الديوان » العصر الأندلسي » عزوز الملزوزي » بحمد الله أفتتح الخطابا

عدد الابيات : 144

طباعة

بِحَمدِ اللَهِ أَفتَتِحُ الخِطابا

وَأَبدأ في النِظام بِهِ الكِتابا

لَعَلّ اللَّه يُبلِغني الأَماني

وَيَفتح بِالسُرور عَليَّ بابا

وَيُرشِدُني إِلى نَقلٍ صَحيحٍ

وَيَرزُقني مِن القَول الصَوابا

هُوَ المَلِكُ الَّذي خَلَق البَرايا

وَصَوّرهم وَقَد كانوا تُرابا

إِلاهٌ وَاحِدٌ حَيٌّ مريدٌ

عَليمٌ قادرٌ بِالجود حابى

يَرى أَثَر النّمَيلَة حينَ تَمشي

وَتقطَع في الدُجى الصمّ الصلابا

وَيَسمَعُها إِذا دَبّت عَلَيه

وَجُنحُ اللَيل قَد أَمسى غُرابا

تقدّس عَن صِفات الخَلق طرّاً

وَإِن يُعزى لَهُ الوَصف اِكتِسابا

يُحِيطُ بعلم ما تَحوِي عَلَيه

طِباقُ السَبع إِن دُعِيَ اِستجابا

وَيَعلمُ في الأَرضي السَبع علماً

يُحيطُ بِعَدّ حَصبَاها حِسابا

وَلم لا وَهوَ أَنشأنا اِمتِناناً

وَواعِدنا عَلى الحُسنى المَثابا

وَأَنشأ في السَماء لَنا بُرُوجاً

وَأَلبَسَها بِزينتها ثِيابا

وَأَجرى الشَمسَ ثُمَّ البَدر فيها

وَسَخّرَ بِالرّياح لَنا سَحابا

لِتَسقي بَلدةً مَيتاً بِغَيثٍ

هَمُولٍ بِالحَياة هَمى وَصابا

وَأَجرى في بَسيطتها عُيُوناً

مدفّقةً وَأَوديةً عِذابا

وَأَرسَل في الوَرى مِنهُم رَسولاً

شَفيعاً مُصطَفى يَتلو الكِتابا

مُحمَّدٌ النَبيُّ المُجتَبى مِن

سُلالة هاشمٍ فَالأَصل طابا

وَقَد أَسرى بِهِ مَولاه لَيلاً

وَجبريلٌ لَهُ أَخَذَ الركابا

دَنا مِن حَضرة العَليا تَدلّى

وَحازَ القُرب مِنهُ فَكانَ قابا

عَلَيهِ صَلاة رَبّ العَرش تَترى

مَدى الأَيّام تورِثُنا الثَوابا

وَما سَحّت بِماء المُزن سُحبٌ

فَحلّى الزَهرُ بِالزَهرِ الهِضابا

هُوَ المَبعوث بشّرَنا بِبُشرى

مِن المَولى وَأَنذَرَنا العِقابا

وَحَرّضنا عَلى قَتل الأَعادي

نضيقُ بِهم تِلالاً أَو شِعابا

وَنَبذُلُ في جِهاد الكُفر نَفساً

وَمالاً قَد جَمَعناه اِكتِسابا

فصدّقه أَبو بكر عَتيقٌ

وَثانيه أَبو حفصٍ أَجابا

وَثالثهم أَبو عمرٍو وَوَفّى

أَبو حسنٍ طِعاناً أَو ضرابا

هُم الخُلَفاء أَربَعةٌ تَواصَوا

عَلى الإِسلام صَوناً وَاِحتِجابا

وَباقي العَشرَةِ المَرضِيّ عَنهُم

سموا وَعَلا ابنُ عَوفِهم الشِهابا

سَعيدٌ وَاِبن جرّاحٍ وَسَعد

زُبَير طَلحة كَرُموا صِحابا

هُم قَد بايَعوا المُختار حَقّاً

عَلى أَن لا يُضام وَلا يُصابا

وَأَن تَفنى نُفوسُهُم اِحتِماءً

لِدين اللَه بُعداً وَاِقتِرابا

وَهُم قَد جاهَدوا في اللَهِ حَقّاً

وَسلّوا في عداتهم الذّبابا

عَلَيهم رَحمة الرَحمن تَملا

بِنور مِن قُبورهم الرحابا

فَقَد بانُوا وَبانَ منِ اِقتَفاهم

خَفى نورٌ بَدا مِنهُم وَغابا

وَعادَ الدّين بَعدَهُم حَقيراً

وَمُنسحِقاً وَمُمتَهَناً مُصابا

وَصارَ بِغربِنا الأَقصى غَريباً

فَيا لِلدين يَغترب اِغتِرابا

وَلَم يُعلَم جِهادٌ لِلأَعادي

بِها ذي الأَرض يُحتسبُ اِحتِسابا

إِلى أَن فتّح الرَحمنُ فيهِ

لِيَعقوب بنِ عَبد الحَقّ بابا

لِمَولانا أَمير العَدل مُلك

بِهِ اِنسَلَبت يَدُ الكُفر اِنسِلابا

وَلَم نَرَ قَبلَهُ في العَصر مَلكاً

أَرانا في العِدا العَجب العُجابا

فَهَنّأه الإِله السَعدَ فيهِ

وَنيّةَ صِدقِهِ بِرّاً أَثابا

دَعا لِلّه دَعوةَ مُطمئنٍّ

لِمَولاه دُعاءً مُستَجابا

فَلَبّى اللَهُ دَعوَته وَسنّى

لَهُ الحُسنى وَجَنّبه الصِعابا

فَجازَ البَحر مُجتَهِداً مِراراً

يَقود إِلى العِدا الخَيل العِرابا

فَأَلبَس ملكهم ذلّاً وَصارَت

بِهِ الأَملاك تَرتهب اِرتِهابا

أَبَعدَ جَواز أَرض البِرث فَخرٌ

تَزيد بِهِ مَنالاً وَاِعتِجابا

هُوَ القُطب الَّذي دارَت عَلَيهِ

نُجوم السَعد لا تَخشى اِضطِرابا

بَنوه نُجومُهُ وَالبَدر فيهم

وَليّ العَهد مَن بِالفَضل حابى

أَبو يَعقوب مَولانا المُرجّى

لِدَفع الخطب إِن أَرسى وَنابا

هُوَ المَلكُ الَّذي أَعطى وَأَقنى

وَصَيّر طَعم عَيشٍ مُستَطابا

وَأَبناء الإِمارة تَرتَجيهم

وَأَحفاد العُلا اِعتَصَبوا اِعتِصابا

أُوفّي حَقّهم فَرداً فَفَرداً

كَما جَعَلوا الجِهاد لَهُم نِصابا

وأذكُر غَزوَ هَذا العام حَتّى

أذكّرُ كُلّ شَخصٍ ما أَصابا

وَأَنشُر مِن فَخار مَرِينَ بُرداً

كَما اِحتَزَبوا لِدينهمُ اِحتِزابا

وَأَروي مَدحَهُم في الدَهر شعراً

أُدَوّنه وَأودِعُه الكِتابا

لِيَبقى ذكرُهُم في الأَرض يُتلى

يَراه الركبُ زاداً وَاِحتِقابا

فَعزّهُمُ مَكينٌ في المَعالي

وَعزّ سِواهُمُ أَضحى سَرابا

سَأودِع غَزوَهُم في الروم نَصّاً

نِظاماً لا أَخاف بِهِ اِضطِرابا

وَأذكر مِن وَقائعهم أُموراً

يَصير بِهنّ طَعم الشرك صابا

فَهَل مِن سامع خَبَراً لُباباً

يَردّ عَليّ بِالصدق الجَوابا

فَيُصغي سَمعَه نَحوي اِمتِناناً

يَقول إِذا أَصَبت لَقَد أَصابا

وَذَلِكَ أَنّ مَولانا أَناخَت

عَزائِمهُ بِطنجَةٍ الركابا

فَجازَ البَحر في صفر خَميساً

بِخامس شَهرِهِ قَصد الضرابا

وَحَلّ طَريفاً المَولى بِجَمعٍ

كَسا شُمّ المَعاقِل وَالهِضابا

وَفي غَدِ يَومِهِ ضُرِبَت لَدَيهِ

هُنالِكَ قُبّة تُنسي القِبابا

زَهَت حُسناً وَجَمّلَها سَناها

لَها اِختاروا مِن الحِبر الثِيابا

وَلَم يُرَ مثلُها في الحُسن لَكن

قَد اِنتُخِبَت بِسبتَةٍ اِنتِخابا

فَحَلَّ بِها كَأنّ الشَمس لاحَت

بِطَلعَتِهِ اِزدهاءً وَاِعتِجابا

فَيا لَكِ قبّةً يَحكي سَناها

سَنا الفلكِ المُحيطِ بِها اِنتِسابا

وَخَلّف عامِراً وَأَتى قَريباً

مِنَ اِركُش ثُمَّ رامَ بِهِ اِجتِلابا

وَرامَ نِكايَةَ الأَعداء فيهِ

فَأَوسَعُه اِحتِرافاً وَاِنتِهابا

وَمِنهُ أَتى شَرِيساً في جُموعٍ

وَوافته مَحَلّتُه إِيابا

فَأَوسَعتِ الزرُوعَ بِها اِحتِصاداً

وَأَوسَعت الغُروس بِها اِحتِطابا

أَذاقت مِن شَلُوقَةَ كُلّ ربع

وَرَوض مِن قَناطرها عَذابا

مَدِينتُها وَقَلعتها بُحَير

أَشاعوا في نَواحيها خَرابا

وَجَهّز لِلعِدا مَنصورَ جَيش

لِيَترك دارَهُم قَفراً يبابا

عَلى أَشبيليةٍ أَجرى خُيُولا

فَأَوسَع مَن بِساحتها اِنتِهابا

سَبى مِنهُم وَغادر أَلفَ عِلجٍ

تطاير عَنهُم الطَيرُ الذُبابا

وَآب مظفّراً وَأَبو عليٍّ

أَخوه أَتى وَقَد حَمَدوا الإِيابا

وَجَهّز جَيشه عَمرٌو وَوافى

ذُرى قَرمُونَةٍ يَحكي الغرابا

وَلَم يَترُك بِها أَحَداً سِوى مَن

بِها يَنكبّ في الأَرض اِنكِبابا

أَتى بِغَنائمٍ مَلَأَت عَديداً

بَسيطَ الأَرض بَل غَطّت شِعابا

وَجَيش أَبي مُعَرّف المَعلّى

عَلى اِشبِيليّةٍ حطّ القِبابا

أَتى بِغَنيمة فيها سَبايا

وَأَوصَل مِن مَراكِبهم لُبابا

بِذاك اليَوم سارَ أَبو عليّ

إِلى بُرجٍ فَصيّره خَرابا

وَغَزوةُ مَشقَرِيطٍ لَيسَ تَخفى

فَضائلها لَقَد حسنت مَآبا

وَلا أَنسى البُروز عَلى شَرِيس

فَأَهلُ البُرج قَد ذاقوا العَذابا

فَذاكَ اليَوم أَعظمُ يَوم حَرب

رَأَيناه إِذا ذَكَروا الضِرابا

وَيَوم وُصول مَولانا المُرجى

أَبي يَعقوب أَشرَق وَاِستَطابا

هُناك بُروز أَهل الدين رَدَّت

مَحاسِنهُ عَلى الدَهر الشَبابا

وَلا أَنسى القَناطر حينَ دارَت

بِها الإِسلامُ توسعها اِنتِهابا

وَأَهلُ شَريسَ لَمّا أَن تَراءى

وَليّ العَهد قَد فَرِقوا اِرتِعابا

هُنالك خصّص المَولى بِجَيشٍ

أَبا يَعقوب مَولانا وَحابى

بِأَربعةٍ مِن الآلاف خَيلاً

مُسوّمة مظفّرة عِرابا

وَأَجرى الخَيل مِن كُلّ النَواحي

عَلى اِشبيلية شَرْفاً وَغابا

فَلَم يَترك بِتلكَ الأَرض خلقاً

أُسارى أَو سَبايا أَو سلابا

فَتِلكَ غَنيمة ما إِن سَمِعنا

بِهذا العام أَكثرها اِنجِلابا

وَبَعد أَتى أَبو زَيّان وافى

شَريساً بِالبُروز وَما اِستَرابا

بِهَذا اليَوم جَهّزه بِأَلفٍ

إِلى قرمُونة وافى الصَوابا

وَجاءَ بِزَرعِها وَاِنحازَ عَنها

إِلى اِشبيلية وَلَها اِستِتابا

وَقَتّل أَهلها وَسبى وَوَلّى

حَميداً في سُرور من اِستَطابا

وَمَولانا أَبو يَعقوب وافى

شَلُوقَة ثُمَّ حَرّقها ضرابا

إِلى كَبتُور أَعمَلَ حَدّ عَزم

لَو اِنّ الهِندَ مُسّ بِهِ لذابا

أَحاطَ بربعها برّاً وَبَحراً

فَدمّرها وَصيّرها يبابا

وَخلّف أَرضَها غبراً وَأَضحَت

حَمامةُ حسن مَغناها غُرابا

وَلَمّا دَوّخ المَولى النَصارى

وَأَلبَسَهُم مِن الذُلّ الثِيابا

وَلَم يَترُك بِأَرضهم طَعاماً

وَلا عَيشاً هَنيّاً مُستَطابا

وَأَعوَزَه بِها عَلَف وَطالَت

بِها حَركاتُهُ قَصد الإيابا

وَقَد ظَهَرَت لِأُسطول الأَعادي

عَلاماتٌ تَزيدهم اِرتيابا

يؤمّ إِلى الجَزيرة رامَ مِنها

يِجدّد غَزوةً تدني الثَوابا

إِلى اِشبيليةٍ ليبيد مِنها

طغاة طالَما عَبدوا الصلابا

وَيَلزَمُها يقيم بِها شِتاء

يهدّمها وَيُبقيها خَرابا

فَلَما حَلّ ربعَ طَريفَ وَالى

إِلى أَجفانِهِ الغُرّ الكِتابا

فَيَأمُر أَن تُجَهّز لِلأَعادي

أَساطلُه فَأَسرَعَت الجَوابا

فَجَهَّزَها وَوافَت بِاِحتِفالٍ

وَبَأسٍ مِنهُ رَأسُ الكُفر شابا

هُنالك شَنجَةٌ وافى شريساً

بِلَيلٍ ثُمّ عايَن ما أَرابا

فَوجّه مِنهُ أَرسال النَصارى

إِلى المَولى لِيُسعِفَه الطلابا

يُطالبه بِعَقد الصُلح يُعطي

لَهُ ماذا أَراد وَما اِستَجابا

وَلَم يَقبل لَهُم قَولاً وَآبت

لَهُ الأرسال حائِرة خِيابا

وَلَم يَرددهم المَولى سِوى مِن

حَديثِ البَحر لا يَربو اِرتِيابا

فَقَرّب جَيشَهُ المَنصور بَحراً

إِلى أُفرُوطَة الكُفر اِنسيابا

فَلَما بَرّز الأُسطول فَرّت

جُيوش الكُفر في البَحر اِنسِرابا

وَما أَلوَت عَلى مُتعذّريها

وَلَو سُئِلَت لَما رَدَّت جَوابا

فَجازَ إِلى الجَزيرة في سُرورٍ

يجدّد غَزوة تُبدي العِجابا

فَوافته بِها الأرسال تَبغي

بِعطفته مِن الصُلح اِقتِرابا

فَأَسعَفَهُم بِهِ جازاه رَبّي

عَلى آرائِهِ الحُسنى الصَوابا

وَيَجعلُ فيهِ للإسلام طرّاً

مَصالحَها الَّتي تَرِدُ الطلابا

وَذَلِكَ مِن أُمورٍ قَد حَكاها

لَنا المَولى وَأَحصاها حِسابا

فَبادر شَنجةٌ في الصُلح حَتّى

تَقرّب مِن مَدينته اِقتِرابا

وَجاءَ لِقَيله الأَعلى وَأَعطى

هَديّاتٍ لِمَولانا رِغابا

فَكانَ هُناكَ بَينَهُما أُمور

يُنسّيني السُرور بِها الخِطابا

وَأَسرع شَنجة للعقد حِرصاً

وَأَظهَر فيهِ لِلمَولى اِرتِغابا

فَتمّ الصُلح بَينَهُما لِعُذرٍ

مُبين واضحٍ وَالسرّ غابا

فَهَذي جُملة وَالشَرح عِندي

سَأودعه بِإِيضاح كِتابا

هَنيئاً يا مَرِينُ لَقَد عَلَوتُم

بَني الأَملاك بَأساً وَاِنتِجابا

وَفاخَرتُم بِمَولانا البَرايا

فَأَعطوكم قِياداً وَاِنغِلابا

أَبعد الفُنش وَاِبن الفُنش يَبغي

رِضاكُم لا يَخاف بِهِ الغِيابا

فَحزبُ مرين حزبُ اللَهِ يَحمي

حِمى الإِسلام لا يَخشى عِقابا

إِذا سلّوا السُيوف تَرى الأَعادي

وَقَد حَلّوا الربى مَدّت رِقابا

هُم أَشفارُ عَين الملك تَذري

عَن الملك القَتام أَو التُرابا

وَهُم مثل الأَنامل حَيث مَدَّت

يَد الأَمر الَّتي تُعطي الرِغابا

مرينُ لَقَد مَدحتكم فوفّوا

لِمادحكم بِبُغيَتِهِ الثَوابا

وَقَد وَرّختُ دَولتكم وَصارَت

حِلى يَحدو بِها الحادي الرِكابا

وَكُلّ مُنظّم شعراً سيفنى

وَيَبقى فيكُم مَدحي كِتابا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عزوز الملزوزي

avatar

عزوز الملزوزي حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Azzouz-ElMalazouzi @

12

قصيدة

1

الاقتباسات

74

متابعين

أبو فارس عبد العزيز بن عبد الرحمن بن محمد. يعرف بعزوز الملزوزي نسبة إلى ملزوزة إحدى قبائل زناتة. وهو من أهل مكناس كان شاعر دولة المنصور المريني والأديب الملحوظ في بلاطه. كان ...

المزيد عن عزوز الملزوزي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة