الديوان » العصر العباسي » الواساني » من لعين تجود بالهملان

عدد الابيات : 195

طباعة

من لعين تجود بالهملان

ولقلب مدله حيران

يا خليلي أقصرا عن ملامي

وارثيا لي من نكبتي وارحماني

ومتى ما ذكرت دعوة أولا

د البغايا والعاهرات الزواني

فانتفا لحيتي وجزا سبالي

وبنعل الكنيف فاستقبلاني

ما الذي ساقني لحيني إلى حت

في وما غالني وماذا دهاني

من عذيري من دعوة أوهنت عظ

مي وهدت بهولها أركاني

كنت في منظر ومستمتع عن

ها ومن ذا يغتر بالحدثان

فنزت بطنتي وهاجت على نف

سي بلاءً ما كان في حسباني

كان عيشي صاف فكدره أه

ل صفائي بنو أبي صفوان

فارثوا لي يا معشر الناس من ض

ري ومن طول عطلتي وامتحاني

ضرب البوق في دمشق ونادوا

لشقائي في سائر البلدان

النفير النفير بالخيل والرج

ل إلى فقر ذا الفتى الواساني

جمعوا لي الجموع من خيل جيلا

ن وفرغانة إلى ديلمان

ومن الروم والصقالب والتر

ك وخلقاً من بلغر واللان

ومن الهند والطماطم والبر

بر والكيلجوح والبيلقان

لم يبقوا ممن عددت من الآ

فاق من مسلم ولا نصراني

والبوادي من الحجاز إلى نج

د معديها مع القحطاني

كل ضرب فمن طوال ومن حد

ب قصار والحول والعوران

وشيوخ مثل الفراخ وشبا

ن رحاب الأشداق والمصران

معد جوعت ثلاثين يوماً

بسلاح شاك من الأسنان

من مرند ومن تكين وطرخا

ن وكسرى وخرد وطعان

وخمار وزيرك وعجيب

وبديع وفارس وجوان

وجريح ونار قسطا ويونا

ن وبرحفثيا يوحنان

وطراد وجهيل وزياد

وشهاب وعامر وسنان

قمش جمعوا بغير عقول

ردعتهم عني ولا أديان

هل سمعتم بمعشر جمعوا الخي

ل وساروا في الرجل والفرسان

رحلوا من بيوتهم ليلة المر

فع من أجل أكلة مجان

يركضون البريد تسعة أميا

ل بنص الوجيف والذملان

شره بارد وحرص على الأك

ل بأنا قوم من المجان

ما شعرنا ونحن من آمن العا

لم إلا بصرخة الديدبان

أدركوني فهذه غرر الخي

ل وسمر يعسلن كالأشطان

لست أنسى مصيبتي ويوم جاءوا

ني وقد غص منهم الواديان

وردوا ليلة الخميس علينا

في خميس ملء الربا والمحاني

متلئب كالسيل لا يلتقي من

ه لفرط انتشاره الطرفان

شزروني بأعين تقدح الن

يران خوص إلى العدو زواني

أشرفوا لي على زروع وأحطا

ب وبيت من خيره ملآن

لبن قارس وخبز كثير

وقدور تغلي على الدادكان

وشواء من الجداء ومعلو

ف دجاج وفائق الحملان

وشراب ألذ من زورة المع

شوق بعد الصدود والهجران

يخجل الورد في الروائح والطع

م ويحكي شقائق النعمان

أذكرتني جيوشهم يوم جاءو

ني جيوش العدو في رغبان

بقدم القوم هاشمي هريت الش

دق رحب المعي طويل اللسان

هو نمس الدجاج والبط والأو

ز وذئب النعاج والخرفان

والشريفان أشرفا في خلال ال

خيل في موكب من الحبشان

وسواد من عظمه طبق الأرض

وخيل تهوين كالظلمان

وأبو القاسم الكبير على طر

ف كميت أقب كالسرحان

وأخوه الصغير يعترض الخي

ل على قارح عريض اللبان

وهما يهويان بالسوط والرج

ل إلى ما يسوءني مسرعان

أي قلب يطيق شتم بني خي

ر البرايا وأكرم النسوان

غير أني يوم القيامة أشكو

هم إلى الحرة الحصان الرزان

وأنادي يا بنت خير النبيي

ن ويا أم أكرم الفتيان

أي شيء صنعت بابنيك حتى

غزواني في الزنج والسودان

والسري الذي سرى في جيوش

أضعفتني وقصرت من عناني

بفم أشوه وشدق رحيب

وبكف يجول كالصولجان

وأخوه الفضل الذي بان للعا

لم من فضل أكله نقصاني

والشمولي خلقه خلق ترا

س عريض الأكتاف عبل الحران

لست أنساه جاثياً جاحظ العي

ن عبوساً في صورة الغضبان

كالعقاب الغرثان يقتنص اللح

م ويهوي إلى طيور الخوان

والأديب الذي به كنت أعت

د غزاني للحين فيمن غزاني

وكذا الكاتب الذي كان جاري

وصديقي ومشتكى أحزاني

غيرته الأيام حتى أتاني

جائعاً للشقاء مذ سنتان

وصديق الأشراف أخنى على خم

ري وأفنى بالكرع ما في دناني

كلما شقق مجد رخي ال

بال لم يعنه الذي عناني

مجرهد كالسوس في الصوف في الصي

ف بقلب خال من الإيمان

قلت قل لي يا ابن المبشر ما شأ

نك من بين من غزاني وشاني

ليس هذا من شهوة الأكل هذا

من طريق البغضاء والشنآن

قلت للفيلسوف لما غدا في ال

أكل أعني فتى أبي عدنان

واستحث الكؤوس صرفاً بلا مز

ج مكباً كالهائم العطشان

ليت شعري أمن رسائل بقرا

ط تعلمت ذا وسمع اليان

أنت تزداد يا خليلي بهذا ال

فعل علماً بالعالم الروحاني

ثم لا تنس ما لقيت وما مر

لشؤمي من عسكر الفرغاني

أعجمي اللسان أفصح من ق

س إذا ما نشا ومن سحبان

قال ققم فأتنا بخبز ولحم

ونبيذ في حمرة الأرجوان

وغلام مقين حسن الوج

ه يحاكي بقده غصن بان

لم توكل فرغان إلا بتفري

غ دناني وصبها في الجفان

إن من أعظم المصائب يا قو

م بلائي بذلك الطرمذان

رجل كالفنيق فدم بلا ل

ب طويل في صورة الشيطان

يققاً كالعمود يستعذب الصف

ع ورأس أصم كالسندان

زائد الخلق ناقص العقل والدي

ن غليظ القذال كالقلتان

يبلع الطيبات بلعاً بلا مض

غ ويحسو النبيذ كالثعبان

لا تمتني حتى أراه وقد قص

ر من فضل طوله شبران

وأتوني بزامر زمره يح

كي ضراط العبيد والرعيان

ومغن غناؤه يطلق البط

ن ويأتي بالقيء والغثيان

قصدت هذه الطوائف حمرا

يا لهتكي وذلتي وامتحاني

قلت ما شأنكم قالوا أغثنا

ما طعمنا الطعام منذ ثمان

وأناخوا بنا فيا لك من يو

م عبوس عصبصب أرونان

نزلوا حجرتي وأطلقت الأفرا

س بين الرطبان والقصلان

لم يكن مربعاً سوى ساعة ح

تى رأيت الزروع كالفلحان

أفقروني وغادروني بلا دا

ر ولا ضيعة ولا بستان

حيروني ودلهوني فقد صر

ت بليداً كالذاهل السكران

أسمع اللفظ كالطنين لسهوي

وهو لفظ يجري لغير معاني

تركوني يا قوم أفقر من فر

خ وأعرى ظهراً من الأفعوان

أكلوا لي من الجرادق ألفي

ن ببن تشتاقه العارضان

أكلوا لي أضعافها غير مسطو

ر ومالوا إلى سميد الفران

أكلوا لي من الجداء ثلاثين

قريصاً بالخل والزعفران

أكللوا ضعفها شواء وضعفي

ها طبيخاً من سائر الألوان

أكلوا لي تبالة تبلت عقل

ي بعشر من الدجاج السمان

أكلوا لي مضيرة ضاعفت ضر

ي بروس الجداء والعصبان

أكلوا لي كشكية قرحت قل

بي وهاجت لفقدها أشجاني

أكلوا لي سبعين حوتاً من النه

ر طرياً من أعظم الحيتان

أكلوا لي عدلاً من المالح المش

وي ملقى في الخل والأنجدان

أكلوا لي من القريشاء والبر

ني والمعقلي والصرفان

ألف عدل سوى المصقر والبر

دي واللؤلؤي والصيحاني

أكلوا لي من الكوامخ والجو

ز معاً والخلاط والأجبان

ومن البيض والمخلل ما تع

جز عن جمعه قرى حوران

فتتوا لي من السفرجل والت

فاح والرازقي والرمان

والرياحين ما رهنت عليه

جبتي عند أحمد الفاكهاني

درسوا لي من البنفسج والنر

جس ما ليس مثله في الجنان

ذبحوا لي بالرغم يا معشر النا

س ثمانين من معين وضان

ما كفاهم ما مر من غنم القر

ية حتى أخنوا على الثيران

ذبحوها والدمع يجري على خد

ي انسياباً مثل انسياب الجمان

أكلوا كل ما حوته يميني

وشمالي وما حوى جيراني

ثم قالوا هلم شيئاً فنادي

ت غلامي قم ويحك فاخبأ حصاني

لم تدع لي بطونكم يا بني البظ

ر سواه وذا شطوب يماني

فتمالوا علي شتما ولعناً

واستباحوا عرضي بكل لسان

من له قدرة على الشعر يهجو

ن ومن كان مفحماً يلحاني

وكأني أنا الذي عثثت في الخي

ر وغيرت صورة الحيوان

ثم جاء المعقبون من السا

سة والشاكري والعبدان

فرأيت النخاع واللطم والدف

ع وكدم الأنوف والآذان

وتفانوا صفعاً وفاح من القو

م غبارا من الفسا والصنان

ثم لما أتوا على كل شيء

ختموا محنتي بكسر الأواني

ثم قاموا إلى الجلاهق والبا

شق والمحدقات والزربطان

فرأيت الحمام بعضاً على بع

ض وبعضاً ملقى على الأغصان

ورأيت الدجاج في وسط القر

ية ملقى مكسر السيقان

أكلوا ما ذكرت واستعملوا لي

يا ثقاتي كراً من الأشنان

ومن المحلب المطيب بالبا

ن وماء الكافور سبع براني

شربوا لي عشرين ظرفاً من الرا

ح لذيذ المذاق أحمر قان

فأقاموا سواسهم والمكاري

ن إلى أن سمعت صوت الأذان

ينقلون الأحطاب من حيث وافوا

ها فبالطير مر لي غيضتان

جوزة كان حملها أحسن الحم

ل وكانت ظليلة الأفنان

كان لي في فنائها منزل رح

ب أنيق يحفه نهران

ورياض مثل البرود علاها ال

طل بين البهار والأقحوان

وطيور ما بينها تتغنى

بجميع اللغات والألحان

هي كهفي ومستظلي من الح

ر وذخري لنائبات الزمان

أحرقوها يا قوم في ساعة القف

ز وضرب الأحطاب بالنيران

كسروا السكر فاختلطت فقالوا

كيف تبقى بغير شاذروان

قطعوا اللوز والسفرجل أحطا

باً ومالوا بها على غلماني

والنواطير مددوا وعلوه

حنقاً بالعصي والقضبان

طالبوني بالنيك في آخر اللي

ل وجمع النساء والمردان

قم فأسرع فبعضنا يطلب المر

د وبعض مستهتر بالغواني

فتوهمته مزاحاً فجدوا

قلت هذا ضرب من الهذيان

ليس يبقى على أرامل حمرا

يا سوى بذلهن للضيفان

لو سمعتم يا قوم في غسق اللي

ل بكاء النساء والولدان

يتنادون بالعويل والوي

ل وراء الأبواب والجدران

ويقولون ويلنا من أبي القا

سم هذا المطرمذ المخرقاني

قصدته الأعداء فاستملكونا

فحصلنا أسرى بغير أمان

أوجروني النبيذ بالرطل حتى

صرت أمشي كمشية الفرزان

فجعوني لما سكرت بهيما

ني وشقوا عصائب الطيلسان

كان أول النهار على رأ

سي فأمسى على رءوس القيان

ثم راحوا بعد الهدوء إلى دا

ري فلم يتركوا سوى الحيطان

كان لي مفرش وكل مليح

فوقه مطرح من الميساني

وبساط من أحسن البسط مذخ

ور لعرس أو دعوة أو ختان

غرقوه بالزيت والبول والق

يء فأضحى وقدره بعرتان

أوقدوا زيتنا جزافاً بلا كي

ل يكيلونه ولا ميزان

خلت داري يا إخوتي المسجد الجا

مع ليلاً للنصف من رمضان

سرقوا جبتي وسيفي وسكي

ني وخفي وجوربي وراني

ثم لما انتهت بهم شدة الكظ

ة خروا صرعى على الأذقان

هوموا ساعة كتهويمة الخا

ئف في غير أرضه الفزعان

ثم قاموا ليلاً وقد جنح النس

ر ومال السماك والفرقدان

يصرخون الصبوح يا صاحب البي

ت فأبكوا عيني وراعوا جناني

سحبوني من جوف بيتي على وج

هي كأني أدعى إلى السلطان

بقلوب أشد حراً من الجم

ر وأقسى من الصفا الصوان

قلت رقوا لذلك الطفل ميمو

ن ولا تؤتموه يا إخواني

ما تفي أكلة بقتل غريب

ذي عيال ناء عن الأوطان

علقوني بفرد رجل إلى السق

ف وعذبت ليلتي بالدخان

لو رآني أبي وأمي على رأس

ي ورجلاي بالعصا تنقران

بكيا لي من ذاك واشترياني

من يديهم بكل ما يملكان

وقع الضرب يا خليلي على جس

م من السوط والعصا قرحان

قلت للفضل والسري غثاني

ومماتي قد حل بي خلصاني

واذكرا عشرتي وودي وإخلا

صي وحنا علي واستبقياني

أنتما إن قتلتماني وحق الل

ه من أجل أكلة تندمان

أي شيء تركتماه لضعفي

قد مضى لي بالأمس ما قد كفاني

أحلفانيي أن ليس عندي مشرو

ب ولا في خزانتي لقمتان

فاستشاطا علي غيظاً وقال ال

فضل قل لي بأي عين تراني

نحن من أجهل البرية طراً

إن حصلنا منكم على الأيمان

قطعوا الحبل فانقلبت على رأ

سي وظهري فاندق لي ضلعان

ثم لما تمكن اليأس خلو

ني ومالوا حشواً على الأتبان

وأجيري مسخر ينقل الأت

بان بالذل عارياً والهوان

وهو يبكي فقلت ويحك ما تص

نع بالتببن بعد موته الفدان

سرقوا السرج والقناديل والزي

ت وأقداحنا وكل الناني

والنبيذ استقوه واغتنموه

آخر الليل كاستقاء السواني

زودوه سواسهم والمكاري

ن معاً بالجرار والكيزان

لو ترى الفضل وهو يحمل في السر

ج قميصاً مخيط الأردان

قد حشاه لحماً وطيراً وسبعي

ن رغيفاً من أعظم الرغفان

سرقوا الراح في الزقاق وراحوا

بطعام منضد في الصواني

ميزوا خيلهم بكل كسير

وعقير مدبر جربان

خلفوه يرعى بقية زرعي

رعي لا خائف ولا متوان

ما رثى لي سوى المبارك من ض

ري وذاك القصير الدحدحاني

رفهاني وخففا الثقل عني

فهما من ملامتي سالمان

والسري السرى حقاً كما س

مى أيضاًمن بطنه أعفاني

هل سمعتم فيما سمعتم بإنسا

ن عراه في دعوة ما عراني

أسعدوني يا أخوتي وثقاتي

بدموع تجري من الأجفان

إخوتي من لواكف الدمع محزو

ن كئيب مدله حيران

هائم الفكر ساهر الليل باكي ال

عين واهي الوى ضعيف الجنان

لم يكن ذا القران إلى على شؤ

مي فويلي من نحس ذاك القران

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الواساني

avatar

الواساني حساب موثق

العصر العباسي

poet-Alwasani@

12

قصيدة

67

متابعين

الحسين بن الحسن بن واسان بن محمد، أبو القاسم، الواساني. شاعر هجَّاء، من أهل دمشق. أورد ياقوت طائفة حسنة من شعره.

المزيد عن الواساني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة