الديوان » لبنان » أديب التقي » أمنت بنات الدوح طارقة الذعر

عدد الابيات : 43

طباعة

أَمِنت بَناتَ الدَوح طارِقَة الذُعر

فَغنّي عَلى الأَفنان ما شئتِ مِن شعر

إِذا صَحَّ أَنَّ الشعر سحر فَإِنَّما

هَديلُك يا وَرقاء مِن ذَلِكَ السحر

يَهزُّكِ خَفّاق النَسيم إِذا سَرى

وَيطربك الماء المصفّق إِذ يَجري

وَيَحلو لَك الغصنُ الرَطيبُ إِذا اِنثنى

وَثَغر الأَقاحي وَهُوَ يَبسم عَن زَهر

إِذا بَعث الذِكرى هَديلُكِ أَرَّقت

رَذايا الهَوى طَوع الصَبابة وَالذكر

صَفا لَكِ جَوّ الواديين وَما صَفا

لَنا العَيش في بَرّ هُناك وَلا بَحر

تَروحين في ظلّ الأَراك طَليقةً

وَتَغدين في الرَوض الأَنيق بِلا حَجر

وَفي الشَرق عانٍ لا يُفكُّ إِساره

إِذا ما اِفتُدِي العاني الأَسير مِن الأَسر

أَحاط بِهِ الجَدُّ العَثُور وَلَم يَقُل

لَهُ قائل يَوماً لَعاً لَك مِن عَثرِ

وَأَسلم أَهل الشَرق لِلخَطب شرقهم

فَأَزرت بِهِ الأَيام مِن حَيث لا نَدري

جَزوه عُقوقاً وَالظُلامة أَن تَرى

كَريماً يُجازى بِالعُقوق عَن البِر

وَقَد جَرَّدوه مَجده وَفَخاره

وَها هُوَ ذا عارٍ مِن المَجد وَالفَخر

عَباديد أَمسوا في البِلاد رَمَتهمُ

صُروف اللَيالي بِالتَبدُّد وَالنَثر

غَدوا أَعبُداً لِلغَير في عُقرِ دارهم

وَأَعجز خَلق اللَه مِن ذلَّ في العُقر

تَغاضوا فَراح الغرب يَفتك فيهم

وَيفعل فعل الذئب بِالحَمل الغَمر

فَطوَّحه بِالمهلكات وَهَذِهِ

مَخالبه في جسمه أَبَداً تَفري

جِراحك يا شَرق الحَياة وَغَربَها

بَعيدة غَور لَيسَ تُدرك بِالسَبر

تَحكَّم فيك الغرب لا باغياً هُدى

وَلا طالِباً دَفع الأَذى عَنكَ وَالضُرّ

وَلا رافِعاً لِلعلم فيك دِعامةً

وَلا جاهِداً في حفظ مالك كَي تُثري

رَماك بِجَيش لِلشُرور عَرمرمٍ

يحشّده مِن حَيث تَدري وَلا تَدري

فَأَصبَحت مَغلول اليَدين مصفّداً

تَفاجأُ في مكر وَتؤخذ في غَدر

مَعين غَناك اليَوم أَصبَح ناضباً

وَلَم يَبقَ مِنهُ في يَديك سِوى النَزر

فَإِن أَنتَ وَفَّرت الَّذي أَنتَ باذل

إِلى الغَرب ترجع بِالثَراء وَبِالوَفر

إِذا رَكب الغِرب الهَواء مُفاخِراً

رُكوبك يا شَرق النَجائب لا يُزري

شَكَوت مِن الدَهر الغَضاضة ضِلَّةً

وَما أَنتَ فيهِ اليَوم لَيسَ مِن الدَهر

بَنوك إِذا صانوا النُفوس عَن الهَوى

فَإِنَّ بُلوغ المَجد أَخلَق بِالصَبر

أَلا راحم هَذي البِلاد وَأَهلها

وُمُنقذ مَن فيها مِن الضيق وَالعُسر

بِما فيك مِن رحب البِلاد وَوَسعها

لَقَد ضقت يا شَرق الغداة عَلى الحرّ

بِكُل مَكان مِن نَواحيك عصبة

غَريبة دار تَملأ الأَرض بِالشرّ

وَفي كُلأ صَوب مِنكَ حَقٌّ مضيَّع

وَحُريَّة نَهب المَظالم وَالقسر

وَفي كُل قُطر مِنكَ نار وَمدفع

وَفَيضُ دَمٍ للأَبرياء بِهِ هَدرِ

مَتّى عَنك هَذا الغَرب يَرفَع نيره

فَتخلص مِن ظُلم الطَواغيت وَالقَهر

لَقَد كُنت قَبل اليَوم يا شَرق مُشرِقاً

وَكُنت قَديماً مَطلع الشَمس وَالبَدر

فَها أَنت قَد خرَّت كَواكبك الَّتي

فَخرت بِها قِدماً عَلى الأَنجُم الزُهر

إِذا لَم تَقُم أَبناؤُك اليَوم فَالَّذي

تَروم مِن العَلياءِ أَنأى مِن النَسر

لَقَد قامَ هَذا الشَرق قِدماً بيعرب

وَسادَ البَرايا بِالميامين مِن فهر

وَقَد أَنقذوا مِن ظُلمة الجَهل وَالعَمى

بَنيه وَأَقصوهم عَن الشُرك وَالكُفر

لَقد شَعَّ مِن أُمّ القرى نُور أَحمَدٍ

فَأَتهم في قطر وَأَنجد في قطر

يَسير مَسير الشَمس شَرقاً وَمَغرباً

فَيُمسي بِمَصر ثُم يُصبح في مِصر

وَمَن كانَ أَنغام المَثاني تَهُزُّه

فَما هَزّني مثل المَثاني مِن الذكر

وَغَير كَثير أَن يَكون لِيعرُبٍ

بِهِ الفَخر دُون العالمين مَدى العُمر

وَما يُعربٌ إِلّا الخَمائل نَوَّرت

فَأَهدَت إِلى مُستافها أَرَج العِطرا

إِذا بَدَرت مِنهُم بَوادر نَهضَةٍ

رَأَيت جَميع الشَرق قامَ عَلى الإِثر

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أديب التقي

avatar

أديب التقي

لبنان

poet-Adib-Altaaqy@

141

قصيدة

1

الاقتباسات

0

متابعين

الأديب أديب بن سعيد التقي البغدادي هو أحد الشخصيات المميزة في العالم العربي، وُلد عام 1895م في قرية الشبعا الواقعة ضمن قضاء حاصبيا في لبنان. نشأ في بيئة متواضعة وتلقى ...

المزيد عن أديب التقي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة