ماذا يقولُ ؟ إسمَعوا ! (وقد هَجَمَ السبعُ، لكنَّ عنترةَ الفارسَ الشَهمَ، ردَّ الغضنفَرَ بالسيفِ..) الله أكبر! (عاد وفي سرْجِهِ رأسُ سَبْعٍ ) إذاً، عاد بالمَهْرِ لا، ليس بعد، اسمَعوا (قد هبّت الريحُ، عاصفةً إثرَ أُخرى ، ومادَ بهِ الرملُ، غاصَ، ورانت عليهِ السوافي، وظنَّ أخوه، الذي لاعبَ القوْسَ، شيبوبُ، أنَّ التلالَ أخذْنَ أبا الشِعرِ والسيفِ للقاعِ، ماتَ أخي فارسُ البيدِ، قال، وأنثالَ من بينِ كَفيّهِ دمعٌ .. وماذا أقولُ لها) *** (غداً، سادتي، سوفَ نُكملُ ) أَكْمِل لا تَتْرُك الفارسَ، الآن، تحتَ الرمالِ. يموت .. ولكنهُ سوف يترُكُهُ في حِراكِ الهبوبِ، وقال لنا : ( سادتي ، لنرى ما يجيءُ به الغدُ) . وارتشفَ الكأسَ، أو ما تبقّى بها .. ثم قامَ بقمبازِهِ والكتاب *** وقال لنا في ليالي الشتاءِ الحكايا ؛ عن الزيرِ والملكِ السيفِ، والذات ِ في حُسْنِها والصعاليكِ ، عن تُبَّعٍ في الأنامِ ، وتغريبةٍ لا تنام ، وعن أشْوَسٍ لا يُضام ، وقِصَّةٍ مملوكةٍ في الخِيام، وعاشقةٍ مثل بَدرِ التمام، وقصَّة ِ ذاك الإمامِ الذي قطعوا رأسَهُ لكنه َظلَّ يمشي على هَدْيِ شريانِهِ في الظْلام ، وعن شهريارَ وسفْك العذارى وحدّ الزؤام ، وعن راهبٍ ، في البعيدِ، أذابَ أناجيلَهُ لليمامِ ، وعن حاملِ الماءِ حين هوى في مناديلِ شُبّاكِها.. والغُلامُ ذوى حسْرَةً ! يا غيومَ الشجونِ أُذْكُري جُثةً في الغمام. *** وقال لنا الحكواتي صحائِفَهُ كُلَها، مثلما شاءَ لها أن تكونَ؛ بالشِعْرِ والقَصِّ والجِرْسِ والمدِّ والشَدِّ والوَقْفِ والسَرْدِ ..أو مثلما عاشَ مع أهلِها.. ثُمَ غاب. *** إلى أينَ، يا أيُها الحكواتي، الذي عَبَّأ الناسَ بالنارِ، جِئتَ لنا بالرجالِ الرجال، والحقِ والعدلِ، والعشقِ والشهواتِ الثقال، بالجانِ والسِحرِ، والموتِ َ والبحرِ والخيلِ والبدرِ، والماءِ والجمرِ، والرَجْفَةِ الخوفِ والرُمحِ والصَدْرِ، وإرتِعاشاتِ أشجارِ مَن ذَهبوا في السؤالِ .. إلى أينَ ، يا أيها الحكواتي، تروحُ، وتَترُكُ مَقعَدك المُتعال؟ تعالَ، فمن يجمعُ الأهلَ بعدَ التروايحِِ، منْ يصهرُ الثلجَ في مرجلِ الشمسِ، إنْ رَهَجَتْ في الليالي الطوال؟ ومَنْ يجمعُ الطيرَ ثانيةً للنبيِ، ويُطلِقُهُ في نداء ِالجبال؟ ومَنْ يغسل القلبَ من طينه، إنْ أتى ناعيا نبضه في الرمال؟ ومَنْ يستعيد الموازين للناس، إنْ ظلمت كفُ من فصلوا في المقال؟ ومَنْ ينشرُ السَّلْمَ في كلِّ بيتٍ، ويفرِدُ في الأرضِ بردَ الظلال؟ تعالَ، فقد هَرقوا ما بهم .. واستعانوا بِمَنْ سرقَ الحقلَ .. والحيَُ منشغلٌ بالقتال! تعالَ، فمنْ يُشْعِلُ الحَربَ، بعد العشاء، ويخْمِدُها كي تنامَ رماداً، إذا جاء وقتُ السحورِ، لكي لا يفورَ الحضورُ، وتبقى عَجَاجَتُها في الديارِ.. تعالَ، لتجلوَ هذي المرايا، وتنعفَ في مَسْكَبِ السامعينَ النَثار،وتبقى المداركُ كارهةً للضلالاتِ، والروحُ على عرشِها في الحصار.. تعالَ ! فلا طعمَ للسّحْلَبِ الشّهدِ في جَمْعَةِ السامرِ الدافئ المُستكين، بلا قِصَةٍ تَأخُذُ الشمْسَ للدارِ، لا لونَ للسُّوسِ والتَّْمْرِ والشايِ والزنجبيلِ بلا ساق تلكَ المليكةِ إنْ كَشَفت بَرْقَها للنهارِ، ولا ريحَ فوقَ الخوان المُرَصّعِ بالعسلِ المُسْتَطاب إذا أنكسرَ اللحنُ في فضّةِ الانتظار.. إلى أينَ تمْضي، وتَتْرُك هذا الزمانَ بلا قِصَّةٍ أو غِناء؟ لا بُدّ من حكواتي يجيءُ ليملأَ هذا الفضاءَ ، ويَقْسِمُنا ، إنْ أضاءت تفاصيلُهُ وجهَ مَن قَتلوا بَعْضَهُم في العراءِ، فتلقى وجُوهاً تُناصِر" جَسّاسَ" في حَرْبِهِ ضِدَ من أثْخَنَ القطْعَ في الحَبْلِ ..أو تَجِدوا مَنْ يُظاهِرُ " الزيرَ" في أخْذِ ثَأرِ الأخوّّةِ – قد خاتلوا القائدَ الفَذَّ لا بُدَّ مِنْ دَمِهِم ، فإذا ما أُبيدوا.. وقد رَنَخَ الطينُ .. فالصُّلْحُ رايتُنا نرْفَعُها للسماءِ. ولا بُدَّ من حكواتي يُعَلّمُنا الحُبَّ، يَجمَعُنا بالوحوشِ الأليفةِ، حتى يَظَلَّ بنا الطفلُ طِفلاً، وقد شَفَّ فينا الرُخامُ المُخَبَّأُ، أو نعتلي شَهْقَةَ النَّحْلِ، إنْ سالَ تِرياقُ تيجانِها في الرضابِ. ولا بُدَّ من حكواتي، يُعيد لنا كَرْمَنَا، يسترد الدوالي الثياب، ويُرجِعُ للرُمحِِ لَمْعَتَهُ في الضباب .. ويا أَيُها الحكواتي ! إلى أيْنَ تمضي، وتَتْرُك هذا الزمانَ بلا صَفْحَةٍ أو كِتاب ؟ لماذا تقومُ، وتَتْرُكنا هكذا ... في حضورِ الغياب ؟!
لمتوكل طه أو المتوكل سعيد عمر شاعر فلسطيني من مدينة قلقيلية، مواليد عام 958، تلقى الشعر عن والده الشاعر سعيد بكر طه.
حصل على دكتوراه في الآداب، وعلى الماجستير في الأدب ...