أيدري الدهر ما فعلت يداه

وأي رجاله أصمى قضاه

وأي ذوي العلاء سطا عليه

وأي  عماد مكرمةٍ دهاهُ

ولو  علم الردى من قد تجني

عليه  لهالهُ خطبٌ أتاهُ

هو العلم الأشم عليه جارت

يد البلوى وما رهبت علاه

هو الركن الذي كنا نقاوي

به  الأرزاء قد هدت قواه

دهاهُ الخطب في لبنان لهفي

فمادتْ  من تفجعها رباهُ

وناح  عليه أهلوها جميعاً

كما  قد ناح ثكلان أباهُ

لئن بكت البلاد دماً عليه

فكم أفنى بخدمتها دماهُ

وإن أذكت مصيبتهُ حشاها

فكم  أذكت محبتها حشاهُ

لقد كانت ترى بأبي سليمٍ

نصيراً لا يخيَّب من رجاهُ

وكان  فخارها  بأبي سليمٍ

يطول فطالما أعلى لواهُ

مضى طوعاً لأحكامِ المنايا

فليت  نفوسنا كانت فداهُ

مضى كالسيف يغمدُ في نصاب

وكان السيف يعجب من مضاهُ

فلو كان الضريح اليوم يدري

لتاه مفاخراً في من ثواهُ

حوى  ذا اليوم نبراس المعالي

وحجّب بدرها الباهي سناهُ

فوا  لهفي على الندب المُرَجَّى

لريب  الدهران سُلّت ظُباهُ

عليه أثارت الأحزان داءً

فلا  الآسي  أفاد ولا دواهُ

أذابت  جسمه نوبٌ جسامٌ

ولكن لم تُذِب صبراً حواهُ

حكى أيوب في نوب الليالي

كذلك  في تجلُّدهِ حكاهُ

كواكبُ سبعةٌ أقمار ثمَّ

وشمس هدى أغيبوا عن حماهُ

لم  يجزع وسار إلى لقاهم

بلا  جزع لدن ربي دعاهُ

أبناء الطبيعة قد جهلتم

برأي  لا يحق له انتباهُ

بإنكار  الإله قد أزدهيتم

ويعرف  ماتقولون الإلهُ

فسوف ينالكم منه جزاءٌ

إذا  ما  نال خائفه جزاهُ

بيوم  تجمع الآثام فيه

وتخرس في المحاسبة الشفاهُ

فلا   مالٌ  ولا  علومٌ

سوى  من كان عدّته تقاهُ

فبا لتقوى تزود من فقدنا

إلى  باريه ينعم في سماهُ

هنالك يلتقي من قد بكاهم

ويبلغ بالسعادة مشتهاهُ

فيغتبط  الفقيد بملتقاهم

ويغتبط  البنون بملتقاهُ

تعزَّوا  يا ذويه فقد أراكم

مثالاً  في  بلاياهُ عزاهُ

لأنتم خير من بلغ المعالي

فاثبت للمكارم معتزاهُ

فميخائيل  ناداه إليه

رئيسُ  جنود ربي في علاهُ

فاقبل  رافلاً بثياب مجدٍ

ونال  بقرب مولاه مناهُ

عليه مراحم الرحمان تثرى

وغادية الرضي تسقي ثراهُ