الديوان » العراق » رشيد ياسين » الملعونون

نحن الملعونون ، تخلى عنا الله !
كم تقويم بليت منه الأوراقُ
ونحن هنا – واأسفاه !
نتعفن في هذا القبو الآسنْ
ونجرٌ الخطوَ الواهن
بين الفزع الها ئل و الموت الماثل في كل مكان !
تصعقنا في الليل الساكن
صرخات رجال تقتلهم لدغة ثعبان !
أو تخطفهم ، قبل بزوغ الفجرْ ،
أشباح غامضة !...عبثاً نتذرع بالصبر
نتطلع عبر القضبان
بعيون خابية أطفأها القهر
وبأنفاس أفسدها التبغ ورائحة الخمر
صوب الظلمات المكتظة بالدم و الرعبْ
ونقول لعل سدوم سيمحقها غضب الرب
و صواعقه ،لكنْ واأسفاه !
إنا ملعونون تخلٌى عنا الله
وتخلينا عنه ، نسينا كل وصاياه
ونسينا أنٌا بشر ، واعتدنا أن نتلقى الركَلاتْ
بخنوع الكلب السائب في الطرقات !
لا معجزة تحدث !
لاشيء يبدد هذا الصمت الأبدي الملعون !
هذا الصمت المشحون
بملايين الصرخات المكتومه
وملايين الافئدة المكلومه
غير أنين الريح الخافت في الطرق المهجوره
وخطى الحراس الشرسين على الأرصفة المحظوره
* * *
عبثاً ،يا قلبي ، تحلم بالإبحارْ
بالزبد الأبيض و الأفق المفتوحْ
بعوالم تنشدٌ إليها الروح ...
فلقد غيٌرموضعه البحر
وفوانيس مرافئه ابتعدت ، وسفينتنا التهمتها النار
لم يبقَ سوى أشرعةٍٍ مهترئه
وصوار منكفئه
في مستنقع وحلٍٍ وقماماتٍ ودماءْ
تطفو فيه الأيدي المبتورة و الأشلاء
وتقيم حواليه ولائمها المرتزقه
والقوٌادون و تجار الكلمات الدبقه !
ماذا بعدُ سوى أن تألف هذا الصمت َ؟!
ماذا بعد سوى أن تنتظر الموت ؟
عجباَ !
أتخاف الموت و أئتَ تعايشه صبحَ مساءْ ؟ !
تتنفسه في الريح ، وتبصره في أحداق الرقباء
ويزورك في الكابوس ، إذانمت ،وفي أرقك
وتحسٌ أصابعه الثلجية وهي تمر على عنقك !
ماذا لو أنك صحت بأعلى صوت ؟
لو واتتك الجرأة أن تبصق في وجه الجلاٌد
وتقول لطغمته : أنتم حفنة أوغاد ؟
لكنك تخشى الموت
والكل هنا يخشاهْ
الكل هنا يؤثر أن يكتم بلواه
ولعلٌ لهم عذراَ في ضعفهم البشري ، ولكنْ ...
لمََ ينسانا الله
ما دمنا بشراَ ؟ أوَلسنا بعض رعاياه ؟ !
* * *
عبثاَ ، يا قلبي ، تنتظر الفجرْ
فالليل هنا أبديٌ ، ليس له طرفانْ
والعمر تولٌى ..غيربقية أوشا ل في القعر
العمر تولٌى ، لم يبقَ لأحلام الأمس مكان
لميبق سوى أن تسلم نفسك للديدان !
فالشيخ الحفاٌر يهيء مثوى لك في القفر
والشيخ الحفاٌر مجدٌ أبداً في الحفر !
إني أسمع ضربة معوله في هدأة منتصف الليل
في دقات الساعة وهي تصيح : الويلُ ، الويلْ !
آهٍِ ، ما أوجع أن تثوي أبد الدهرْ
نخرات عظامك في هذا القفر !
أن تتدثر بالعوسج و الكثبا نْ
حيث نشيج الموتى يتصاعد مختلطاً بنعيب الغربان !
لا سروة تلقي الظلٌِ عليكْ
لا زهرة تهدي الطيب إليك !
ما أوجع أن ترحل عن دنياكْ
مهزوماً ، لم تحصد من كل حدائقها غير الأشواك !
أن ترحل منكسراً...
و يظلٌ يعربد بعدك هذا الرهط الفاجرْ
ويظل الوحش الكاسر
يتبختر مزهواً فوق دماء ضحاياه !
لكنْ...
أيحق لمثلك أن يأسى لو فارق دنياهْ ؟
ولماذا تأسى ؟ هل يخسر شيئاًََ من يخسر بلواه ؟ !
عبثاَ نترقب ، نحن الثاوين
في الوحل الدامي ، كقطيع ينتظر الذبح
فجراَ ليس يجئ !
وتمر الأعوام ولاشئ يضيء
ظلمتنا الأبدية الأبدية إلا ومض السكين
لا نأمةَ تصدرعن أحدٍ ، لا صوتْ !
لاشيء سوى الموت!
لاشيء سوى الموت !
لاشيء سوى الموت !

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن رشيد ياسين

avatar

رشيد ياسين حساب موثق

العراق

poet-rashid-yassien@

35

قصيدة

228

متابعين

رشید یاسین عبّاس الرّبيعي،صحفي وشاعر وناقد أدبي وأستاذ جامعي عراقي. ولد في بغداد سنة 1929،وأكمل تعليمه الابتدائي والثانوي فيها. ثم تابع تعلميه في علوم المسرح في بلغاريا فنال البكالوريوس، وحاصل على ...

المزيد عن رشيد ياسين

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة