الديوان » فلسطين » المتوكل طه » سيدة الياسمين

.. كأنّي التقيتُ بها في المَنام،
وأسمعُ خطوتَها في البعيد!
هي الحُرَّةُ، الفَرَسُ الرّعدُ،
والبرقُ مُختَزِنٌ في الغمام.
سلامٌ على روحِها..
لم تزل بعضَ ما تركَ الياسمينُ،
وما رنَّ من أغنيات الزّفافِ،
وما قاله الفجرُ للخطواتِ التي
أيقظت دَرَجَاً للحَمام.
سلامٌ على الشامِ
وهي توزِّعُ قمصانَها يومَ عيدٍ مجيدٍ ..
وساعةَ أنْ حَمَّلَتْ نهرَها حَبَقاً للخيولِ،
وكانت تردُّ عن السورِ ألفَ غريبٍ
أتوا كلّما أينعَ الحقلُ ،
أو أسْرَجَت زيتَ قنديلِها في الظلام.
سلامٌ على الشامِ
من قلعةٍ في الشمالِ
إلى غوطةٍ أطعَمَتْ، كرَمَاً،
كلَّ مَن جاءها من أنام..
سلامٌ على جَنَّةِ الأرضِ ، صنوِ السماواتِ،
سيّدةِ الكشْفِ، والوَتَرِ النّاعسِ الرّاقصِ
المُستَبِدِّ.. الذي يُبرئ الصدرَ، في مدخلِ الأغنياتِ،
ليذبَحَهُ في الخِتام.
سلامٌ على سربِ ملائكةٍ يفردون قوادمَهم
في حليبِ السماءِ
على وردةِ الأرضِ،
مَن هَجَسَتْ بالحروفِ،
وخَلَّقَت الحُسْنَ في زنبقِ العاشقينَ،
وأعطَتْ لأفئدةِ العارفينَ الكلام.
لم يكن نومُها يشبه الموتَ،
كان في الصمتِ شيءٌ من النّهرِ،
ينبعُ ، يجري ، يفيضُ..
فتشربُ منه القلوبُ..
إلى أنْ تعالتْ.. وكانتْ..
كما شاء لها الناسُ عُرْساً،
يزفُّ المدائنَ مُطهمةً للقيام.
ولكنّ مَن أشْعلَ البيتَ وزَّعَها
للقراصنةِ الحاقدين، وخلَّفها
جثّةً في الرّكام..
كانت على دَرجِ النار تصعدُ
حتى لتبلغَ آخرَ مَن مات بالقصفِ..
نادتْ! وما سمعوا موتَها..
كان مثل طوفانِ نوحٍ،
ولا شيءَ غيرُ الرّدى والزّؤام..
وما من جديدٍ،
سوى أنّ تمثالَها.. بعثرتهُ الجيوشُ
التي فرمَتْ قلبَها..
لم تكن تكرهُ الناسَ والعُشبَ،
كانت تحبّ النّدى واليمام.
هي الصوتُ صوتُ الشآمِ،
ولا ظِلَّ إلا لمَن باعَها،
كي يكونَ له صوتُه في الرّخام!
هي الشامُ تصحو على ألفِ قوسٍ
يطوِّحُ أطيارَها في النهارِ،
وتغفو، إذا ما استطاعت،
على ألفِ دَهْمٍ..
فقد جعلوا كلَّ ما قامَ فوّهةً للحَرام.
هي الشامُ تولدُ من ألَمٍ
في المنافي،
وفي كلّ عاصفةٍ في البراري..
فقد خرجَتْ من قيودِ الطّغاةِ،
كما حطّمَتْ بالغناءِ الِّلجام!
لقد أحرقوها لكي يجعلوا دولةَ الإفْكِ
أقوى من اثنين وعشرين عَرْشَاً،
أتتْ يوم قامتْ على روحٍ أُمَّتِنا،
ثمّ نامتْ على ذُلِّها في الحطام.
سلامٌ على الشامِ..
إذا جَفَّ نَبعُ المدائنِ
فاضَ لها بردى بالشموعِ،
وعادت لها امرأةُ الياسمين،
ونجمٌ لِمَنْ حَلموا بالسلام.

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن المتوكل طه

avatar

المتوكل طه حساب موثق

فلسطين

poet-almutawakel-taha@

25

قصيدة

69

متابعين

لمتوكل طه أو المتوكل سعيد عمر شاعر فلسطيني من مدينة قلقيلية، مواليد عام 958، تلقى الشعر عن والده الشاعر سعيد بكر طه. حصل على دكتوراه في الآداب، وعلى الماجستير في الأدب ...

المزيد عن المتوكل طه

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة