الديوان » العصر العثماني » حسن حسني الطويراني » دع نوح ذي ياس وشوق مؤمل

عدد الابيات : 64

طباعة

دَع نَوح ذي ياس وَشَوقَ مؤمّلِ

وَاقصد ديار القَوم قف وَتأملِ

واذكر عُصوراً لو بقي لك بعضها

غص  القَضاءُ وَضاق فدفدك الخلي

أَين  النبي  وَأَين  آدم قَبله

أَم  أَينَ  أَرباب الزَمان الأَول

أَين  ابن  شداد  وَإرم قبله

وَكذا بنو رمسيس باني الهيكل

وَاذكر  سليمان  النبي وَملكه

وَالريح تحمله عَلى عرش علي

واسأل بذي القرنين عالم أَمره

هَل  أَغنى عَنهُ الحَزم حبة خردل

سَل هذه الغراء كَم من ناضر

ضمت عليه أذرة من جندل

كَم  فرقت أَيدي التراب مجمّعاً

كَم  أَرغمت ذا عزة بتذلل

كَم أَرسلت عَيناً جَرَت في جَدول

كَم أَسعرت قلبا غدا في مرجل

وَالدَهر سَبقٌ وَالنُفوس بأَهلها

مِن  عاثر يَبقى وَطَرف مقبل

وَالمَرء  نُورٌ وَالشَباب بهارُه

وَالدَهر يَجني ما يَروق لمجتل

كاس يَطوف بها المدير عَلى الوَرى

وَالحَق أَن يَبدأ بخير المحفل

كُل  النُفوس وَإِن تَأخر بعضُها

مترحلٌ  وَالمَوت أَول منزل

وَلَقد يَود المرء طُول حَياته

فَتمر حَتّى يَرجو مَوت المبتلي

في  كُل  آن  أنّةٌ من واجدٍ

في إثر ذي وَجد مضى لم يمهل

لا  المرء يَقنع بالذي يُقضَى وَلا

يُؤتى سِوى هذا لِمَن لَم يَقبل

تَبكي  الأَهلة وَالشُموس عَلى بَني

سَهرابَ كَيفَ تسارعوا للمنهل

مازال  في  أَفرادهم وَجَميعهم

متنقلاً  إلا الثنا لم ينقل

وَلَقد لَقيت قضاً عَلى علم بِهِ

وَلَقد غَشي وَغشيت ما لم أَجهل

شلت يدٌ قد وسدتك من الثَرى

شَر  الوساد وَليتها لم تشلل

ما كُنت أَعلم كَيفَ يحتمل النَوى

حَتّى  فَني وَبقيت في خطب جلي

بنت  الكِرام وَكُل شَيء هالكٌ

هذا  الَّذي كُنا نَخاف وَتسألي

كَيفَ التجلد وَالفؤاد مروعٌ

وَالدَمع يفرُقُه بيمٍّ مرسل

لَو كانَ يَبقى غَير ربك لافتدى

عَزمٌ علا ولطال حد الفيصل

وَلو  استطاع  لرد ذلك آدمٌ

بَين الجِنان وَرستمٌ في جحفل

لَكنها حكم العَزيز وَقَد مَضَت

وَجَرى القَضاء وَجف نَفس مؤذل

أَشكو إِلى الرَحمن ما يَلقى الحَشا

مِن  لَوعة تدعو تَأسُّف عُذّلي

وَلَقد  أَقول  وَلا أَقول تعزياً

لا كُنت يا يَوم النَوى ما تَنجلي

ذخرت  بحارُ الهَمِّ بَين جَوانحي

فَدفقن  من عَينيَّ فائض جَدول

لَو  يرحم المَوت المذل عَزيزه

حيّاً  لحنَّ للوعتي وَتَبتّلي

سر بالعيون عَلى القُبور تَأدُّباً

ما حقُّ من فيها يداس بِأَرجل

فَلطالما وَقفوا عَليها مثلما

لك  وَقفة فيها تمر فمثِّل

كَم فيهِ من بدرٍ نَضير قَد ثَوى

كَم  فيهِ من شمس هَوت لم تَأفُل

ممن  إِذا أَمر النَسيم بحيهم

يَخشى الحجاب وَهن في سامٍ عَلِ

أَرضاهم حكم القَضاء فأصبحوا

بَين الجَنادل عبرةَ المتأمل

وَرضين بعد الأنس منزل وَحشةٍ

وَبعُدن عن حامي العَزيمة أَعزل

جل  الَّذي يَبقى وَيَفنى غَيرُه

وَعداً  بذلك في الكتاب المنزل

لَو  كُنت أَعلمُ أن آخر عهدنا

يَوم النَوى لفعلتُ ما لم أَفعل

لكن  يهون خطب ذلك موعد

حق  ودين ثابتٌ في الكلكل

فَسقيت قبراً ضمَّ خَير عَفيفة

أَهنا  الحَيا وَألذَّ صافي السلسل

قضت السنين وَفي الإِله جَميعها

لِلّه ما عملت وما لم تعمل

لَم  أَنس يَومَك وَهوَ يَومٌ يا لَهُ

عزَّ  العزا فيه عَلى المتحمل

وَعُيوننا دفاقة لا تَهتدي

وَعقولنا  في حيرة لم تعقل

ودَعاكِ  داك  كُنت من رقبائه

وَرحلت عنا وَالأَسى لم يَرحل

وَاتخذتِ من دار النعيم منازلاً

حَيث النَبي شَفيع وَالمولى ولي

قف  بالرسوم صاحبي بي وَحيها

وَإِذا بَكيت بها فَجُزْ لا تسأل

وَإِذا  سَألت فقُل ربوعاً قَد عَفَت

وَاسمع جَوابك نطقَ صخرٍ صلصل

هذي الصَفاصفُ وَالفدافدُ كلُّها

من مثلنا وَلَسوف ندركُها ملي

يَسري النَسيم فيذوي منها مترفاً

من  بعد أَيِّ تعزُّزٍ وَتدلُّل

لَو  تنطق الدُنيا لقالت لابنها

أَنا  دار تَفريقٍ فَجُز أَو فابتُل

يا هالكاً في الدَهر يمشي معجباً

قَلِّل  من الخُيَلا وَسِرْ لا ترفل

مَن كانَ قبلك كان مثلك يَزدهي

وَالمَوت يَبتدر المعامع فاصطل

قف بالرجام فتلك غايةُ موفقي

ما لي بحوملَ أَو بدارةِ جلجل

لَو  يَدري ساكنُها بما سكن الحَشا

يَبكي عَليَّ منَ الأَسى وَيرقُّ لي

أَو ليس فرق بين من أَمسى عَلى

شغلٍ  وَمَن أَضحى عن البَلوى خلي

أَمشي غَريباً بعد ذا في مَوطن

وَأَكون  فَرداً بَين جَمع أُهَّل

أَرعى النُجومَ وَلَستِ في آفاقها

وَأَرى  الرديء وَلَستِ فيهِ مُعلِّلي

قَد كُنتُ أَرجو العَيش حَتى عفته

وَاليَوم أَين المَوت ذاكَ بمعزل

مَن  يَلقَ في الدُنيا سروراً فليعش

لا من يعيش يضام ان لم يعتل

طُوراً يوسد في التراب أَحبةً

أَبداً  وَطور تاركاً من يجتلي

صمت  اللسان لما نطقن محاجري

وَكفاك شاهد ما أَقول تحولي

فانظر  لِأكؤُسِ راحَتي قَد فُرِّغَت

لما رَأَت كأسَ العُيون كممتلي

وَاعلم بأن العُمر يتعب أَهله

فلذاك لم ترَ في الوَرى قَلباً خلي

فَإِذا  أَردت  مع الحَياة تفرغاً

دَع نوح ذي يَأسٍ وَشَوقَ مؤمِّل

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن حسن حسني الطويراني

avatar

حسن حسني الطويراني

العصر العثماني

poet-Hasan-Husni-al-Tuwayrani@

1081

قصيدة

9

الاقتباسات

14

متابعين

حسن حسني باشا بن حسين عارف الطويراني ولد سنة 1850م. شاعر وصحفي تركي المولد عربي النشأة. ولد ونشأ بالقاهرة. وجال في بلاد إفريقية وآسية والروم. وأقام بالقسطنطينية إلى أن توفي ...

المزيد عن حسن حسني الطويراني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة