"سأجلسُ في المقهى، لأتخذ، قراراً حولَ حياتي نعمْ حياتي أنا… لكن، بحق الشيطان أهذهِ حياة… تستحقُ أنْ يُؤخذَ لها قرار" .... باتجاهِ عزلةِ المقهى أهربُ من البحر: أمواجِ ضفيرتِكِ – وأقصدُ – اضطرابَ القصيدةِ باتجاهِ رمالِ الندمِ: نسيانكِ – وأقصدُ النثرَ اليومي أهربُ من الدقائقِ التي تنبضُ بكِ إلى الساعةِ العاطلةِ، العقاربِ الواقفةِ على منتصفِ الذبول أتعبتني الذكرياتُ وآنَ لي أن أستريحَ على أيّةِ مصطبةٍ هادئةٍ كأميرٍ مخلوعٍ بعيداً عن الأبهةِ والشموعِ وجوقةِ المنشدين ماداً خطاي على امتدادِ الشوارعِ والنسيانْ الذكرياتُ وحدها التي تؤلمني أينما حللتُ الذكرياتُ: بقايا الكرزاتِ الذكرياتُ: رائحةُ شعركِ في كلِّ الشوارعِ الذكرياتُ: انكسارُ المطرِ على شرشفي الأصفرِ الذكرياتُ: رصيفُ الزعلِ الذكرياتُ: القطارُ الراحلُ جنوباً باتجاهِ صيف شفتيكِ الذكرياتُ: الأغاني الذابلةُ من فرطِ النعاسِ والبوحِ والإنتظارِ الذكرياتُ: ساعي البريدِ الذي لا يحملُ رسائلَ إلى أحدٍ الذكرياتُ: التي ضيعتني تماماً ذكرياتُ الرمادِ والخنادقِ والمطرِ الأسودِ أيتها الذكرياتُ آنَ لي أنْ أغادرَ مراياكِ إلى الكتبِ التي لمْ أقرأها بعدُ آنَ لي أن ألملمَ شظايا نفسي من الحاناتِ. وأرجع إلى البيتِ – كهولتي المبكرةِ – قبلَ الواحدةِ على الأقل آنَ لي أن أعيدَ ترتيبَ جنوني كي أصلحَ للنشرِ آنَ لي أن أشربَ فنجانَ قهوتي الصباحية بعيداً عن صباحكِ العاطلِ في المصعدِ العاطلِ آنَ لي أن أفتحَ رئتي على اتساعِ الغاباتِ وأطلق عصافيرَ أيامي الباقية – التي لم يجففها الصيفُ والأقفاصُ والقنابلُ – بعيداً، باتجاهِ الأفقِ والغصونِ البليلةِ والموسيقى آن لي أن أحرقَ أوراقي وأستقيل من هذهِ الوظيفةِ الرتيبةِ موظف أرشيفٍ في متحفِ الذكرياتِ أجمع الصورَ القديمةَ وطوابعَ الأحزانِ والأسماءَ التي انقرضتْ لن أنتظرَ سنَّ التقاعدِ – كما يفعلُ الآخرون – ففي صدري رجلٌ فوضويٌّ لا يحب غرفَ الأضابيرِ الصفراء ولا يطيق رائحةَ أدويةِ التحنيطِ وداعاً أيتها الذكريات المحطنّة ولا يطيق رائحةَ أدويةِ التحنيطِ *********** *********** وداعاً أيتها الذكريات المحطنّة ***********
ولد عدنان الصايغ في الكوفة (العراق) عام 1955 ، وهو من أكثر الأصوات الأصلية من جيل الشعراء العراقيين المعروفين باسم حركة الثمانينيات. شعره ، المصنوع بأناقة ، وحاد كرأس سهم ...