وما منْ يَدٍ إلا يَدُ اللهِ فوقَها
ومنْ شِيَمِ الموْلَى التّلطُّفُ بالعَبْدِ
فكُنْ لهُمْ عَيْناً على كلِّ حادِثٍ
وكُنْ فيهمُ سمْعاً لدَعْوَةِ مُسْتَعْدي

وَفي الحِلمِ إِدهانٌ وَفي العَفوِ دُربَةٌ
وَفي الصِدقِ مَنجاةٌ مِنَ الشَرِّ فَاِصدُقِ
وَمَن يَلتَمِس حُسنَ الثَناءِ بِمالِهِ
يَصُن عِرضَهُ مِن كُلِّ شَنعاءَ موبِقِ

إِذَا مَا أَرَادَ اللَّهُ إِتْمَامَ حَاجَةٍ
أَتَتْكَ عَلَى وَشْكٍ وَأَنْتَ مُقِيمُ

وحسنُ ظَنِّكَ بالأيام مَعْجَزَةٌ
فظُنَّ شَرّاً وكنْ منها على وَجَلِ
غاضَ الوفاءُ وفاضَ الغدرُ وانفرجتْ
مسافةُ الخُلْفِ بين القولِ والعَمَلِ

إِذا أَنتَ لَم تُؤثِر رِضى اللَهِ وَحدَهُ
عَلى كُلِّ ما تَهوى فَلَستَ بِصابِرِ
إِذا أَنتَ لَم تَطهُر مِنَ الجَهلِ وَالخَنا
فَلَستَ عَلى عَومِ الفُراتِ بِطاهِرِ

لَقَد زادَني تيهاً عَلى الناسِ أَنَّني
أَرانِيَ أَغناهُم وَإِن كُنتُ ذا فَقرِ
فَوَاللَهِ لا يُبدي لِساني لَجاجَةً
إِلى أَحَدٍ حَتّى أُغَيَّبَ في القَبرِ

إِنّي نَظَرتُ إِلى الشُعوبِ فَلَم أَجِد
كَالجَهلِ داءً لِلشُعوبِ مُبيدا
الجَهلُ لا يَلِدُ الحَياةَ مَواتُهُ
إِلّا كَما تَلِدُ الرِمامُ الدودا

وَلَم أَرَ في عُيوبِ الناسِ شَيئاً
كَنَقصِ القادِرينَ عَلى التَمامِ
أَقَمتُ بِأَرضِ مِصرَ فَلا وَرائي
تَخُبُّ بِيَ المَطِيُّ وَلا أَمامي

أَلا كُلُّ شَيءٍ ما خَلا اللَهَ باطِلُ
وَكُلُّ نَعيمٍ لا مَحالَةَ زائِلُ
وَكُلُّ أُناسٍ سَوفَ تَدخُلُ بَينَهُم
دُوَيهِيَةٌ تَصفَرُّ مِنها الأَنامِلُ

أَتَجزَعُ مِمّا أَحدَثَ الدَهرُ بِالفَتى
وَأَيُّ كَريمٍ لَم تُصِبهُ القَوارِعُ
لَعَمرُكَ ما تَدري الضَوارِبُ بِالحَصى
وَلا زاجِراتُ الطَيرِ ما اللَهُ صانِعُ

وَأَحَبُّ آفاقِ البِلادِ إِلى الفَتى
أَرضٌ يَنالُ بِها كَريمَ المَطلَبِ
وَلَدى بَني يَزدادَ حَيثُ لَقيتُهُم
كَرَمٌ كَغادِيَةِ السَحابِ الصَيِّبِ

 وَهُمْ مِن لُؤمِهم في قَعرِ وهدٍ
وَإِن رفعوا بدورِهم القِبابا
وَمَن يَكُ عارِياً مِن كُلِّ خَيرٍ
فَما يُغنيهِ أَن لَبِسَ الثيابا

وَيَجهَدُ الناسُ في الدُنيا مُنافَسَةً
وَلَيسَ لِلناسِ شَيءٌ غَيرَ ما رُزِقوا
يا مَن بَنى القَصرَ في الدُنيا وَشَيَّدَهُ
أَسَّستَ قَصرَكَ حَيثُ السَيلُ وَالغَرَقُ

لَقَد زِدتُ بِالأَيّامِ وَالناسِ خِبرَةً
وَجَرَّبتُ حَتّى هَذَّبَتني التَجارِبُ
وَما الذَنبُ إِلّا العَجزُ يَركَبُهُ الفَتى
وَما ذَنبُهُ إِن حارَبَتهُ المَطالِبُ

لا تَطلِبَنَّ مَحَبَّةً مِن جاهِلٍ
المَرءُ لَيسَ يُحَبُّ حَتّى يُفهَما
وَاِرفُق بِأَبناءِ الغَباءِ كَأَنَّهُم
مَرضى فَإِنَّ الجَهلَ شَيءٌ كَالعَمى

وَكُلُّ طابِخِ سُمٍّ سَوفَ يَأكُلُهُ
وَكُلُّ حافِرِ بِئرٍ واقِعٌ فيها
لَو دامَ إيمانُها لَم تَنطَلِق سَقَرٌ
بِدورِها وَالأَفاعي في مَغانيها

وَما المالُ وَالأَهلونَ إِلّا وَديعَةٌ
وَلا بُدَّ يَوماً أَن تُرَدَّ الوَدائِعُ
وَيَمضونَ أَرسالاً وَنَخلُفُ بَعدَهُم
كَما ضَمَّ أُخرى التالِياتِ المُشايِعُ

لَيسَ الغَبِيُّ بِسَيِّدٍ في قَومِهِ
لَكِنَّ سَيِّدَ قَومِهِ المُتَغابي
قَد ذَلَّ شَيطانُ النِفاقِ وَأَخفَتَت
بيضُ السُيوفِ زَئيرَ أُسدِ الغابِ

بِذا قَضَتِ الأَيّامُ مابَينَ أَهلِها
مَصائِبُ قَومٍ عِندَ قَومٍ فَوائِدُ
وَمِن شَرَفِ الإِقدامِ أَنَّكَ فيهِمِ
عَلى القَتلِ مَوموقٌ كَأَنَّكَ شاكِدُ

وَإِذا أَتَتكَ مَذَمَّتي مِن ناقِصٍ
فَهِيَ الشَهادَةُ لي بِأَنِّيَ كامِلُ
مَن لي بِفَهمِ أُهَيلِ عَصرٍ يَدَّعي
أَن يَحسُبَ الهِندِيَّ فيهِم باقِلُ