الديوان » لبنان » المفتي عبداللطيف فتح الله » أيها الألمى وما أحلى اللمى

أَيّها الأَلمى وَما أَحلى اللّمى
جارِياً في فيكَ حاويَ اللعَسِ
كَرَحيق فيه درّ نُظِما
ضمن ياقوتٍ فمينٍ ألعسِ
قَدُّكَ الرّمحُ تَثنّى كالقَضيبْ
وَهوَ غُصنٌ قَد تَربّى بالدّلالْ
وَعَليهِ كلُّ قلبٍ عندليب
قَد بَدا يثني عَلَيه بِالجَمال
وَلَهُ طارَ حِجى كلِّ أَديب
خَلَعَ العَقلَ فَأَضحى كَالخِلال
يَسهَرُ اللّيلَ وَيَرعى الأَنجُما
وَيُجاري لِلجَواري الكنَّسِ
بِاِلتِياعٍ وَغَرامٍ أحرما
مُقلَتَيهِ ذَوقَ طَعمِ النّعسِ
خَدُّك الرَّوضَةُ فيها أَينَعا
وَردُها القاني على صَحنِ الخُدودْ
آسُها الأَخضَرُ لَمّا طلَعا
نَضِراً قَد دارَ سوراً بِالورود
لَحظُكَ العَضْبُ الّذي قَد قَطعا
وَخَلا عَن مِثلِهِ كلُّ الوجود
يا ذَوي الأَفهامِ حاذوا الحَكَما
هَل رَأَيتُم مَنْصِلاً مِن نَرجِسِ
جَعَل الآسَ نِجاداً وَحَمى
وَردَهُ المنبت أَغلى السندُسِ
صَدغُكَ العَقربُ يَعلو حاجبا
هوَ قَوسٌ كانَ في الأصلِ الهِلالْ
حَلَّ في الشَّمسِ فَأَضحى ذاهِبا
نورُهُ مِنهُ اِنكِسافاً بِالجَمال
وَبِهِ أَضحى مُقيماً لاذِبا
ما لَهُ في دَهرِهِ عَنها اِنفِصال
وَاِحتَوى مِنها جَمالاً قَد سَما
ما بِهِ قَد كانَ قبلاً يَكتَسي
ضَوؤُها مِن تَحتِهِ بَرقُ السّما
قَد حَكاهُ لامِعاً في الغلَسِ
خالُكَ المِسكُ بِخَدَّيكَ اِلتَصَقْ
قامَ كَالشّحرورِ في رَوضِ الوُرودْ
وَهوَ قَلبي مِن لَظى الخدِّ اِحتَرق
لاذَ فيهِ شاكِياً نارَ الصّدودْ
آخِذاً فيهِ عِذاراً كالحلَقْ
خَشيَةً مِن أَنّه نَحوي يَعود
هَنِّئوني حَيثُ قَلبي نَعِما
بِلَظى الوَجنَةِ ذاتِ القَبسِ
وَهيَ الجنّةُ فيها خَيرُ ما
مِن حَياءٍ لِحَياةِ الأنفسِ
وَجهُكَ البدرُ الَّذي قَد أَشرَفا
مِن سَماءِ الحُسنِ في الوَقتِ السّعيدْ
ثَغرُكَ الكَأسُ يُعاطي قَرقفا
كَلُجَينٍ ضمنَ ياقوتٍ فريدْ
شَعرُكَ المُسبَلُ فيهِ اِكتَنَفا
صَفحَتا جيدِكَ ذي العِقدِ النّضيدْ
خِلتُهُ لَيلاً بَهيماً مُظلِما
فيهِ يَبدو الصّبحُ لِلمقتبِسِ
بِأَبي اللّيل إِذا ما اِبتَسَما
صُبحُهُ نوراً بِجنحِ الحِندِسِ
يا لَقَومي في هَوى ساجي المُقَلْ
أذهلَ العقلَ وعقلي قد سَبى
وَرأَى قتلى حلولاً وَاِستَحَلْ
مُهجَتي في حبِّه أَن يَنهَبا
مُذْ لِمِثلي سَيفُ لَحظَيهِ قتَلْ
وَاِرتَضى بِالقَلبِ منّي سَلبا
أَخَذَ الأَرواحَ مِنّا مَغنماً
وَهوَ مثلُ الضّيغَمِ المفترسِ
لَيتَهُ في تَرْكِ هَجري أَنعَما
يَجعَلُ التركَ مَحل الخمسِ
آهِ مِن حَرِّ التّجافي في الهَوى
أَلبسَ الصّبَّ ثيابَ العللِ
وَبِهِ قَد لَعِبت أَيدي النّوى
وَسَقَتهُ خَندَريس الخبلِ
وَاِعتَلاهُ الوَجْدُ نَمّاهُ الجَوى
كَيفَ يُجدي فيهِ عَذْلُ العُذَّلِ
يا عَذولي كَيفَ تَلحو أَبكماً
ذا عَمىً مَع صَممٍ مع خرسِ
فَإِذا أَنتَ سَفيه حلماً
جاهلٌ ذو عَتَهٍ مع هَوَسِ
يا لَقَومي بِهُيامي خبّروا
وَغَرامي بِالغَزالِ الأكحَلِ
وَيحَ قَلبي كَيفَ قَلبي يَصبرُ
عَن غَزالٍ فيهِ يَحلو خَبلي
وَهوَ شَمسُ الحسنِ وهو القمرُ
مِن ذُرى السّعدِ بِأَعلى منزلِ
في ثُريّا الحسنِ مِن أَسمى سَما
إِنْ بَدا يَمحو ضياءَ الخنَّسِ
وَهوَ لَو يَسطو يَفوقُ الضيغَما
وعجيبٌ وهو ظبيُ المكنسِ
إِنّما في حُسنِهِ الباهي البَديعْ
ظَلّ يَحلو مِن نَشيبٍ غَزلي
بِنِظامٍ يَزدَري زَهرَ الرّبيع
وَاِمتِداحٍ بِالجَمالِ المُعتلي
كَم سَما المَدحُ عَلى الحُسنِ الرّفيعْ
لَيسَ يَسمو المَدحُ إِلّا في علي
مَن لَهُ العَلياءُ صارَت سُلَّما
لِبُروجِ العِزِّ فَوقَ الأرؤُسِ
لِاِرتِقاءِ المَجدِ في أَوج سَما
مِن ذُرى الأَفلاكِ فَوقَ الأَطلَسِ
حُلّةُ العَلياءِ زينُ الشرفِ
حليةُ العزِّ وتاجُ الاِفتِخارْ
جَوهَرُ المَجدِ الثمينُ الصدفِ
صينَ بِالإِجلالِ في أَسنى الوَقار
الرّفيعُ القدرِ سامي الغرفِ
وَالفَخيمُ الفَخرِ وَالعالي المَنار
يا لَهُ فَخماً جَليلاً عَظُما
في عُيونِ النّاسِ ثمَّ الأنفُسِ
وَهوَ فَردُ الدّهرِ مثلاً عُدِما
لا تَقِسْ فيه اِمرَأً لا تَقسِ
مُهجَةُ المَعروفِ روحُ الأدبِ
نورُ عَينِ المَجدِ إِنسانُ الزّمانْ
الشّريفُ الأصلِ عالي النّسَبِ
بَهجَةُ الأَرواحِ رَيحانُ الجِنانْ
أَبيَضُ العِرْضِ النقيُّ الحسَبِ
الكَريمُ النّفس في كُلِّ أَوانْ
الحَميدُ الذاتِ في كيْسٍ وما
أحسنَ الكَيْسَ بذاتِ الكيّسِ
الضَّحوكُ الوجهِ ثغراً وفما
وهو طَلْقٌ دائماً لم يعبسِ
ضَيغَمَ الهَيجاءِ ضِرغامُ الشّرى
غِيلُهُ الأُسْدُ لَديه تُذبحُ
فارِسُ البَيداءِ أَنسى عَنتَرا
فَلَدَيهِ عَنتَرٌ لا يُمدحُ
لَو عَلا أَشهَبه ثمَّ جَرى
خِلتُهُ فَوقَ الثريّا يرمَحُ
آخذاً ضمنَ يديه الأنجُما
راكباً فرقَدها كالفَرسِ
وَاِحتَوت يُمناهُ مِنها لَهْذَما
كَعمودِ الصّبح وقت الغلَسِ
مُفردٌ في الدَّهرِ بَينَ الأممِ
آصَفٌ عزماً عليُّ الهممِ
حسنُ الخلق ضَحوكُ المبسمِ
أحنفُ الحِلمِ حميدُ الشِّيَمِ
سَلسُ اللّفظِ بَليغُ الكلِمِ
حاتمُ الجودِ وبحرُ الكرمِ
بَذلُهُ النّذرُ يَفوقُ الدِّيَما
كلُّ مَنْ قد أمّه لم ييئَسِ
بَشِّروا العافيَ أنْ لو يَمّما
أَنّه يُحبى بما لم يهجِسِ
يا رَعاهُ اللَّهُ مِن شَهمٍ جَليلْ
وَوَجيهٍ لا يُضاهيهِ وَجيهْ
وَنَبيلٍ في البَرايا وَجَميل
وَنَبيهٍ لَيسَ يَحكيهِ نَبيه
وَأَميرٍ مفردٍ في كلِّ جيل
يَتَحاشى عَن نَظيرٍ وَشَبيه
مَن رَأى مِثلاً لَهُ قَد وَهِما
وَمِنَ الأَخطاءِ لَم يَحترسِ
كَيفَ وَالبدرُ مِثالاً عُدِما
لَو بَدا مِثلٌ لَه لَم يرؤسِ
دامَ في عِزٍّ وَمَجدٍ وسُعودْ
وَمَعالٍ تَحمِلُ الجاهَ العَريضْ
وَاِرتِفاعٍ وَاِرتِقاءٍ وصُعود
وَعَليهِ نِعَمُ اللَّهِ تَفيض
وَبِخَيراتٍ عَلى رَغمَ الحَسود
ما حَلا في مَدحِهِ نَظمُ القَريض
وَلَه مِثلي بِمدحٍ خَدما
ضِمنَ عِقدٍ مِن قريضٍ سَلسِ
ما نَسيمٌ سَحراً قَد نَسّما
فَحَبا الأَغصانَ حسنَ الميَسِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن المفتي عبداللطيف فتح الله

avatar

المفتي عبداللطيف فتح الله حساب موثق

لبنان

poet-Mufti-Fathallah@

1294

قصيدة

3

الاقتباسات

91

متابعين

عبد اللطيف بن علي فتح الله. أديب من أهل بيروت، تولى القضاء والإفتاء. له نظم جيد في (ديوان -ط) و(مقامات -خ)، و(مجموعة شعرية -خ) بخطه، ألقاها في صباه سنة 1200ه‍في ...

المزيد عن المفتي عبداللطيف فتح الله

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة