الديوان » العصر الأندلسي » صفوان التجيبي » أفضت على الأعداء بحر الكتائب

أَفَضتَ على الأَعداءِ بَحرَ الكَتَائِبِ
وأَغرَقتَهُم في مَاءِ بيضِ القَوَاضِبِ
وَكُلُّهُمُ إِن قالَ قالَ بِواجِبِ
كِليني لِهَمٍّ يَا أُمَيمَة نَاصِبِ
وَليلٍ أُقَاسِيهِ بَطِيءِ الكَوَاكِبِ
سُيُوفُكَ أَرواحَ الأَعاجِمِ تَقتَضِي
وَتَنقُلُهُم مِن نُورِ صُبحٍ مُفَضَّضِ
لِلَيل سُيوف الرّوع والهَمِّ يَنتَضِي
تَطاوَلَ حَتَّى قُلتُ لَيسَ بِمُنقَضِ
وَلَيسَ الّذي يَرعَى النُّجومَ بآيِبِ
أَطاعَكُم الدَّهرُ العَصِيّ وَلا أَقل
فَأَنتُم عَلَى الإِلحَادِ أمضَى مِنَ الأَجَل
وَأَنتُم لَدَى الإِسلامِ أَحلَى مِنَ الأَمَل
تَرَكتُم دِيَارَ الشِّركِ أعفَى مِن الطّلَل
تَضَاعَفَ فيها الحُزنُ مِن كُلّ جانبِ
فَكَم شَامِخٍ ذَلَّ الزَّمَانُ لِحُكمِهِ
يُقَرطِسُ أَغرَاضَ الأَمَانِي بِسَهمِهِ
وَتَقصِفُ دَوحَ الأَمنِ هَبّةُ عَزمِهِ
وَيُقسِمُ إِعجَاباً عَلَى الدَّهرِ باسمِهِ
لَيلتمسَنْ بالجَيشِ دَارَ المُحارِبِ
جَنَبتُم إِلَيهِ كُلَّ أَجردَ ضَامِرِ
وَكُلّ طَوِيلِ البَاسِ يُدعَى بِبَاتِرِ
وَكُلّ فَتىً عَن صُورَةِ المَوتِ سَافِرِ
يُزَيِّفُ غَسّاناً وَعَمرَو بنَ عَامِرِ
أَولَئِكَ قَومٌ بَأسُهُم غَيرُ كَاذِبِ
جُيُوشٌ تَسُدُّ الخَافِقَينِ رعَالُهَا
وَتُرعِد أحشَاءَ النّجوم نِصالُهَا
وَتَملِكُ أحرارَ المُلُوكِ فِصالُهَا
إِذَا أَمَّمَت أَرضَ العِدَى فَظِلالُهَا
عَصَائِبُ طَيرٍ تَهتَدِي بِعَصَائِبِ
لِسَيِّدِنَا ذلّ الزّمانُ وَأَذعَنَا
وكلُّ بعيدٍ عِندَ عَزمتِهِ دَنَا
وَهَل يَبلُغُ الآمَالَ أَو يُدرِكُ الغِنَى
سِوَى مَن غَدَت أَسيَافُه البِيضُ وَالقَنَا
مِن الضّارِيات بالدِّماءِ الدّوارِب
شَجَاعَتُهُ دِرعٌ وَهَيبَتُهُ جَيشُ
وَفِي يَدِهِ مِن دَهرِهِ البَريُ وَالرَّيشُ
بِهِ يَقرُبُ النَّائِي وَيُستَعذَبُ العَيشُ
وَيَجلِسُ مَن قَد كَانَ مِن شَأنِهِ الطَّيشُ
جُلُوسَ الشّيوخ فِي ثِيَاب المَرَاتِبِ
دُيونَ العِدَى أَنجَزتَها بِقَواضِبك
وَعِندَ الرّدى يَنحَطّ رَحلُ مطالِبِك
وَأَروَاحُ مَن عَادَيتَ أَدنَى مَطَالِبك
عَلَى السَّعد عَهدٌ أَنَّ جُندَ كَتَائِبِك
إِذَا مَا التَقَى الجَمعَان أَوَّلُ غَالِبِ
صَفَت لَكم الأَيّامُ وَاستَوسَقَ الأَمر
وَأَمَّا الَّذِي قَد كَانَ مِن شَأنِهِ الغَدرُ
فَغَشّاهُ مَا غَشّى وَحَاقَ بِهِ المكرُ
وَهَل يَنفَعُ التَّخييلُ وَالكَيدُ والسِّحرُ
إِذا عُرِضَ الخَطِيُّ فَوقَ الكَوَاثِبِ
عَلَى قَفصَةٍ هَبّت هُبوبَ الرَّوَامِسِ
رِيَاحُ المَنَايَا مِن سَحَابِ الفَوَارِسِ
فَكَم عَامِرٍ قَد أَلحَقَتهُ بِدَارِسِ
عَلَى عَارِفَاتٍ لِلطّعانِ عَوَابِسِ
بِهِنّ كُلومٌ بَينَ دَامٍ وجَالِبِ
رِيَاحٌ وَمَا فِيهَا جَنُوبٌ وَشَمأَلُ
إِذا تَستَثِيرُ البَرقَ فَهوَ مُكَبّل
عِتَاقٌ وَلَكِن أَعتَقَ النَّاسِ تَحمِلُ
إِذا استُنزِلُوا عَنهُنّ لِلطّعن أَرقَلوا
