الديوان » لبنان » جرجي شاهين عطية » بذكراك لا ذكرى حبيب ومنزل

عدد الابيات : 62

طباعة

بذكراك  لا ذكرى حبيبٍ ومنزلِ

براعةُ  إهلالي وبدءُ تغزُّلي

وأرضك  يا لبنان قدماً هويتها

ولم  أهو ما بين الدخول فحوملِ

وحبك  من قبل الفطام رضعته

غدا في دمي يجري إلى كل مفصلِ

فأنت حديثي في رواحي وغدوتي

أصوغ بك الأشعار في كل محفلِ

وأنت  ازائي  حيث سرت ممثلٌ

فيطربني المرأى ولو بالتخيلِ

جنوباً وشرقاً أو شمالاً ومغرباً

أسير  وذياك  الخيال يلذُّ لي

عشقتك يالبنان في المهد قبل أن

أطاقت مسيراً في ربوعك ارجلي

ولم يك معنى العشق حرك مهجتي

ولا  كان لفظ العشق حرك مقولي

ولا كنت أدري ما حباك من البها

الهٌ  على  كل الخلائق معتلِ

وأنَّى  لقلبي طاقةٌ أن يكون من

هواك  خلياً وهو ليس بجندلِ

وأنت  ملاذي في الخطوب وعقوتي

وعوني  على صرف الزمان وموئلي

وموطن أحبابي ومثوى عشيرتي

وآلي  ومن  أضحى عليهم معوَّلي

ولي  في ثراك الطاهر الطيّب الشذا

جدودٌ عليهم رحمة الواحد العلي

فيا  ترب لبنان الذي كم أتيتهُ

وقاراً  وإجلالاً  أقبّل  ما بلي

سقاك الحيا يا خير تربٍ مباركٍ

وحياك  مزن العارض المتهللِ

ولا  زلت للإسعاد واليمن منبتاً

ينال بك الراجون أبعدَ مأملِ

لك  الله  يا لبنان طوداً ممنعاً

تعزُّ مراقيه على المتوقلِ

أمامك بحر الروم يبدو لناظرٍ

صفائحهُ مصقولةٌ كالسجنجلِ

غدا  لك عند الأخمصين مراقباً

بمقلته  الزرقاء دون تغفلِ

يرى قدرك العالي ورأسك شامخاً

وليس  إلى  ما نلته من توصلِ

فيلظى  ويرغي مزبداً ويعجُّ من

أوارٍ  وفي  أحشائهِ أيُّ مرجلِ

وتندفع  الأمواج  منه هوائجاً

كجيش غزاةٍ يبتغي فتح معقل

فتصدمها منك الصخور بشدةٍ

فترجع عنها رجعة المتذلل

ويا  طالما كرت عليك جحافل

فأهلكت منها جحفلاً بعد جحفل

وكم   نزلت   قدماً  نوازل

فبددت  منها  آخراً  إثر أول

فيالك  من طودٍ منيع مظفر

بأجمل أثواب البياض مسربل

"فراسك ""صنين"" بثلج مكلل"

كرأس  مليكٍ  بالنضار مكلل

"إزاه ""فم الميزاب""يبدو كاشيب"

كبير  أناسٍفي بجاد مزمل

وارزاك تمثال العصور التي مضت

أراه  سيبقى للعصور التي تلي

به تدهش الإبصار من كل ناظر

وتعجب  منه فطنة المتأمل

فكم  دولةٍ فدعا صرته فأدبرت

وظل  على رغم النوائب يعتلي

يعيد  لنا ذكر القديم مما لكلً

وغر  ملوك بالحديث المسلسل

فمنه سليمان المعظم سالفاً

لرب  البرايا  زان أفضل هيكل

فمات سليمان وهيكله عفا

ولكن  هذا  الارز  لم يتحول

ومازال حتى اليوم غير مغيرٍ

يحدث  عنه بالبيان المفصل

وسبحان  من  أجرى  ينابيعك

التي يصبح بها المضني ويشفى من أبتلي

كواثر  تجري في جنان خصيبةٍ

"فتحكي ""سلافاً من رحيق مفلفل"""

غدت كالأفاعي الصم منسابة على

أديم  الفيلقي  جدولاً أثر جدول

"فيا  حبذا ""نهر الصفا"" عندما صفا"

فكان لأخوان الصفا خير موئل

"ويا حبذا ما فاض من ""لبن"" لنا"

"ومن ""عسل"" من دونه كل سلسل"

"ويا حبذا يوم ""الظبية"" رائقا"

ولا  حبذا  يوم  بدارة  جلجل

وقفت على أكنافها متنشقا

نسيم  الصبا جاءت بريا القرنفل

وقد  برزت  تلك الظبية تزدري

ظبيات عسفان وآرام يذبل

لها  من  غراء الماء عقد لآلئ

على  جيدها الفضي من دونه الحلي

فما  لذة الدنيا برشف رضابها

تقاس ومهما قلت في وصفها قلٍ

أخي  أطرح  ذكر العذيب وبارقٍ

ونجدٍ ودع جرعا حومة جندلٍ

وعرج  إلى  لبنان تنس جميع ما

تعشقت  من  أهلٍ  ونادٍ ومنزل

هو  الأنس والعيش الرغيد مجسما

فما شئت عن نعمائه فتمثل

لقد خصه المولى الكريم مواهباً

سواه  إليها  ليس بالمتواصل

فماء زلال ينعش القلب ورده

به  لذوي  الأسقام أعذب منهل

يسيل لجيناً فوق درٍ من الحصى

فيسقي رياضاً كالعرائس تنجلي

وعرف نسيم يبعث البشر في الحشا

وينفي جيوش الهم عن كل مثقل

إذا  ما جرى بين الرياض تحركت

أفانينها  ثم  أنحنت بتذلل

فقامت عليها الصادحات شوادياً

بأنغامها  من عندليب وبلبل

تجلي  عن القلب الحزين كروبه

وتشكر  جود الخالق المتفضل

إلى  هذه الأرجاء يا راجي الهنا

تحمل  وفي هذي المواطن فانزل

فتحيا بعيدا عن شقاءٍ ومنحةٍ

وتبقى  عن الغم المذيب بمعزل

وترتع  في أكناف أمن وراحةٍ

بظل  مليك الخافقين المبجل

من  أختصه بالجم من حسناته

ومن  عليه بالنظام المفضل

فضاءت شموس السعد فوق هضابه

وراح ظلام الجهل والبطل ينجلي

أدام إلهي في حمى سيد الورى

للبنان ضموا ليس بالمتحول

وأبقاه  منصوراً فيشدو مردداً

له  الحمد  بعد الله كل مرتلٍ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جرجي شاهين عطية

avatar

جرجي شاهين عطية

لبنان

poet-Jurji-Shaheen-Attia@

82

قصيدة

4

الاقتباسات

3

متابعين

جرجي بن شاهين عطية. أديب وشاعر لبناني، من أصحاب المعاجم. أنشأ مجلة المراقب (1908 - 1913) وعمل في التعليم مدة طويلة. أشهر كتبه (المعتمد - ط) معجم عربي مدرسي. وله (رد الشارد ...

المزيد عن جرجي شاهين عطية

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة