الديوان » العصر الأندلسي » صفوان التجيبي » جاد الربى من بانة الجرعاء

عدد الابيات : 46

طباعة

جَادَ الرُّبَى مِن بَانَةِ الجَرعَاءِ

نَوآنِ مِن دَمعِي وَغَيمِ سَماءِ

فَالدَّمعُ يَقضِي عِندَهَا حقَّ الهَوَى

وَالغَيمُ حَقّ البَانَةِ الغَنَّاءِ

خَلتِ الصُّدُورُ مِن القُلُوبِ كَمَا خَلَت

تِلكَ المَقَاصِرُ مِن مَهاً وَظِباءِ

وَلَقَد أَقُولُ لِصَاحِبَيَّ وَإِنَّمَا

ذُخرُ الصَّدِيقِ لآكدِ الأَشياءِ

يَا صَاحِبَيَّ وَلا أَقلُّ إذَا أَنَا

نَادَيتُ مِن أَن تُصغِيَا لِندَائِي

عُوجَا نُجارِ الغَيثَ فِي سَقي الحِمَى

حَتَّى يَرَى كَيفَ انسِكَابُ المَاءِ

وَنَسُنَّ فِي سَقيِ المَنَازِلِ سُنَّةً

نُمضِي بِهَا حُكماً عَلَى الظُّرَفَاءِ

يا مَنزِلاً نَشطَت إِلَيهِ عَبرَتِي

حَتَّى تَبَسَّمَ زَهرُهُ لِبُكائِي

مَا كُنتُ قَبل مَزارِ رَبعِكَ عَالِماً

أَنَّ المَدَامِعَ أَصدَقُ الأَنوَاءِ

يا ليتَ شِعري والزَّمانُ تَنَقُّلٌ

والدَّهر نَاسِخُ شِدَّةٍ بِرَخَاءِ

هل نَلتَقِي في رَوضَةٍ مَوشِيَّةٍ

خَفَّاقَةِ الأَغصَانِ وَالأَفيَاءِ

وَنَنَالُ فِيهَا مِن تَأَلُّفِنَا وَلَو

مَا فيه سُخنَةُ أَعيُنِ الرُّقَبَاءِ

فِي حَيثُ أَتلَعتِ الغُصُونُ سَوالِفاً

قَد قُلِّدَت بِلآلِئِ الأَنداءِ

وَبَدَت ثُغُورُ اليَاسَمِينِ فَقَبَّلَت

عَنِّي عِذَارَ الآسَةِ المَيسَاءِ

وَالوَردُ فِي شَطِّ الخَلِيجِ كَأَنَّهُ

رَمَدٌ أَلَمَّ بِمُقلَةٍ زَرقَاءِ

وَكَأَنَّ غضَّ الزهرِ فِي خُضرِ الرُّبَى

زهرُ النجُومِ تَلُوحُ بِالخَضراءِ

وكأَنَّمَا جَاءَ النَّسِيمُ مُبَشِّراً

لِلرَوضِ يُخبِرُهُ بِطُولِ بَقَاءِ

فَكَسَاهُ خِلعةَ طِيبَةٍ ورَمَى لَهُ

بِدَرَاهِمِ الأَزهَارِ رَميَ سَخَاءِ

وكَأَنَّمَا احتَقَر الصَّنِيعَ فَبَادَرَت

بِالعُذرِ عَنهُ نَغمَةُ الوَرقَاءِ

وَالغُصنُ يَرقُصُ فِي حُلَى أَورَاقِهِ

كَالخَودِ فِي مَوشِيَّةٍ خَضرَاءِ

وَافتَرَّ ثَغرُ الأُقحُوَانِ بِمَا رَأَى

طَرَباً وَقَهقَهَ مِنهُ جَريُ المَاءِ

أَفدِيهِ مِن أُنسٍ تَصَرَّمَ فانقَضَى

فَكَأَنَّهُ قَد كَانَ فِي الإغفَاءِ

لَم يَبقَ مِنهُ غَيرُ ذِكرَى أَو مُنىً

وَكِلاهُمَا سَببٌ لِطُولِ عَنَاءِ

أو رُقعَةٌ مِن صَاحِبٍ هِيَ تُحفَةٌ

إِنَّ الرِّقَاعَ لَتُحفَةُ النُّبَهاءِ

كَبِطَاقَةِ الوَشقِيِّ إِذ حَيَّا بهَا

إِنَّ الكِتَابَ تَحِيَّةُ الخُلَطاءِ

ما كُنتُ أَدرِي قَبلَ فَضِّ خِتَامِهَا

أَنَّ البَطائِقَ أَكؤسُ الصَّهبَاءِ

حَتَّى ثَنيتُ مَعَاطِفِي طَرَباً بِهَا

وَجَرَرتُ أَذيَالِي مِنَ الخُيَلاءِ

فَجَعلتُ ذاك الطِرسَ كَأسَ مُدامَةٍ

وجَعَلتُ مُهدِيَهُ مِنَ النُدَمَاءِ

وعَجِبتُ مِن خِلٍّ يُعَاطِي خِلَّهُ

كَأساً وَرَاءَ البَحرِ وَالبيدَاءِ

وَرَأَيتُ رَونَقَ خَطِّهَا فِي حُسنِهَا

كَالوَشيِ نَمَّقَ مِعصَمَ الحَسنَاءِ

فَوَحَقِّهَا مِن تِسعِ آيَاتٍ لَقَد

جَاءَت بتَأيِيدي عَلَى أَعدَائِي

فَكَأَنَّنِي مُوسَى بِها وكَأّنَّها

تَفسيرُ مَا فِي سُورَةِ الإِسرَاءِ

لو جادَ فِكرُ ابنِ الحُسَينِ بِمِثِلهَا

صَحَّت نُبُوَّتُهُ لدَى الشُّعَرَاءِ

سَودَاءٌ إِذ أَبصَرتَهَا لَكِنَّها

كَم تَحتها لكَ مِن يَدٍ بَيضَاءِ

ولَقد رَأيتُ وَقَد تَأَوَّبَنِي الكَرَى

فِي حَيثُ شَابَت لِمّةُ الظَلمَاءِ

أنَّ السماءَ أَتَى إِلَيَّ رَسُولُهَا

بِهَدِيَّةٍ ضَاءَت بِهَا أَرجَائِي

بِالفَرقَدَينِ وَبِالثُّرَيَّا أُدرِجَا

فِي الطَّيِّ مِن كَافُورَةٍ بَيضَاءِ

فَكَفَى بِذاَكَ الطِّرسِ مِن كَافُورِهِ

وَبِنَظمِ شِعركَ مِن نُجُومِ سَمَاءِ

قَسَماً بِهَا وَبِنَظمِهَا وبِنَثرِهَا

لَقَدِ انتَحَت لِي مِلءَ عينِ رَجَائِي

وَعَلِمتُ أنَّكَ أَنتَ فِي إِبدَاءِهَا

لَفظاً وَخَطّاً مُعجِزُ النًّبَلاءِ

لا مَا تَعَاطَت بَابِلٌ مِن سِحرِهَا

لا مَا ادَّعَاءُ الوَشيُ مِن صَنعَاءِ

ولَقَد رَمَيتُ لَهَا القِيَادَ وإنَّهَا

لَقَضِيَّةٌ أَعيَت عَلَى البُلَغَاءِ

وَطلَبتُ مِن فِكرِي الجَوَابَ فَعَقَّنِي

وَكَبَا بِكَفِّ الذِّهنِ زَندُ ذَكَائِي

فَلِذَا تَركتُ عَروضَهَا وَرَوِيَّهَا

وَهَجَرتُ فِيهَا سُنَّةَ الأُدَبَاءِ

وَبعثتها ألفِيَّةً هَمزِيَّةً

خِدعاً لِفِكرٍ جَامِعٍ إِيبَائِي

عَلِمت بِقَدرِكَ في المَعارِف فانبَرَت

من خَجلَةٍ تَمشِي عَلَى استِحيَاءِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن صفوان التجيبي

avatar

صفوان التجيبي حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Safwan-Al-Tajbi @

81

قصيدة

78

متابعين

صفوان بن إدريس بن إبراهيم التجيبي المرسيّ أبو بحر. أديب من الكتاب الشعراء، من بيت نابه، في مرسية مولده ووفاته بها. من كتبه (زاد المسافر-ط) في أشعار الأندلسيين، وله مجموع ...

المزيد عن صفوان التجيبي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة