أسقط عندَ المرآةِ وأمضي ما بينَ المرآةِ .. وبيني أتسلق جدرانَ الصمتِ وأهوي ما بينَ المرآةِ وبيني .. يشبهني ظلي .. لا يشبهني ظلي .. أتبسم يبكي وجهي في المرآةْ أتألم حتى أعماقي .. يضحك وجهي في المرآةْ .. أتقدمُ يتأخر خطواتْ أتأخر يتقدم خطواتْ أشهدُ أنْ لا .. يرفضُ أنْ لا .. يشهد أن لا .. أرفض أن لا .. ومساحات الطحلب حبلى تكبر .. تكبر .. ترجع حبلى .. عند الحد الفاصل ما بين ملامحنا يظهر جليات النائم خلف السنواتْ من بينِ الأشجارِ يمد يديه ويبكي يتقيأ .. يبكي .. يحكي عن جلدِ الأرضِ وجذر الأرضِ ويرحل يرحل في السنواتْ عند الحد الفاصل ما بين أصابعنا والسكينْ .. عند الحد الفاصل ما بين رصاصتنا وحدودِ الجثةِ حين تنام على ضلعٍ من طينْ عند الحد الفاصلِ .. والواصلِ ما بينَ الجثةِ والمرآةِ .. وجلياتْ وقفتْ حيفا .. والشاطئُ ماتْ .. *** قابيلُ على كلِ الأبوابْ يتجولُّ في كلِ الطرقاتْ يتداخلُ في الجثةِ يأخذُ شكلَ القاتلِ والمقتولْ يشعل لغةً أخرى يركض في الشارعِ يكسر كلَ ضلوعِ الأمطارْ هابيل القاتل والمقتولْ قابيل القاتل والمقتولْ والجثة عاريةٌ من كل فصولِ شهادتها الجثة حافية القدمينْ عندَ الحدَّ الفاصلِ ما بينَ الظلينْ لم تدخلْ تاريخَ الأشجارْ لم تحفظ في القلبِ الأشعارْ عند ركام الليل انشلحتْ لم تدخل غابةَ زيتونٍ لم تكتب دمها عشقاً فوق جدارْ الجثةُ مفرغةٌ من معناها القاتلُ يطلقُ والمقتولُ ينامُ على زنديهْ القاتلُ يطلقُ نحوَ القلبِ ويهوي .. الجثةُ في كلَّ الأبوابْ نتبادلُ طلقَ رصاصتنا ونشدُّ على جرحٍ واحدْ ونعودُ إلى بطنٍ واحدْ نهرٍ واحدْ .. ظلٍ واحدْ .. والجثة لم تكمل مشوارَ الحب إلى عكا لم تكمل مشوار صباحاتِ الخيرِ إلى يافا لم تدخل في البرقوقِ المنتشرِ على صدر نهارْ جثة قابيلَ وهابيلَ اندلعتْ من تابوتٍ واحدْ .. في تابوتٍ واحدْ .. لم نكمل بعد قصائدنا .. ما زلنا ننتظر الأمطارْ فارغة خطوات المشوارْ لم نرسل خيمتنا حتى رئةِ الشمسِ ولمْ .. ندخل في لغة الأزهارْ لم نفهم سرَ الدبكةِ والموالِ الأخضرِ فينا لم نحفر كي نبحثَ عن ضلعِ أغانينا عن زهرةِ برقوقٍ حمراءْ عن نبعِ الماءْ لم نفهمْ بعدُ لماذا كسرتْ عكا غازيها ولماذا ضربتْ بحجارتها والصدرِ العاري راميها .. وانتصرتْ عكا لم نفهمْ فمشينا كي نحرقَ دمَنا قابيل يعودْ .. قابيل القاتل والمقتولْ .. والجرحُ يطولْ .. *** يا حبةَ قمحٍ منسيهْ يا دفقةَ نورْ للشمسِ ربيعٌ وهويهْ للشمسِ زهورْ لم نكملْ بعدُ قصائدنا لم نغلق بعد أصابعنا حيفا واقفةٌ عندَ البابْ من طلقةِ حجرٍ تتجددْ من صرخةِ طفلٍ تتمردْ تنزاحُ العتمةُ عن شاطئنا ينهضُ جلياتُ الغائمُ من حجرٍ من ضلعِ الحجرِ الواقفِ ينهضُ يتوحدُ بأصابعِ طفلٍ ينهضُ ينهضُ ينهضُ .. كلُّ المدنِ الحبلى تنهضُ تنهضُ والدبكةُ تنهضُ والموال الأخضرُ ينهضُ تموزُ يوحّدُ جسمَ الأرضِ وينهضُ والجثةُ تغتسلُ بماءِ القلبِ وتنهضُ من عتمتها تنهضُ .. تنهضُ .. كلُّ الأرضِ نشيدٌ واحدْ نمضي .. نمضي .. ننهضُ .. نمضي .. لا نتردد .. نمضي .. نمضي .. لا نترددُ .. لا نترددُ .. زهرةَ برقوقٍ حمراءْ .. غابةَ زيتونٍ خضراءْ غابةَ زيتونٍ خضراءْ ..
الشاعر والأديب والصحفي والباحث الفلسطيني “طلعت سقيرق”، ولد في طرابلس بلبنان عام 1953، ولكنه نشأ منذ الطفولة في دمشق وفيها تلقى علومه حتى نهاية الثانوية، حيث درس بعدها في جامعة ...