إِلَى المَوتِ إِرقالَ الجِمالِ
أُنَاسٌ مُقَامُ الشِّركِ فِيهِم عَلَى شَفَا
إِذَا مَا دَعَا المَحروبُ باسمِهِمُ اكتَفَى
وَمَن كَانَ لِلرّاحاتِ وَالرّاحِ قَد صَفَا
فَهُم يَتَعَاطَونَ المَنِيَةَ قَرقَفَا
بِأَيدِيهِمُ بِيضٌ رِقَاقُ المَضَارِبِ
سَلِ النَّيّرَاتِ أَينَ مِنهَا عُلاهُمُ
وَقُل لِلحَضِيضِ أَينَ مِنهُ عِدَاهُمُ
مَآثِرُ لَم تَمدُدُ يداً لِسِوَاهُمُ
وَلا عيبَ فيهِم غَيرَ أَنَّ ظُبَاهُمُ
بِهِنّ فُلُولٌ مِن قِرَاعِ الكَتَائِبِ
كَرِيمَةُ أَنسَابٍ بِأيدٍ كَرِيمَةٍ
مُسَهِّدة في حالةٍ وَمُنيمَةٍ
يَروقُ لَهَا ماءُ الطّلى صَوبَ ديمةٍ
تُورّثنَ مِن أَزمانِ يَومِ حَلِيمَةٍ
إِلَى اليَوم قَد جرّبن كُلّ التّجارب
هَوَ الخَارِقُ العَادَاتِ فِي الحِلمِ والنّدَى
تَعَوّد مِن هَذَا وَذَا مَا تَعَوّدا
يَكَادُ يُنيلُ الجودَ والعَفوَ لِلعِدَى
لَه شِيمَةٌ لَم يُعطِها اللَّهُ سَيِّدا
مِنَ الجُودِ وَالأَحلامِ غَير عَوَازِبِ
تَأَلَّقَ فِي أُفقِ الهِدَايَةِ نَجمُهُ
وَأَفصَحَ عَن سِرِّ الضَّمَائِرِ عِلمُه
وَكَيفَ يَفوتُ السِّرُّ عَنهُ وَفَهمُهُ
يَقُدُّ السَّلُوقِيّ المُضاعَف سَهمُهُ
وَيوقِدُ بالصُّفّاح نَارَ الحباحِبِ
سَجيتُه عَدلٌ وَشيمَتُه رِفقُ
وَطَاعتُهُ الدُّنيا وَعُبدَانُه الخَلقُ
وحق بأن يَسمو فتىً وَشيمَتُه الحَقّ
يُنازِعُه غَربُ البَسيطَةِ والشَّرقُ
وَلا عِلمَ إِلا حُسنُ ظَنٍّ بِصَاحِبِ
بِمُرسيةٍ أَلقَى عَصَاهُ وَخَيّما
فَأَنجَدَ بالنَّاسِ السُّرُورُ وَأَتهَما
فَيَا مَا أَشَدَّ الأُنس فِيهِ وَمَا وَمَا
وَمَن لَم يَكُن يَدرِي السُّرورَ تَعَلَّمَا
وَفَازوا فَمَا يَرجون غَيرَ العواقِبِ
بِسَيِّدِنا الأَعلَى استَبَدّ كَليمُها
وأَضحى سَليماً مِن رَدَاهُ سَليمُها
فَأَبنَاؤُهُ في نِعمَةٍ يَستَدِيمُهَا
يَصونُونَ أَجسَاداً قَدِيماً نَعِيمُهَا
بِخَالِصَةِ الأَردَانِ خُضرِ المَنَاكِبِ
أَمِيرٌ تُراعُ الأُسدُ مِن فَتَكَاتِهِ
غِذا رَاعَ صَرفُ الدّهرِ سِربَ عُفَاتِهِ
يَذُوقونَه مِن جودِهِ وَهِبَاتِه
بِضَربٍ يُزيلُ الهَامَ عَن سَكَناتِهِ
وَطَعنٍ كَإِيزاعِ المَخَاضِ الضّوَارِبِ
فَيَا سَيِّداً يَحكِي الرّياضَ خلائِقَا
ركبتُ لَكم ظَهر النّشاطِ بَوَارِقَا
وَروّضتُ مِن أَزهَارِ فِكري حدائقَا
حَبَوتُ بِهَا مَولايَ إِذ كُنتُ لاحقَا
بِقَومِي وَمَا أَعيَت عَلَيّ مَذَاهِبِي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن صفوان التجيبي

avatar

صفوان التجيبي حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Safwan-Al-Tajbi @

81

قصيدة

79

متابعين

صفوان بن إدريس بن إبراهيم التجيبي المرسيّ أبو بحر. أديب من الكتاب الشعراء، من بيت نابه، في مرسية مولده ووفاته بها. من كتبه (زاد المسافر-ط) في أشعار الأندلسيين، وله مجموع ...

المزيد عن صفوان التجيبي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة