الديوان » مصر » أحمد الزين » اليوم تبعث من أجداثها العرب

عدد الابيات : 38

طباعة

اليَوم تُبعَثُ مِن أَجداثِها العربُ

وَيَزدَهي مِثلَ ماضِي عَهدِهِ الأَدَبُ

وَتُشرِقُ الشَمسُ في البَيداءِ صافيَةً

مِن بَعدِ ما طَمَسَت أَنوارَها السُحُبُ

نَجدُ الجَزيرة وَالأَغوارُ في جَذَلٍ

قَد اِستَخَفَّتهما السَرّاءُ وَالطَرَبُ

سَرى إِلى قَفرِها بُوقٌ يُبَشِّرُها

كَأَنَّهُ بارِقٌ بِالغَيثِ يَنسَكِبُ

هَشَّت لَهُ في ثَرى البَيداءِ أَعظمهم

وَكادَ يُسمَع مِنها الشعرُ وَالخُطَبُ

تِلكَ القِفارُ تَراها اليَومَ مُجدِبَةً

وَكانَ لِلفنِّ فيها المَرتَعُ الخَصِبُ

رَوضُ البَيانِ بِها كَم كانَ مُزدَهِراً

شَدوُ البَلابِلِ في أَفنانِهِ عَجَبُ

كَم أَشرَقَت في نَواحي أُفقِها شُهُبٌ

سَرَت عَلى ضوئِها الأجيالُ وَالحِقَبُ

كَم أَهدَتِ البِيدُ لِلدُنيا حَضارَتَها

صَريحَةً لَم يَشُبها الغشُّ وَالكَذِبُ

حَضارَةٌ رفَعَ الفُرقانُ ذروتَها

أَساسُها وَحدةُ الإِنسانِ لا الغَلَبُ

لَو اِستَظَلَّ بِضافي ظِلِّها أُمَمٌ

في الأَرضِ ما اِختَصَموا يَوماً وَلا اِحتَرَبُوا

طَغى العقوقُ وَغَدرُ الأَقربينَ عَلى

هَذا التُراثِ فَأَضحى وَهوَ ينتَهِبُ

باعُوا اللآلئَ كَالأَصدافِ مِن سَفَهٍ

وَعُذرُهُم أَنَّهُم في الغَوصِ ما تَعِبُوا

لَولا يَدٌ مِن أَبي الفاروقِ سابِغَةٌ

في اللَهِ وَالحَقِّ ما تُسدي وَما تَهَبُ

أَسدى إِلى لُغَةِ الفُرقانِ مَكرُمَةً

لَيسَت تَفي شُكرَها الأَسفارُ وَالكُتُبُ

بِالأَمسِ حاطَ كِتابَ اللَهِ مِن عَبَثٍ

وَاليَومَ يُسدي إِلى الفُصحى وَيَحتَسِبُ

وَكَم أَيادٍ عَلى الآدابِ شاهِدَة

بِأَنَّ مصرَ إِلى آمالِها تَثِبُ

يُعينُهُ عَبقَريُّ الذهنِ مُحتَمِلٌ

عِبءَ المَعارِفِ نَهّاضٌ بِها دَرِبُ

عيسى سَمِيُّك أَحيا المَيتَ مُعجِزَةً

وَأَنتَ تَفعَلُ ما تَحيا بِهِ العَرَبُ

فَاليَومَ تَخلَعُ أَكفانَ البِلى لُغَةٌ

قَد أُلبِستها وَأَثوابُ الصِبا قُشُبُ

كَم حاوَلَت عصبةٌ إِطفاءَ جَذوَتِها

وَنارُها في رَمادِ الغَبنِ تَلتَهِبُ

لَم يَبرَحُوا ساحِلَ اللُّجِّي وَاِتَّهمُوا

وَفي القَرار يَتيمُ الدر لَو طَلَبوا

لا يَخجَلونَ حَياءً إِن همُو لَحَنوا

فيها وَفيما سواها اللَحن يُجتَنبُ

ما قصَّرَت لُغَةُ الفُرقانِ عَن غَرَضٍ

وَلَم يُؤدِّ سِواها كُلَّ ما يَجبُ

كَم في مَعاجِمها مِن طُرفَةٍ عَجَزَت

عَنها لُغاتُ الوَرى لَو تُكشَفُ الحُجُبُ

وَكَم ثَرى في تُرابِ الأَرضِ تَحقِرُه

وَفي ثَناياهُ لَو فَتَّشتَه الذَهَبُ

قُل لِلوَزير بَقاءُ الخَيرِ في عَمَلٍ

بِالعاملين فَقدِّر حينَ تَنتَخِبُ

لا يَخدَعنَّكُم جاهٌ وَلا لَقَبٌ

فَكَم أَضاعَ عَلَينا الجاهُ وَاللَقَبُ

لا يُعجِبَنَّكُم في الحَشد كَثرتُهُ

قَد يَفعَلُ الفَردُ ما لا تَفعَلُ العُصَبُ

وَلا تَكُن شُهرةُ الأَسماءِ رائِدَكُم

رُبَّ اِشتِهارٍ بِمَحضِ الحَظِّ مُكتَسَبُ

وَقَد بَلَونا أُناساً طارَ صِيتُهُمُ

فَلَم نَجد غَيرَ قَومٍ جِدُّهُم لَعِبُ

قَد حَيَّروا الناسَ ماذا يَصنَعونَ لَهُم

إِن يُطلَبوا هَرَبُوا أَو يُترَكوا غَضِبوا

كِلُوا الأُمورَ إِلى قَومٍ ذَوي دَأَبٍ

لا يَفتُرون وَلا يُوهِيهمُ نَصَبُ

مُستَرشِدين بِذَوقٍ في بحوثهمُو

مَن يَفقِد الذَوقَ لَم يَنهَض بِهِ الدَأَبُ

وَالاجتِهادُ بِغَيرِ الذَوقِ مَضيَعةٌ

ذُو الجهد إِن لَم يُعِنهُ الذَوقُ مُحتَطِبُ

وَهَيئوا لِعَظيم الأَمرِ عُدَّتَه

مِن الكُفاةِ وَلا تَغرُركمُ الرُتَبُ

حَمَّلتَ مصرَ لِواءَ الشَرقِ قاطِبَةً

فَالشَرقُ مِن حَولِها يَرجو وَيَرتَقِبُ

تَقَطَّعَت قَبلَكَ الأَرحامُ وَاِبتَعَدَت

وَاليَومَ في المجمعِ المصريِّ تَقتَرِبُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أحمد الزين

avatar

أحمد الزين

مصر

poet-Ahmad-Al-Zein@

83

قصيدة

4

الاقتباسات

7

متابعين

أحمد الزين: شاعر ومحقق مصري كفيف البصر، وُلد عام 1900م في مصر، وفقد بصره في صغره. التحق بالأزهر وتلقى تعليمه هناك، ثم عمل محاميًا شرعيًا بعد تخرجه. انتقل بعد ذلك ...

المزيد عن أحمد الزين

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة