كأني مت فقد سكن الوجع وتعانق الشقاء والفرح متواطئين وخرجا من مسرحي ولفظ الحب أنفاسه بعد ليل احتضار طويل * * * ولكن ، كأني مت وهذا الفجر يحيق بي من دون أن يهمس لي بشيء وعما قريب تتسلق الشمس جرحي في طريقها الى اختراع يوم جديد كأني مت ... لا جديد . * * * كأني مت ... لا أترقب لقاءك لا أترقب فراقك لا أشتهي عناقك لا أشتهي خصامك لا تفسير لدي لا تفسير لديك أشتهي سماعه لقد ولد حبنا كبرق ورحل كبرق . * * * ولكن ، كأني مت والعشب في الحديقة عاد عشباً ولم يعد كوناً من غابات السحر والأشجار عادت أشجاراً ولم تعد دروباً الى مدن العجائب وحتى الطائر الذي احتضر قليلاً ثم مات للتو على نافذتي ليس أكثر من جثة طائر ستفوح منه رائحة نتنة حين يلتهب النهار ... * * * كأني مت اقرأ صحف الصباح بلا مبالاة وأطالع الاعلانات عن المنشطات الجنسية والدواليب المحروقة وصور القتلى من دون أن يصيبني ذلك التوهج اليومي بالسخط والرضى وجسدي لم يعد أسلاكاً مشدودة تومض كل ثانية ضوءاً وناراً وتلتهب حتى الانصهار ووجع التمزق * * * كأني مت وأستطع أن أستعيد ذكرى جسدك عضلة عضلة من دون أن يختلع جسدي شهوة أو غيرة أو غضباً وأستطع أن أستعيد ذكرى ضحاكتنا في الغابات من دون أن أحن أو أغص وكل أصواتنا وهمهماتنا القادمة من الماضي أسمعها ، كما يسمع ميت تحت التراب ضحكات المارة المجهولين في الشارع المجاور . * * * كأني مت كأنك كنت حقاً من بعضي وحين قتلت نفسي لم أكن أدري انني انتحرت
غادة أحمد السمان كاتبة وأديبة سورية.ولدت سنة 1942م، في دمشق،ضمن عائلة شامية عريقة. والدها أحمد السمان الذي كان رئيس جامعة دمشق كما استلم منصب وزير التعليم السوري لفترة قصيرة، ووالدتها ...