قَد كانَتِ النَفسُ لَو ساموا الفِداءَ بِهِ
إِلَيكَ مُسمِحَةٍ بِالأَهلِ وَالمالِ
وَلَيسَ أَخوكَ الدائِمُ العَهدِ بِالَّذي
يَذُمُّكَ إِن وَلّى وَيُرضيكَ مُقبِلا
وَلَكِن أَخوكَ النائي ما دُمتَ آمِناً
وَصاحِبُكَ الأَدنى إِذا الأَمرُ أَعضَلا
فَإِذا طَبَختَ بِنارِهِ نَضَّجتَهُ
وَإِذا طَبَختَ بِغَيرِها لَم يَنضَجِ
أُهِينُ المالَ فيما بَينَ قَومِي
وأدفَعُ عَنهمُ سُنَنَ المَنِيحِ
ابت لي أَن أُقضِّي في فعالي
وأَن أُغضِي على أمرٍ قبيحِ
ابت لي عفَّتِي وأَبى بَلائي
وأَخذِي الحَمدَ بالثَمَنِ الرَبِيحِ
وإِعطائي على المكروهِ مالي
وضَربي هامَةَ البَطَلِ المُشِيحِ
والعفو إلا عن الأكفاء مكرمة
من قال غير الذي قد قلته كذباً
وَاِلبِس عَدوَّكَ في رِفقٍ وَفي دَعَه
لِباسَ ذي إِربَةٍ لِلدَّهرِ لَبّاسِ
وَلا تَغُرَنَّكَ أَضغانُ مُزَمِّلِهِ
قَد يَضرِبُ الدُبرَ الدامي بِأَحلاسِ
فإنْ جَزَعْنَا فإنّ الشّرّ أَجْزَعَنَا
وَإنْ صَبَرْنَا فَإنَّا مَعْشَرٌ صُبُرُ
نَقودُ وَنَأبى أَن نُقادَ وَلا نَرى
لِقَومٍ عَلَينا في مَكارِمِهِم فَضلا
وَالضَيفَ أَكرِمهُ فَإِنَّ مَبيتَهُ
حَقٌّ وَلا تَكُ لُعنَةً لِلنُزَّلِ
وَاِعلَم بَأَنَّ الضَيفَ مُخبِرُ أَهلِهِ
بِمَبيتِ لَيلَتِهِ وَإِن لَم يُسأَلِ
ومن خلق العفاف لنا رقيب
بطهر الحب في حسن الخلال
وقد غاب الرقيب وطاب أنسي
وطير الحب يصدح بامتثال
اذكرونا مثل ذكرانا لكم
فجفى الأحباب يوري البرحا
وبذكراكم تراكم عيدنا
رب ذكرى قربت من نزحا
وَما كانَ ذَنبي فيهِمُ غَيرَ أَنَّني
بَسَطتُ يَداً فيهِم وَأَتبَعتُها يَدا
وَأَنّي أُحامي مِن وَراءِ حَريمِهِم
إِذا ما المُنادي بِالمُغيرَةِ نَدَّدا
إِذا المَرءُ لَم يُدنَس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ
فَكُلُّ رِداءٍ يَرتَديهِ جَميلُ
وَإِن هُوَ لَم يَحمِل عَلى النَفسِ ضَيمَها
فَلَيسَ إِلى حُسنِ الثَناءِ سَبيلُ
إِذا سَيِّدٌ مِنّا خَلا قامَ سَيِّدٌ
قَؤُولٌ لِما قالَ الكِرامُ فَعُولُ
وَفي الأَرضِ مَنأى لِلكَريمِ عَنِ الأَذى
وَفيها لِمَن خافَ القِلى مُتَعَزَّلُ
لَعَمرُكَ ما في الأَرضِ ضيقٌ عَلى اِمرئٍ
سَرى راغِباً أَو راهِباً وَهوَ يَعقِلُ
فَاليَومَ أَجهَدُ نَفسي ما وَسِعتُ لَكُم
وَهَل تُكَلَّفُ نَفسٌ فَوقَ ما تَسَعُ
ذَراني تَجُد كَفّي بِمالي فَإِنَّني
سَأُصبِحُ لا أَسطيعُ جوداً وَلا بُخلا
وَلَيسَ بَخيلُ النَفسِ بِالمالِ خالِداً
وَلا مِن جَوادٍ مَيِّتاً فَاِعلَمي هُزلا
فَما كُلُّ مَن تَنأى بِهِ الدارُ غائِبٌ
وَلا كُلُّ مَن تَدنو بِهِ الدارُ حاضِرُ
فَإِمّا أَن تَكونَ أَخي بِحَقٍّ
فَأَعرِفَ مِنكَ غَثّي مِن سَميني
وَإِلّا فَاِطَّرِحني وَاِتَّخِذني
عَدُوّاً أَتَّقيكَ وَتَتَّقيني