أنا الهواء في رئتيك و الأزرار في قميصك أينما كنتِ ستجدينني براحتيَّ الدافئتين و قامتي القصيرة أنتظرك على الرصيف أنتظرك في العمل أنتظرك فوق السرير واثقًا بأنك ستأتين لأنني معك دائمًا أخلط أيامك بالقُبل و دمك بالأزهار أنظر إليكِ من سمائي كإله و أرفع يدي طالبًا مغفرتك أنا صرخة الألم في حنجرتك و الأغنية الجميلة التي ترددين أنظر إليك من البعيد و أخاف أن ألمسك و حينما أمسك يدك لا أستطيع أن أبتعد عنكِ حيوانك المدلل أنا و هوايتك المفضلة بلادك النائية و مستقبلك القريب بقدميّ الحافيتين و قلبي المرتجف أركض معك في الدروب الوعرة أنا الغبار من حولك و العرق الذي يسيل من مسام جسدك أينما نظرتِ سترينني على الطاولة و الكرسي و المدفأة في المكتبة و الحمّام و الباص في الحقول و المصانع و مظاهرات الطلبة أنمو كالأعشاب في شرفتك المشمسة و أتدلى من سقف غرفتك كالمصباح بأصابعي العشرة أحتوي وجهك و بأصابعي العشرة أدفع المتاعب عنكِ بأصابعي العشرة أعدّ لك القهوة و بأصابعي العشرة أسندك إذ توشكين على السقوط أنا الوردة في شَعرك الأسود و الدبوس في عروة سترتك عندما تنامين أندس بين أحلامك و لا أنام أضحك و أبكي و أتألم و أحارب أعداءك القساة و في الصباح أتدحرج مع الماء على وجهك و أجفّفه بشفتي أنا التفاحة التي قطفت و الأرض التي طردتِ إليها أنا اللوحة التي تزينين بها جدار حياتك الأسود و الدم الذي يسيل منكِ حينما يطلقون عليك الرصاص يناديك النهار فألتفت تبردين فيرتعش جسدي بعيني تشاهدين الطيور و بصوتك أطالب بالحرية أما عندما تموتين من الجوع أو الحب فسأحاول ألاّ أموت معك ذلك أن الموتى بحاجة لمن يذكرهم و لن يفعل ذلك أحد سواي
الشاعر السوري رياض الصالح الحسين ولد في محافظة درعا السورية بتاريخ 10 آذار/ مارس 1954م، وعلى الرغم من حياته القصيرة والقاسية، ومرضه الذي أدى به لفقدان حاستي النطق والسمع، انطلقت ...