الديوان » لبنان » أديب التقي » خل الحميا أيهذا الساقي

خَلِّ الحُميّا أَيُّهذا الساقي
إِني شَربت الراح مِن آماقي
ما حال مَضنى شُرب الدَمع وَفي
أَحشائه نار جَوى لا تَنطَفي
فَهَل تَرى أَقداح هَذي القَرقَف
وَمُرسَلات دَمعي المُراق
تُطفيء مِن وَجدي وِمِن أَشواقي
ذَرني بَعيداً عَن بَني الإِنسان
في السَهل أَو في قِمَم الرِعان
فَلا أَرى مُعتَدياً أَو جاني
وَلا أَثيماً نَجِس الأَعراق
يحكم في الأَموال وَالأَعناق
وَخَلّني في هذه البريّه
أُصاحب الأَوابدَ الوَحشيَّه
فَرُبَّ سِيدٍ سالم الطَويَّه
لَم يَطو كَشحه عَلى نِفاق
وَلَيسَ بِالخبّ وَلا المَذّاق
وَرُبَّ كَلبٍ يَحفَظ العُهودا
بِالنَفس يَفدي خِلَّه الوَدودا
قَد فاقَ حاتِماً نَدى وُجودا
إِذ لَيسَ فَوقَ النَفس مِن أَعلاق
يَنفقها في الناس ذُو اِنفاق
وَرُبَ كُوخ في ظلال الدَوح
أَمسى بَعيداً عَن بَكى وَنَوح
تَظلُّ فيهِ الرُوح ذات رَوح
تَنعَمُ في حُريَّة الإِطلاق
بَينَ السُهول الفيح وَالآفاق
وَرُبَ أَفنانٍ بِهِ نَضيره
كانَت أُناساً قَبلَنا فَخيره
مُختالَةً يَزهوها غَريره
وَبَعد حَملِها عَلى الأَعناق
غابَت غِياب البَدر في المُحاق
وَرُبَ أَزهار تُشُعُّ نُوراً
قَد كُنَّ مِن قَبلُ عُيوناً حُورا
يَخال مَن يَرنو لَها مَسحوراً
ورُبَّما أَعوادُ هَذا الساق
مِن قَبلُ قَد كُنَّ مِن العُشّاق
إِني قَد اِختَبَرت هَذا الزَمَنا
وَذُقت فيهِ فَرَحاً وَحُزنا
مَن لَم يَكُن في كُل أَمر مِرنا
لَم يَنتَفع بِالعلم وَالأَخلاق
وَالعَبّ مِن ماءِ الصِبا الرَقراق
وَالحَظُّ لِأَعداك يَوماً حَظُّ
وَقاية مِن الشَقا وَحفظ
بِهِ يَرِّق المَرءُ وَهُوَ فَظّ
وَيُدرك الشأوَ بِلا سِباق
مَهما يَكُن قَصَّر عَن لِحاق
وَإِن تَكُن أَجبَن كُلّ الناس
يَجعلك حازِماً شَديد الباس
وَإِن رُميتَ بِالشَقا وَالياس
يَشدُّ مِنكَ عَزمة السِبّاق
وَتَرتَقي بِهِ ذُرى المَراقي
وَالغِرُّ يُلفى مَعَه مجرّبا
وَالمِقوَل العَيُّ يَعُدُّ ذَرِبا
وَإِن تَكُن أَخا حِجى مذرَّبا
وَأَسرَع الحَظُّ إِلى الفراق
كُنتُ كَمَن يَسرح بِالنِياق
قَد أُولع بِكُل حرّ
فَسامَهُ طُول العَنا وَالضُرّ
ما ذَنبه غَير الإِباءِ المرّ
يَسقيهِ مِن كَأسٍ لَهُ دِهاق
بُؤس الحَياة وَشَقا الإِملاق
إِنَّ الحَياة سُلمٌ لِلوَصب
ما شَذَّ عَنهُ ملك وَلا نَبي
وَالعُمر مِرقاة العَنا وَالتَعَب
في الكَون هَذي سُنَّة الخَلّاق
مَصير مَن مَضى مَصير الباقي
عِبء الحَياة في الوَرى ثَقيل
وَتَحته رُزوُحنا طَويل
وَعِندَما يُدركنا الرَحيل
نَجود بِالنَفس وَبِالأَعلاق
وَنَبذُل الدُموع وَالمآقي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أديب التقي

avatar

أديب التقي

لبنان

poet-Adib-Altaaqy@

141

قصيدة

1

الاقتباسات

0

متابعين

الأديب أديب بن سعيد التقي البغدادي هو أحد الشخصيات المميزة في العالم العربي، وُلد عام 1895م في قرية الشبعا الواقعة ضمن قضاء حاصبيا في لبنان. نشأ في بيئة متواضعة وتلقى ...

المزيد عن أديب التقي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة