْصُرُ يَومُهَا لِحَدِيثِهَا

وَتَكُونُ فِي غَلَسِ الظَّلاَمِ سَمِيرَا

قَصَرْتَ عَلَيْكَ مَلاَبِساً مِنْ غَزْلِهَا

لَكِنْ تَخَافُ إذَا نَظَرْتَ قُصُورَا

وَلَرُبَّ بَعْضِ شُويَعِرٍ يَرْنُو لَهَا

شَزَرَاً وَيُكْثِرُ فِي الخَلاءِ زَئِيرَا

حَسَداً يُشَكِّكُ فِي تَحَقُقِِ حَملِهَا

مِنْ حُبّ ذَاتِكَ مَا يُحَمِّلُ عِيرَا

وَيَظَلُّ يَخْبِطُ فِي مَدَى أغرَاضِهَا

لاَ عَنْ هُدىً وَمَتَى يَكُونُ بَصِيرَا

وَلَوِ اسْتَبَانَ مِنَ الضَّآلَةِ مَرَّةً

لَمَنَحْتُهُ عِوَضَ الزَّئِيرِ زَفِيرَا

لَكِنْ تَركْتُ حَدِيثَهُ وَأرَاحَنِي

عِلْمِي بِكَوْنِكَ بِالصَّحِيحِ خَبِيرَا

فَمِحَكُّ نَقْدِكَ ليس يبقى دونهُ

بَينَ الهِدَايَةِ والضَّلالَةِ زُورَا

فَلَكَ الهَنَا وَلِكُلِّكُمْ وَلَنَا بِكُمْ

مَا صَافَحَتْ شَمْسُ النَّهارِ ثَبِيرَا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الورغي

avatar

الورغي حساب موثق

العصر العثماني

poet-Al-Wargi@

95

قصيدة

19

متابعين

محمد بن أحمد الورغي أبو عبد الله. شاعر من أئمة البلاغة، والمعلق على كاهله سيف الفصاحة والبراعة وهو من تونس. وقد عاش في القرن الثاني عشر، حيث امتاز هذا القرن ...

المزيد عن الورغي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة