الديوان » فلسطين » المتوكل طه » الحسن والحزن

الحُسن والحزن
من القدس إلى عَمّان
إلى ابراهيم طوقان وشقيقه عرار
ماءٌ وقلبان؛ قدسيٌّ وعمّانيّ
والنهرُ في وردةِ الإنجيلِ قُرْآني
كأن ربّة عمّونٍ إذا نظرت
إلى الغروبِ ترى إشراقَ كنعانِ
أو الجبالَ، وقد طالت بعزّتها،
يشوقها في هلالي نورَ صلباني
هذي البلادُ كأنَّ الله خصَّ لها
ناساً من الشمسِ أو من لحمِ بركانِ
فإنْ تصادى بها نايُ الشهيدِ على
ما قد تغنّى عَرارٌ وابنُ طوقانِ
فالحُسْنُ للإربديّ الفَحْلِ إنْ ذهبتْ
به المفارقةُ الدُنيا إلى الثاني
والحزنُ للعاشقِ المذبوحِ في بلدٍ
يغتاله الأهلُ والميزانُ والجاني
لا يبكيان! ولكنَّ الدموعَ إذا
سالت من البرق هاجت حُمْرةُ القاني
لا يسخران! ولكنَّ المدى ضحكٌ
من السوادِ على أشكالِ أحزاني
لا يسكران! ولكنَّ الكؤوسَ إذا
فاضت من الجرحِ ثارت جمرةُ الحان
فليت شعري.. إذا عمّانُ طاب لها
أنْ تُحْضِرَ الخَلْقَ من إِنسٍ ومن جانِ
لكي يروا طفلةً نامت كَلُعْبَتها
وأجّجت دمَها ناراً بِشرياني
وليت أُمّتَنا/ هذا الرغاء/ ترى
"سلامَ" غزةَ أو "تحريرَ" بغدانِ
وكيف أنَّ كبارَ القوم قد كذبوا
وكيف زوَّرَ ربُّ الشِّعرِ ألحاني
وليتَ شعريَ، أينَ الشِّعرُ في زمنٍ
يبيع أوجاعَنا جهراً لشيطانِ
وبعض مَنْ ركب الإبهامَ كان به
مسٌّ من الوَهْم؛ غيبيٌ وشكلاني
فأين مليونُ مذبوحٍ ومحرقةٍ
وأين حمأةُ إعصاري وطوفاني
وأين كلُّ هتافات النعوش إذا
طارت على صَرَخاتٍ فوق نُعماني
وكيف أكتبُ عن زَهْرِ البعيد هنا
وكلُّ مجزرةٍ تعدو بنيساني
كأنَّ هذا الجنونَ الرعبَ ليس بنا
وأنَّ إغلاقَ عيني قَصْدُ آذاني
وليت شعريَ يا عمّانُ إنْ نظرت
عيني ترى دجلتي أو أُمَّ دُرْمان
أو أنْ أرى الجوعَ والإذلالَ قد جُمعا
إلى الزنازين في عكا وبيسان
وكيف أنَّ قطيعَ الناسِ قد هتفوا،
جهلاً، لعزّةِ جلاّدي وسجّاني
وأين شعريَ؟ هل في السَّلطِ أقرأُهُ
أم في الخليلِ، ولا خِلٌّ لبستاني
أم في رُبى اللّدِ، والخوّانُ يتركها
نهباً لتُحْرَقَ أبوابي وأغصاني؟
لكننّي في ذرى نَبْوٍ وقد ظهرت
كأنها القدسُ، والإخوانُ إخواني
وأُمُّ قيسٍ على أكتافِ موجتنا
تصحو لتوقظَ في الشطآنِ أزماني
وشاهدٌ ضم جثمانين من وهجٍ
يومَ الكرامةِ حتى قال: سُبحاني!
وفي المدائنِ أنباطٌ إذا صدروا
إلى الحضاراتِ أمواهاً لكثبانِ
وفي المعاركِ، سورُ القدس يعرفهم
حرٌ لحرٍّ وصنوانٌ لصنوان
فعاد أكثُرهُم في موكبٍ صَعدت
به الطيوبُ إلى جنّاتِ رضوانِ
هنا الخزائنُ من صخرٍ إذا حَفظَت
حروفَ مَنْ حفّها نجماً بصوّان
هنا هبوبُ رياحِ الخيلِ إنْ جمحت
تحمي من الصَّلِّ والسَّرحانِ غُزلاني
هنا وُلدنا وُكنَّا قبل أنْ ولدوا
نوحٌ وسامٌ ويحيى وابنُ عمرانِ
هنا، من الربّة العصماء نعرفهم
نبضاً لقلبي وزفّاتٍ لجيراني
في النيلِ في الواحة الغرّاءِ في حلبٍ
في القيروانِ وفي صنعا وتطوانِ
وفي العراقِ/ شناشيلِ الدماء، وفي
مواقدِ الماسِ في أعراسِ لبنانِ
فمن سيسألُ؟
إنّي المغربيُّ ولي
بيتي الخليجيُّ في تلاّتِ حُورانِ
محرابيَ الأرْزُ والآياتُ ممرعةٌ
على الدوالي،
وفي الزيتونِ إيواني
زوّادتي القمحُ والليمونُ مملكتي
والغارُ تاجيَ
والمنثوُر قُمْصاني

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن المتوكل طه

avatar

المتوكل طه حساب موثق

فلسطين

poet-almutawakel-taha@

25

قصيدة

69

متابعين

لمتوكل طه أو المتوكل سعيد عمر شاعر فلسطيني من مدينة قلقيلية، مواليد عام 958، تلقى الشعر عن والده الشاعر سعيد بكر طه. حصل على دكتوراه في الآداب، وعلى الماجستير في الأدب ...

المزيد عن المتوكل طه

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة