الديوان » السعودية » محمد بن عثيمين » قفوا بي على الربع المحيل أسائله

عدد الابيات : 80

طباعة

قِفوا بي عَلى الرَبعِ المُحيلِ أُسائِلُه

وَإِن كانَ أَقوى بَعدَ ما خَفَّ آهِلُه

وَما في سُؤالِ الدارِ إِطفاءُ غُلَّةٍ

لِقلبٍ مِنَ التَذكارِ جَمٍّ بَلابِلُه

تَعَلُّلُ مُشتاقٍ وَلَوعَةُ ذاكِرٍ

لِعَهدِ سُرورٍ غابَ عَنهُ عَواذِلُه

فَإِن أَسلُ لا أَسلو هَواهُم تَجَلُّداً

وَلكِنَّ يَأساً أَخلَفَتني أَوائِلُه

خَليلَيَّ لَو أَبصَرتُما يَومَ حاجِرٍ

مُقامي وَكَفّي فَوقَ قَلبي اُبادِلُه

عَشِيَّةَ لا صَبري يُثيبٌ وَلا الهَوى

قَريبٌ وَلا دَمعي تَفيضُ جَداوِلُه

لَأَيقَنتُما أَنَّ الأَسى يَغلِبُ العَزا

وَأَنَّ غَرامي لا غَرامَ يُماثِلُه

فَلِلَّهِ قَلبي ما أَشَدَّ اِحتِمالَهُ

وَيا وَيح صَبري كَيفَ هُدَّت مَعاقِلُه

نَظَرتُ إِلى الأَظعانِ يَومَ تَحَمَلّوا

فَأَشرَقَني طَلُّ الدُموعِ وَوابِلُه

مَضَوا بِبُدورٍ في بُروجِ أَكِلَّةٍ

بِهِنَّ حَليمُ القَلبِ يَصبو وَجاهِلُه

وَفيهِنَّ مِقلاقُ الوِشاحِ إِذا مَشى

تَمَلَّكَ حَبّاتِ القُلوبِ تَمايُلُه

يَلوثُ عَلى مِثلِ الكَثيبِ إِزارَهُ

وَأَعلاهُ بَدرٌ قَد تَناهى تَكامُلُه

وَزَعتُ التَصابي إِذ عَلا الشَيبُ مُفرِقي

وَوَدَّعتُهُ تَوديعَ مَن لا يُجامِلُه

وَفِئتُ إلى رُشدي وَأَعطَيتُ مِقودي

نَصيحي فَمَهما قالَهُ أَنا قِلُه

وَمَن صَحِبَ الأَيّامَ رَنَّقنَ عَيشَهُ

وَأَلبَسنَهُ بُرداً سَحيقاً خَمائِلُه

وَلَيلٍ غُدافِيِّ الإِهابِ تَسَربَلَت

كَواكِبُهُ خالاً تَرِنُّ صَواهِلُه

يَمُدُّ عَلى الآفاقِ سَجفَ حَنادِسٍ

مَخوفاً رَداهُ موحِشاتٍ مَجاهِلُه

هَتكنا بِأَيدي الناعِجاتِ سُدولَهُ

إِلى مَلِكٍ يُخشى وَتُرجى نَوافِلُه

إِلى مَلِكٍ لَو كانَ في عَهدِ حاتِمٍ

لقالَ كَذا فَليَبذُلِ المالَ باذِلُه

إِمامِ الهُدى عَبدِ العَزيزِ بنِ فَيصَلٍ

بِهِ اِنهَدَّ رُكنُ الشركِ وَاِنحَطَّ باطِلُه

سَما لِلمَعالي وَهوَ في سِنِّ يافِعٍ

فَأَدرَك أَعلاها وَما شُقَّ بازِلُه

بِطَلعَتِهِ زانَ الوُجودَ وَأَشرَقَت

عَلى الأَرضِ أَنوارُ الهُدى وَوَسائِلُه

فَلَو نُشِرَت أَيّامُ كِسرى وَتبَّعٍ

وَأَيّامُ هارونَ الرَشيدِ وَنائِلُه

لَقالَت بِحَقٍّ لَيتَ أَيّامَنا الأُولى

تُعادُ لَنا كَي يُدرِكَ السُؤلَ آمِلُه

وَلا غَروَ أَن يَشتاقَهُ عَهدُ مَن مَضى

فَقَد نَسَخَت مَجدَ المُلوكِ شَمائِلُه

رَعى الدينَ وَالدُنيا رِعايَةَ مُحسِنٍ

وَقامَ بِأَعباءِ الخِلافَةِ كاهِلَه

وَأَرضى بَني الإِسلامِ قَولاً وَسيرَةً

فَذو الظُلمِ أَرداهُ وَذو اليُتمِ كافِلُه

وَجَدَّدَ مِنهاجَ الهُدى بَعدَ ما عَفا

وَعَزَّ بِهِ الشَرعُ الشَريفُ وَحامِلُه

قُصارى بَني الدُنيا دَوامُ حَياتِهِ

عَسى اللَهُ يُحييهِ وَتَعلو مَنازِلُه

فَكَم كَنزِ مَعروفٍ اَثارَ وَمَفخَرٍ

أَشادَ وَمَجدٍ لَيسَ تُحصى فَضائِلُه

قَليلُ التَشَكّي وَالتَمَنّي وَإِنَّما

إِذا هَمَّ لَم تُسدَد عَلَيهِ مَداخِلُه

خِفيُّ مَدَبِّ الكَيدِ يَقظانُ لَم يَكُن

بِهِ غَفلَةٌ لكِنَّ عَمداً تَغافُلُه

وَلا طالِبٌ أَمراً سِوى ما أَفادَهُ

بِهِ عَزمُهُ أَو سَيفُهُ أَو عَوامِلُه

فَقُل للذي قَد غَرَّهُ مِنهُ حِلمُهُ

مَتى كافَأَ الذِئبُ الهِزَبرَ يُنازِلُه

أَلَم تَرَ أَنَّ البَحرَ يُسلَكُ ساكِناً

وَإِن حَرَّكَتهُ الريحُ جاشَت زَلازِلُه

فَلا تُخرِجوهُ عَن سَجِيَّةِ حِلمِهِ

فَتَكثُرَ في الساعي بِذاكَ ثَواكِلُه

وَلا تَستَطيبوا مَركَبَ البَغيِ إِنَّهُ

إِذا ما اِمتَطاهُ المَرءُ فَاللَهُ خاذِلُه

ضَمِنتُ لِباغي فَضلِهِ أَن يَنالَهُ

وَمَن يَطلُبِ اللأوا تَئيمُ حلائِلُه

وَما نالَ هذا المُلكَ حَتّى تَقَصَّدَت

صُدورُ عَواليهِ وَفُلَّت مَناصِلُه

وَأَنعَلَ اَيدي الجُردِ هامَ عِداتِهِ

وَزَلزَلَتِ الأَرضَ البَعيدَ قَنابِلُه

وَما زادَهُ تيهُ الخِلافَةِ قَسوَةً

نَعَم زادَ عَفواً حينَ زادَ تَطاوُلُه

مِن القَومِ بَسّامينَ وَالوَقتُ أَكدَرٌ

مِنَ النَقعِ وَهّابينَ وَالجَدبُ شامِلُه

عَلَينا لَكَ الرحمنُ أَوجَبَ طاعَةً

بِنَصٍّ وَبُرهانٍ تَلوحُ دَلائِلُه

فَقالَ أَطيعوا اللَهَ ثُمَّ رَسولَهُ

وَذا الأَمرِ يَدريهِ الذي هُوَ عاقِلُه

وَقالَ رَسولُ اللَهِ سَمعاً وَطاعَةً

لِذي أَمرِكُم لَو شَطَّ في الحُكمِ عامِلُه

وَمَن ماتَ ما في عُنقِهِ لَكَ بَيعَةٌ

فَميتَةَ أَهلِ الجَهلِ يَرويهِ ناقِلُه

فَيا لَيتَ شِعري ما الذي غَرَّ بَعضَهُم

إِلى أَن رَأى رَأياً يُضَلَّلُ قائِلُه

سَيخسَرُ في الدُنيا وَفي الدين سَعيُهُ

وَعَمّا قَريبٍ يَجتَوي الوِردَ ناهِلُه

فَيا مَعشَرَ القُرّاءِ دَعوَةَ صارِخٍ

بِكُم إِن يَكُن فيكُم حَليمٌ نُسائِلُه

أَما أَخَذَ الميثاقَ رَبّي عَلَيكُمُ

بِإِرشادِنا لِلأَمرِ كَيفَ نُعامِلُه

فَقوموا بِأَعباءِ الأَمانَةِ إِنَّما

بِأَعناقِكُم طَوقٌ يُعانيهِ حامِلُه

إِذا عَقَدَ الصُلحَ الإِمامُ لِكافِرٍ

يَرى أَنَّهُ لا يَستَطيعُ يُطاوِلُه

وَفيهِ لِدُنيانا صَلاحٌ وَدينِنا

وَدَفعُ أَذىً عَنّا تُخافُ غَوائِلُه

فَذا جَأنِرٌ في الشَرعِ مِن غَيرِ شُبهَةٍ

فَيا لَيتَ شِعري هل يُفَنَّدُ فاعِلُه

وَقَد كانَ في أَمرِ التَتارِ كِفايَةٌ

لِمَن كانَ ذا قَلبٍ سَليمٍ دَغائِلُه

هُمُ عاقَدوا السُلطانَ صُلحاً مُؤَكَّداً

عَلى أَنَّهُ مَن شاءَ قُطراً يُسابِلُه

فَجاءَ أُناسٌ مِنهُمُ بِبَضائِعٍ

مُحاوَلَةً لِلرِّبحِ مِمَّن تُعامِلُه

فَأَغراهُ حُبُّ المالِ يُخفِرُ عَهدَهُ

فَما أَمطَرَت إِلّا بِشَرٍّ مَخايَلُه

وَجَرَّ عَلى الإِسلامِ شَرَّ جَريرَةٍ

بِها بادَ نَسلُ المُسلِمينَ وَناسِلُه

فَكَم أَخَذوا مالاً وَكَم سَفَكوا دَماً

وَكَم تَرَكوا سِرباً تُبَكّي أَرامِلُه

إِلَيكُم بَني الإِسلامِ شَرقاً وَمَغرِباً

نَصيحَةَ مَن تُهدى إِلَيكُم رَسائِلُه

هَلُمّوا إِلى داعي الهُدى وَتَعاوَنوا

عَلى البِرِّ وَالتَقوى فَأَنتُم أَماثِلُه

وَقوموا فُرادى ثُمَّ مَثنى وَفَكِّروا

تَرَوا أَنَّ نُصحي لا اِغتِشاشَ يُداخِلُه

بِأَنَّ إِمامَ المُسلِمينَ اِبنَ فَيصَلٍ

هُوَ القائِمُ الهادي بِما هوَ فاصِلُه

فَقَد كانَ في نَجدٍ قُبَيلَ ظُهورِهِ

مِنَ الهَرجِ ما يُبكي العُيونَ تَفاصُلُه

تَهارَشَ هذا الناسُ في كُلِّ بَلدَةٍ

وَمَن يَتَعَدَّ السورَ فَالذِئبُ آكِلُه

فَما بَينَ مَسلوبٍ وَما بَينَ سالِبٍ

وَآخرَ مَقتولٍ وَهذاكَ قاتِلُه

فَأَبدَلَكُم رَبّي مِنَ الفَقرِ دَولَةً

وَبِالذُلِّ عِزّاً بَزَّ خَصماً يُناضِلُه

ييمن إِمامٍ أَنتُمُ في ظِلالِهِ

يُدافِعُ عَنكثم رَأيُهُ وَذَوابِلُه

بِهِ اللَهُ أَعطانا حَياةً جَديدًةً

رَفَهنا بِها مِن ضَنكِ بُؤسٍ نُطاوِلُه

إِلَيكَ أَميرَ المُؤمِنينَ زَجَرتُها

تَرامى بِها بَعدَ السُهوبِ جَراوِلُه

إِذا ما وَنَت غَنّى الرَديفُ بِذِكرهِ

فَزَفَّت زَفيفَ الرَألِ فَاجاهُ خاتِلُه

وَما زِلتُ أَدعو اللَهَ يُبقيكَ سالِماً

وَأَنَّ بِعادي عَنكَ تُطوى مَراحِلُه

وَأُنشِدُ بَيتاً قالَهُ بَعضُ مَن مَضى

وَلَيسَ يَموتُ الشِعرُ لَو ماتَ قائِلُه

إِذا ظَفِرَت مِنكَ العُيونُ بِنَظرَةٍ

أَثابَ بِها مُعيي المَطِيِّ وَهازِلُه

فَأُقسِمُ لا أَنفَكُّ ما عِشتُ شاكِراً

لِنُعماكَ ما غَنَّت سُحَيراً بَلابِلُه

بَسائِرَةٍ تَزهو بِمَدحِكَ في الوَرى

وَيُصغي لَها قُسُّ الكَلامِ وَباقِلُه

وَيَحدو بِها الساري فَيَطرَبُ لِلسُّرى

وَيَشدو بِها في كُلِّ صُقعٍ أَفاضِلُه

وَثَنِّ إِلهي بِالصلاةِ مُسَلِّماً

عَلى خَيرِ مَبعوثٍ إِلى مَن تُراسِلُه

وَأَصحابِهِ الغُرِّ الكِرامِ وَآلِهِ

كَذا ما بَدا نَجمٌ وَما غابَ آفِلُه

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد بن عثيمين

avatar

محمد بن عثيمين حساب موثق

السعودية

poet-Mohammed-bin-Uthaimin@

48

قصيدة

436

متابعين

محمد بن عبدالله بن سعد بن عثيمين عام 1854،ولد الشاعر في مدينة الخرج جنوب مدينة الرياض بقرابة ثمانين كيلومتراً،نشأ بها يتيماً عند أخواله، وتفقه وتأدب ببلد العمار، أتصل ابن عثيمين ...

المزيد عن محمد بن عثيمين

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة