أحبك لأنك لا تعرف كيف تحب غير ذاتك، ولا تبذل مجهوداً لإخفاء ذلك! أحبك منذ ألف عام لأنني ما زلت حتى اليوم أجهلك. لعلّك الماء البسيط المركّب في آن، المليء بالأسرار. الماء السهل الممتنع. وإذا انكسرتُ داخلك صرتُ قوس قزح يشبهك، تنسجم فيه الألوان المتناقضة. أحبك لأنك العاصفة والمرفأ في آن، الحرية والقفص، التحليق والقبر! أحبك لأنك جميل ومبدع وشاعر لا يؤتمن جانبه، أصابعه اللون والضوء والصرخة وعطر الياسمين. أحب خياناتك لي فهي تؤكد لي أنك ما زلت حياً ومتأججاً بالحيرة! أحبك لأنك ساخر من كل شيء بادئاً بنفسك، أحبك لأن عينيك تكذبانك وتصدقهما ولا تقلعهما. أحبك لأنك غجري الترحال المستقر، لأنك القصائد وقد تقمصت طفولة متوحشة. لأن جسدك الحار قرين الإعصار. أحبك لأنني أحبك، و"قلبي يحدّثني بأنك متلفي/ روحي فداك عرفت أم لم تعرف". أدور حول أسوارك وقد جئت أطلب ناراً واليت مشتعل، وشكوكك تتدلى أعلاماً محروقة على حخصونك.. آه كيف يهطل الشك المبرر من عينيك وأن أفتش في جسدك الحصين عن موزاييك زجاجي ملون أكسره وأصرخ عبره إلى قاعك وأقول إنني أحبك حقاً دون أن أكذب كثيراً! ولكن، حسناً تفعل حين ترفع جسورك وتغلق نوافذك وتفخّخ شرفاتك. فلعلّي أحبك كما أَحبَّ حصان طروادة خديعته!
غادة أحمد السمان كاتبة وأديبة سورية.ولدت سنة 1942م، في دمشق،ضمن عائلة شامية عريقة. والدها أحمد السمان الذي كان رئيس جامعة دمشق كما استلم منصب وزير التعليم السوري لفترة قصيرة، ووالدتها ...