أنشدتُ للرعيان ثوب قصيدةٍ في البرّ عاقرني الفؤاد على النوى وتباعدت نوق المدينةِ عن شياهي آخيت تشرابي الأمور بنخلة ٍ وغرست في الصحراء زهو مناخي "لا تقرب الأشجار" ألقاها الكثيب عليّ أرّقني صباحي لكن قلبي يجمع الأغصان، يشرب طعمها ويؤلف الأوراق في تنّور راحي "لا تقرب الأشجار" غافلني الفؤاد فمسّها، وهبطت من عالي شيوخ قبيلتي أرعى جراحي هذا بياض الخبت، أهمزُ مهرتي للبحر أرسنها إلى قلبي، فتجتاز المسافة حجرٌ على رمل المسيرة، هودجٌ، حملٌ، وأغصانٌُ من الرمان، هل تقفز؟ دعاني عُرفُ ثوب البحر، أفرغت الفؤاد من المخاوف وانهمرت إلى مسيل الخبت، يا ابنَ العبد ألقِ إليّ أدوية البعير فإنني سأنسقُ الأورامَ. أستلُ الجراح من التفرد والزهادة. وأضمّ هودج خولة القاسي، أزيّن وحشة الممشى بعقدٍ أو قلادهْ. هذي بلادي لم أكن أغتابها في الليل، بل أهذي بوقع تَحرّكِ الرعيان في عرصاتها البيضاء، أفردها لهمس الريح ألبسُها شتاءً، ألتقي والماء في مرعى الطروش ِ وأبتني قصراً من الصفصاف، قد أهذي فإن لكل عاشقةٍ شهادهْ. أفردت يا ابن العبدِ "ريحة" الجربِ الجديد من البعير فلا يُلمك أخوك ما فّرطت في شَرف القطيعِ، ولم تبع تيساً بناقة. سلبوك ماء "الحسي" والخدرَ المريح، وما سلبت الإبل مرعاها ولا الصحراء ألقت في حشاياك البلادهْ. مولايَ يا بن العبدْ يا طرفة المفردْ هل كنت تبغي الوِدّْ أم كنت لا تّقصدْ قلبي على قلبكْ وحقولنا تُحصدْ من زهرةٍ في الشيح أقرأ فتحة الأبواب .. أرصد ما لكفّك من مثالب وأغذُ في الدهناءِ سير المهرةِ البيضاء ارقبُ ذكريات طفولةِ الأجداد، رائحة الحليب ولذعة الأقِطِ البهيّ، وصوتَ طُرفة تائهاً في الريحْ مستمسكاً بالشيح والخاتم الأبيضْ. في الشارع الخلفي كان المدى خلفي والوجه في الحائط (يا الله على الممشى بكره نصوب الخبت والبحر ذا حائط) غَرسَتْ على صدري بقميصها الصدري وشماً لريح البحر وغدائر الليمون حبيبتي أمّون (وجهك من الكادي ذا في الصدُر يطرون يا قلب وقّف بي ما اقدر على المندار والله ما لي شَفّ في كادي الديره ما دام هذي الكف ما لمست أمون). في الشارع الخلفي واجهت البعير يشم "عرفجةً " تيبّس طلعها ويدور في الطرقات ملتهما بقايا الناس، والأطفال، يا جمل العشيرة هل غربة نفقت؟ هل طَلعةٌ نبتت؟ أم جئت تبحث في تراث الناس عن جدثٍ وتحفر في الطريق ملاذةً للروح أين مرابض العربان؟ أين مباهج الصحراء والفتيان، والرمل الذي أفردت يا وجع العشيرة؟ غطّى على غاشية العين إفرَادُ المحب، ولوعة الوسنان إلقاء العشيق بباطن الأفراد، أمّون التي أهوى، وألحان البحار البيّض طرفة هل أتى جَرَبٌ فغطّى الناس؟ أم رحمتك صحراء البلاد بدفئها في البرد؟ إن الدهر غاشية، ووجهُ الشارع الخلفيّ لا يشفيك من دَرنِ التفرّدِ والبداوةْ هذا نهارٌ أنت ترمقه وهذي حارة في الأرض، ليست رقعت في البر هل تقدم؟ أقدم فذا وطني، وذي الصحراء أجمع طيرها في القلب التحف السماء وأشرب الأيام اعصر منحنى الأوجاع تفردني فأعشقها وتلمسني فأقربها وتنحسر العداوة لخولة أطلالٌ، أجوس زواياها، ببرقة ثهمدِ إذا أفردتني الأرض جاوزت للغدِ أبوح بطعم الحب أقتات موعدي أعاتب أحبابي، بلادي بفيئها وأهلي وإن جاروا عليّ فهم يدي.
الشاعر والأديب علي الدميني، من مواليد قرية محضرة بمنطقة الباحة (1948م)، ومن أبرز الشعراء المجددين، وأديب وناشط.
وساهم بفاعلية في تأسيس الحركة الشعرية الحديثة في السعودية، وأصبح عنواناً بارزاً لمشروع الحداثة.
كما ...