ذات جرح ذات شتاء صحوت فوجدت يدي مبعثرة .. كل اصبع ركب قطاره و مضى .. فكيف اكتب إليك ؟ متوجة بظلماتي و احزاني و دهاليزي ... معفرة بذكراك و روائح تبغك .. محمولة على هودج من اسراري أمضي الى تلك الغابة الضبابية الماطرة التي لم يعد احد منها لكنني دوما اعود و استمر في الموت كل مساء حين افتقدك و ازحف شوقا اليك على صحاريالورق الابيض القاحلة ... اتأمل نفسي في مرايا العيون .. كم ابدوا من الخارج إمرأة أخرى أسارير قلبها منفرجة و متخمة بالحماقة و السعادة ... كثيرات يحسدن تلك المراة و يتمنين ان يتقمصنها ..و يقلدن صورتها ... و انا ايضا احسدها ... و اتمنى لو اكونها ... ها انا اكرر المهزلة ... ها انو اخون الطعم و الصنارة و انحاز الى الاسماك .. ها انا اغادر اليخت لأمشي في تظاهرة السردين و نجوم البحر ... هذا تاريخي مع حسابي المصرفي !! آه كم يشبه البحر السماء و كم يشبه حضورك غيابك ... و صدقك كذبك .. و كم تشبه الاصداف الفارغة الجماجم المعبأة بالرمل ... و كم تشبه البومة الفراشة و شهقة الولادة كم تشبه شهقة الاحتضار ... و كم المسافة قريبة بين الفراش و القبر ... فكيف نتشاجر لانك تفضل خيارك بملح اكثر و فراشك بوسادة اعلى .. و امرأتك بردف أكبر ؟ و اشهد انني ذات شتاء احببتك احببتك منغلقا على ذاتك كحبة بندق .. حزينا و شاحبا كأضواء النيون في المكتبة العامة عبر النافذة الماطرة الموسخة .. متعبا و نصف ممزق كبطاقة ( مترو ) بين اصابع صبي نزق ذاهب الى مدرسته .. فقيرا كلوحة عبقري مرمية في القبو بلا إطار ... كسولا كالحرير ...خبيثا كالدانتيل ...عذبا كالمخمل ... ثاقبا و حادا كالريح الليلية .. التي تخترق صدري حينما اغادرك الى الثلج و اعبر ساحة الكونكورد المفتوحة لرياح الألب و البرادات النووية .. و اشهد انني ذات شتاء احببتك حاسما كالموت شرسا كانتحار... مرهفا و موسخا و نصف مقضوم كأظافر المراهقين ... طويل القامة كقصب السكر ...حازما كاليأس ... اقطفني عن الليل وردة سوداء .. التقطني من الريح ... سنبلة تائهة و كن طواحين الهواء ..
غادة أحمد السمان كاتبة وأديبة سورية.ولدت سنة 1942م، في دمشق،ضمن عائلة شامية عريقة. والدها أحمد السمان الذي كان رئيس جامعة دمشق كما استلم منصب وزير التعليم السوري لفترة قصيرة، ووالدتها ...