إِلى اللَهِ أَشكو طَوعَ نَفسِيَ لِلهَوى
وَإِسرافَها في غَيِّها وَعُيوبها
دَعَتني إِلى ما تَشتَهي فَأَجَبتُها
فَضاعَ نَصيبي في طِلابي نَصيبها
إِذا سُقتُها لِلصالِحاتِ تَقَعَّسَت
وَدَبَّت عَلى كُرهٍ إِلَيها دَبيبَها
لِيْ مِنْ هَوَاكَ بَعيدُهُ وَقَريبُهُ
ولَكَ الجَمالُ بَديعُهُ وَغَرِيبُهُ
يا مَنْ أُعِيذُ جَمالَهُ بِجلاَلِهِ
حَذَراً عَلَيْهِ مِنَ العُيونِ تُصِيبُهُ
إِنْ لَمْ تَكُنْ عَيْني فَإِنَّكَ نُورُهَا
أَوْ لَمْ تَكُنْ قَلْبي فأَنْتَ حَبيبُهُ
جرى الحب في قلبي كما العلو في الأرض
وأُبدي من بعضي وأُخفي في بعضي
ولو قسَّمَ الأكوانُ ما فيَّ من هوى
لأُفْعِمَتِ الأكوانُ في العلو والأرض
فإذا غابت فقلبي غائب
لست أدري كيف قلبي عقني
وإذا حاولت يوما هجرها
قلت للقلب فلا يسمعني
لا أرى الوصف عليها قادرا
فهي فاقت كل شيء حسن
يا حبيبي هواكَ أضنى فؤادي
وكأنَّ الجَوى بجسمي حِراب
أضرمَ النَّارَ في الحنايا لهيباً
مثلَ ليلٍ أضاءَ فيهِ شِهاب
وَأَفجَعُ الناسِ مَن وَلّى حَبائِبُهُ
وَلا عِناقٌ وَلا ضَمٌّ وَلا قُبَلُ
لا ناصِرٌ غَيرَ دَمعي إِن هُمُ ظَلَموا
وَالدَمعُ عَونٌ لِمَن ضاقَت بِهِ الحِيَلُ
شكوْتُ إليها لوعةَ الحبّ فانثنَتْ
تقولُ لتربيها وما لوعةُ الحبِّ
فقيل عذابٌ لو أحطتِ بعلمِهِ
لجدتِ على الصّادي بماءِ اللّمَى العذبِ
بانَ الحَبيبُ وَبانَ الصَبرُ يَتبَعُهُ
لا أَستَطيعُ لِصَبري بَعدَهُ طَلَبا
إِن يَنأَ فَالأَمجَدُ المَيمونُ طائِرُهُ
لَدَيَّ إِحسانُهُ مازالَ مُقتَرِبا
صِل من هَويتَ ودَع مقالة حاسدِ
ليسَ الحسودُ على الهوى بمُساعِدِ
لم يَخلُقِ الرحمنُ أحسنَ منظراً
مِن عاشِقَينِ على فراشٍ واحدِ
جعلتُ نفسي لكِ وَقفاً عندي
وَما أراكِ تحفظين ودِّي
قلبي بغيرِ حبكمْ ما خَفقَا
وَناظري لولاكمُ ما أَرقا
ما للقُلوبِ عن الحبيبِ غِطاءُ
إِلاَّ إذا سكَنَتْ بها الأشياءُ
يبدو الحِجابُ عن الحبيبِ بنظرةٍ
لسِواهُ إنَّ الحادِثاتُ عَمَاءُ
ما لي أَرى القَلبَ في عَينَيكِ يَلتَهِبُ
أَلَيسَ لِلنّارِ يا أُختَ الشَقا سَبَبُ
بَعضُ القُلوبِ ثِمارٌ ما يَزالُ بِها
عَرفُ الجنانِ وَلكِن بَعضُها حَطَبُ
باح الفؤاد بسرّ كنت أخفيه
فكيف يخفى الهوى والشوق يبديه
ما زلت أكتم سر الحب في كبدي
حتى أباحت دموعي بالذي فيه
وَتَرمي بِعَينَيها القُلُوبَ إِذا بَدَت
لَها فِقرَةٌ لَم تُخطِ مِنهُنَّ مَقتَلا
فَقالَت وَأَومَت نَحوَها قَد عَرَفتُهُ
ثَكَلتُ إِذَن بَيضاءَ أُمّي وَنَوفلا
ليس الجمالُ بمئزرٍ
فاعلم وإن رُدِّيتَ بُردا
إِنّ الجمالَ معادنٌ
وَمَنَاقبٌ أَورَثنَ مَجدا
ألا ليت لي قلبين قلب بحبه
مريض وقلب بعد ذاك طبيبي
فواللَه إن الحب خير محاسني
وواللَه إن الحب شر عيوبي
وَما هَجَرتُكَ النَفس يا لَيل إِنَّها
قلتك وَلكِن قلَّ مِنكَ نَصيبُها
وَلكِنَّهُم يا املَح الناسِ اولَعوا
بِقَول اِذا ما جِئتَ هذا حَبيبُها
فيا ربِّ إن كنتَ قدَّرت أن
تَرى كُرَبَتِي فوق كلِّ الكُرَب
فهَب لِيَ قَلبا قويا صَبُورا
علَى الهجرِ والبُعدِ مهما اكتَأب
سمحتُ بقلبي والهوى يورثُ الفتى
طباعَ الجواد المحضِ وهو بخيلُ
ولم تخلُ من حسن القبول مطامعي
وظنيَ بالوجه الجميل جميل
عِشنا إلى أنْ رأَينا في الهوى عَجَبا
كلَّ الشهورِ وفي الأمثال عِشْ رَجبَا
أَليسَ من عَجبٍ أني ضحى ارتْحَلوا
أوقدتُ من ماءِ دَمعي في الحَشا لَهَبا