الديوان » العصر العثماني » حسن حسني الطويراني » حن المحب إلى الحبيب فناحا

عدد الابيات : 64

طباعة

حنّ المحبُّ إِلى الحَبيب فَناحا

وَغَدا عَلى حُكم الغَرام وَراحا

أَمسى  هواه مؤانساً وهيامُه

خدناً  وَكلٌّ بِالهَوى يتَلاحا

أَخذ الهَوى بفؤاده وعيونه

فَصَبا وَصبَّت واستباح وَباحا

فَالقَلب ضنّ بصبره وَجفونه

جادَت  وَكانَت قبلَ ذاكَ شِحاحا

هَذا  تكلَّم بِالسُكوت وَهذِهِ

بِلسانها الجاري رَأَت إفصاحا

لبست لياليه السواد لِأَنَّها

قَد  بايعت من شَأنِهِ السفاحا

في  جيدها نُظمت لآلئُ زُهرها

وَتوشحت نهر المجرّ وَشاحا

فكأنها طافت عَلى أَفلاكها

إِذ  رقرقت بنجومها أَقداحا

أَو أَنها رصدت لهن مراصداً

أَو  أَنها ضربت بهنّ قداحا

فقدت ضياء الشَمس فهي بقلبها

تبدي  لنا شفقَ الغروب جراحا

عجباً لها تبكي لفرقة آيب

وَتريد  سلوى للوفا فضّاحا

وَأَظنُّ ما بين الكواكب معركاً

وَلذاك  تُبرزُ أترساً وَرِماحا

وَمِن العَجائب أن منها أَعزلاً

يبغي  وَيأنف ذو اليدين كفاحاً

وَتَرى الثريّا قد بدت في هودج

وَبنات  نعش يتَّبعنَ صياحا

يدأبن  سيراً لا قرار يصدُّه

قلَّدن في ملك السما السُّوّاحا

وَلذاك لم تلق العصيَّ وَربّما

أَلقت  إِذا بلغت مدى وَمداحا

أَسفاً لتلك الجاريات توقفت

في  حيرة لي ما تروم سَراحا

وَلها الجَميل على التباعد بيننا

ثبتت وقد زال القريب وَطاحا

وَأَخالها قد أَوقدت من شهبها

لتزيل ظلمةَ حالتي مصباحا

أَرسلن لي طيبَ النسائم عائداً

فَأَراحني  إِذ بثها أَرواحا

وَرَأى ضنى جسدي عليلاً قَد حوى

من  جوهر الودّ القَديم صحاحا

قلباً عَلى جهدٍ يقلّبه النوى

ما  بينَ بينِ مُنىً وَلاحٍ لاحا

أَمْلَت صبابتُه وَسطَّرَ دمعُه

في وَجنتيه بما جرى أَلواحا

ما مثّل الأَغصانُ قامةَ حبِّه

إِلا وَساجل بُلبلاً صياحا

أَبداً  وَلا  مرّ النسيم بطيبه

إلا  تروّح  بالهوى وارتاحا

وَلَواضحٌ عذرُ النَواظرِ إن تكن

نظرت  أَحاسنَ ما سواه قِباحا

صبٌّ يزيدك أَدمعاً ما زدتَه

لوماً وَيحزن ما رأى الأفراحا

كم توضِحُ المكتومَ ذكرى توضحٍ

وَيزيد في القَلب الغضا إلفاحا

وَلَكم  جَرى سبلُ العقيق بغربه

فَروى  وَأَعشب شِعبَه الفيّاحا

غلب الجنون فنونه بفتونه

فغدى يرى جدَّ الوجود مزاحا

سحرته آرام بوَجْرَةَ حُسَّرٌ

فَغدا أَسير شعوبها ملتاحا

فاحذر نَصيحتهُ أَو انصح يا فَتى

سَتَرى لجاجاً أَن تُرِدْ إلحاحا

ماذا يُفيد النصح مَن في قَلبه

حكمَ الغَرامُ فَبَعَّدَ النُّصّاحا

عَجَباً  تؤمّل مِنهُ سَلوى بَعد ما اعـ

ـتقدَ  الفَسادَ مِن الغَرام صَلاحا

دَعني أُخَيّ مِن المَلامة إنَّني

لمتُ المَلام لِما هَويتُ مَلاحا

حَسبي بِأَعقاب التَجارب رادعاً

عَن  غَيّ نَفسي وَاعظاً وَضّاحا

فَلَقَد لجأت إِلى النَبي مُحَمَدٍ

فَوَجَدتُ  مِنهُ مَع النَجاة نَجاحا

وَلَزمت  منّاع الجوار إِذا دَهَت

ظُلَمُ  الخطوب وَلِلنَدا منّاحا

وَافيتُه  وَالقَلب طمّاعاً لِما

يَهبُ  الكَريم وَناظِريَّ طِماحا

وَقَدَمت وَالخسران يُثقلُ كاهلي

فَأَفادَني بَعد الجوار رباحا

وَقَصَدتهُ وَالأَمر ضنكٌ ضَيّقٌ

فَوَجدتُ ساحات الرَجاء فِساحا

وَلمثلها  لا يُرتَجى إِلّا الَّذي

أَحيى  النُفوسَ وَطَهّر الأَرواحا

إِن  حرّمت يَوماً عَلَيك صُروفَها

صَفواً فَلُذ تَلقى المَنيع مُباحا

وَإِذا اكفهرّ الدَهرَ وَانبهم الهُدى

فَاطلب حماه تجد بِهِ إصباحا

وَمتى دَهى أَمرٌ وَراب غُموضُه

فَاطلُب بِهِ المنجاةَ وَالإيضاحا

لا تَخشَ ضَيماً أَنتَ فيهِ جارُه

وَاعلم بِأَنك قاصدٌ جحجاحا

إِن  كانَ جسّاس بناقة جاره

أَنكى كُليباً وَاِجتَرى فَانداحا

فَلأَنت  أَكرَم من سَراب وَشأوه

أَعلا  فَلا  تحمل بِهِ أَتراحا

وَلَكَم فَتى أَنضى مطيَّ رجائه

نَحوَ  الحِمى حَتى أَناخ أَتاحا

قف  مَوقف العَبد الذَليل تَنل بِهِ

صَفحاً يَصد مِن الهُموم صفاحا

كَم طائر الأَحشاء قرَّ لما هو ات

تخذ اليَقينَ إِلى النَجاة جَناحا

فَاخفض جَناح الذُلِّ وَاجنح وَابتعد

غش الجَوانح وَالق عَنكَ جُناحا

وَصن الجَوارح عَن جَوارح سَعيها

فَلطالَما اِجترحت عَليكَ جِراحا

وَإِذا اللَيالي أَغلقت باب المُنى

فاقصد بذكر جَنابِهِ مِفتاحا

وَقُل الصَنيعة يا رَسول اللَه في

عَبد  دَعاك يَروم مِنكَ فَلاحا

إِن ساءَ في عَملٍ فَحسنُ ظُنونه

بكَ عَونُه فامنُن عَلَيهِ سراحا

فَفُؤاده  بِكَ واثق وَلِسانُه

لَكَ  مادحٌ  وَرجاه أَمّ الساحا

وَلَأَنتَ أَكرَمُ مَن يَرجَّى فَضلُه

وَإِلَيهِ يَسعى غَدوة وَرَواحا

بِكَ خَصّنا المَولى فَعمَّ برحمة

فَبِذا نمدّ إِلَيكَ نَحنُ الراحا

وَإَلَيكَ بَعدَ اللَه نَجعل أَمرَنا

فَبِأَي  عُذرٍ تَخذل الكدّاحا

وَلَديك  أَنزلت القُلوب حمولَها

تَرجو القِرى وَلأَنتَ أَكرَم باحا

إِن الكِرام وَأَنتَ أَكرمهم تُجيـ

ـرُ المستجيرَ وَتَمنح المدّاحا

فَاجعل جَزائي ما كَمالك أَهلُه

وَهوَ الفَلاح لِمَن تَرى إفلاحا

صَلى عَليك اللَه جَل جَلاله

ما غنّى طَيرٌ في الرِياض وَناحا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن حسن حسني الطويراني

avatar

حسن حسني الطويراني

العصر العثماني

poet-Hasan-Husni-al-Tuwayrani@

120

قصيدة

2

الاقتباسات

2

متابعين

حسن حسني باشا بن حسين عارف الطويراني ولد سنة 1850م. شاعر وصحفي تركي المولد عربي النشأة. ولد ونشأ بالقاهرة. وجال في بلاد إفريقية وآسية والروم. وأقام بالقسطنطينية إلى أن توفي ...

المزيد عن حسن حسني الطويراني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة