قد ضلّ قلبي، وعقلي مؤمنٌ، فأنا؛
موزَّعٌ
في بعيدٍ لا يُرى،
وَهُنا.
كأنني الطفلُ في أحضانِ غَفْوَتهِ
أو المشيبُ، وَظَنّاً يسبقُ الزَّمنا
يخرُّ إبليسُ في مجرى دمي شَرراً
والأنبياءُ بصدري أنشأوا المُدُنا
أنا النُواسيُّ في ضوضاءِ مَشْرَبهِ
أو المُريدُ يُذيبُ الواجِدينَ سَنا
أبدو تقيّاً نقيّاً باسماً طَلِقَاً
وحَوْبتي عقربٌ بالسُّمِّ مُحتَقِنا
ومُتْرَعٌ بِفُجورِ المارقينَ، كما
تبدو القداسةُ ذِكْراً لاهِجاً لَسِنا
شَهدي هو الخَلُّ، والأزهارُ مُمْرِعةٌ
لكنّه النَّحلُ يأبى الحَرْفَ إنْ لَحَنَا
أنا هديلُ يماماتِ الصّلاةِ.. وقد
أُعيدُ ما جفَّ من أغصانها، لَدِنا
أو أنني الذئبُ مشتاقٌ ليوسفهِ
أو عصمةُ الكهفِ للملهوفةِ السَّكَنا
وكنتُ مثلَ صغيرِ الطيرِ، وامرأةٌ
حَنَّتْ على زَغَبي من دِفْئِها.. فَحَنا
أنا تلاطمُ أنواءٍ على جَبلٍ
وخِرْقتي الموجُ هَدْياً تحملُ السُّفُنا
أَوَّبْتُ مثلَ رياحٍ في الّلظى، فَعَلا
أُوارُ موقدتي في لحمِ مَنْ حَضَنا
ندمتُ حتى كأنّ الوقتَ يذبحني
وَهَدَّتِ النَّفسُ، مِن لَومٍ لها، البَدَنا
عصرتُ كلَّ عناقيدِ البلادِ، ولم
أتركْ على ذِمّتي شَاماً ولا يَمَنَا
سلكتُ دربَ جميعِ الصاعدينَ له
حتى أتَمَّ فؤادي الفَرْضَ والسُّنَنَا
وعدتُ أكسرُ نجماً إثْرَ كوكبةٍ
كأنني لم أزِدْ في بَيْعها ثَمنا
أنا دخانُ حريقِ العابثين، ولي
مجرَّةُ الكشفِ، في عليائها، وطَنا
وقد تباعدتُ عن أحبابِ بارِقةٍ
وجاءني الغَوْثُ؛ أرجو قُرْبَهُ.. فَدنَا
وقد طُرِدتُ من الفردوسِ معصيةً
كما رجعتُ إلى جَنّاتهِ عَدَنَا
وكم ترمّدتِ الأقمارُ من لهبي
وأبعدتْ عن نَدامى ليلتي الوَسَنا
رميتُ روحيَ في الأنهارِ من وَلَهٍ
وظلّ نبضيَ في الغيماتِ مُرتَهنا
أنا الذي أطلقَ الأفراسَ من يده
وتلك مَن أَوقَفَ الحُوذيَّ والرَّسنَا
أشعلتُ في شهوةِ الغاباتِ سَوسَنَها
وقُبّتي تحرسُ الأطيارَ والفَنَنا
ما زلتُ في التّيهِ، أيامي مبعثرةٌ
وكنتُ مَن وجدوهُ كَيِّساً فَطِنَا
نصفي سوادٌ كما القَطران فحمتُه
والنصْفُ يقطرُ، من أعطافهِ، اللّبَنا
وغربتي وطنٌ أو لا طريقَ لها
وباتَ سِرّيَ، من أوجاعه، عَلَنا
نزفتُ مِلْحِيَ.. إنّي مُسْرِفٌ، وَلَكَم
تدفّقَ الدمعُ من أجفانهِ خَشِنا
وكم تُعاتبني الليلاتُ إنْ غَفِلَتْ
عينايَ عن وترٍ أسرى بها شَجنَا
أنا الغزالُ الذي يصطادُ لبوَتَه
ومَنْ يُدَوِّمُ سَهمَ النارِ إنْ طَعَنا
وجُبّتي من حليبِ البدرِ نَرجِسُها
والشيخُ يكشفُ عن نورٍ بها كَمَنا
سُلافتي شهوةٌ في القصرِ ظامئةٌ
ويوسفٌ بقميصي باتَ مُذْ سُجِنا
وكنتُ ضدّين، بل ما زلتُ منقسِماً
ما بين مُعْتَرفٍ أو يُنْكِرُ الظُنَنا
وربما جاوزتْ كفّاي ما اجترحت..
لكنَّ قلبيَ لم يُشْرِك بمَن رَكَنَا
هذا عزاءُ الذي اشتَطَّت به لُجَجٌ
وقمحُ مَنْ بالرّحى أحمالَهُ طَحَنا
وضاعتِ الأرضُ لا وَجهٌ ولا جِهةٌ
وصرتُ والليلُ لا عيناً ولا أُذُنا
حتى امتلأتُ بِفَوْحِ الكُحْلِ وانغمرَتْ
أرضُ الخزامى بِبَرْقٍ أذهَلَ الحَزَنَا
يا ريحَها الشَّهدَ! فوّاحٌ،
وملمسُها عيدٌ،
وأعرافُها الجُوريُّ إنْ فَتَنا
وامتدّ ضوءٌ بها حتى أنارَ فَمي
فصِحتُ: أين أنا؟
والصوتُ: أنتَ هنا..
وقفتُ، والبابُ مفتوحٌ على أَمَدٍ
سألتُ: أدخلُ؟
قالوا: إنّه أَذِنا
ادخُلْ بِكُلِّكَ؛ صُوفيّاً وملتبساً
وفاسقاً ظالماً أو طاهراً حَسَنا
واعبُرْ! عرفناكَ من طينٍ،
وعادتُه هذا التناقضُ،
لا ربّاً ولا وثنا
وجاءنا من ملاكِ الثلجِ منتصباً
ومن سعيرٍ شديدِ البأسِ، إنْ عُجِنا
هذا أنا، هكذا نبقى، وليس لنا
إِلّاهُ.. يرحمُ تيّاهاً وَمُمْتَحَنا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن المتوكل طه

avatar

المتوكل طه حساب موثق

فلسطين

poet-almutawakel-taha@

25

قصيدة

69

متابعين

لمتوكل طه أو المتوكل سعيد عمر شاعر فلسطيني من مدينة قلقيلية، مواليد عام 958، تلقى الشعر عن والده الشاعر سعيد بكر طه. حصل على دكتوراه في الآداب، وعلى الماجستير في الأدب ...

المزيد عن المتوكل طه

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة