الديوان » مصر » أحمد الزين » ذكرى على صدق الوفاء دليل

عدد الابيات : 44

طباعة

ذِكرى عَلى صِدقِ الوَفاءِ دَليلُ

يَمضي بِها جيلٌ وَيُقبِلُ جِيلُ

تَتَوارَثُ الأَيّامُ طِيبَ حَدِيثِها

الدَّهر يَسمَع وَالفَعالُ يَقُولُ

وَلِذي المَواهِبِ وارِثانِ فَعَصرُه

يَرِثُ الثَناء وَلِلبَنين فُضُولُ

وَلَهُ حياتانِ الأَخيرةُ مِنهُما

في الذكرِ وَالأُولى إِلَيهِ سَبيلُ

لا تَبكِ مَن قَد عاشَ عُمراً واحِداً

إِنَّ التُرابَ عَلى التُرابِ مَهيلُ

هَل عاشَ أَو هَل ماتَ لا تَسأل بِهِ

فَمَماتُهُ بِحَياتِهِ مَوصُولُ

ما زادَ عَن تَعَبِ الوِلادِ لأُمّهِ

وَالناسِ وَهوَ إِلى الثَرى مَحمولُ

وَمِنَ البَليَّةِ أَنَّ أَكثَرَ مَن تَرى

في الناسِ ذاكَ العائِشُ المَثكُولُ

فاملأ مَوازِينَ الزَمانِ فَلَن تَرى

في الناسِ مِيزانَ الزَمانِ يَميلُ

تَقضي العُصورُ عَلى الرِجالِ بِحُكمِها

وَالباقِياتُ الصالِحاتُ عُدُولُ

تَيمورُ إِن نَفقِد حَديثَك بَينَنا

فَصَداهُ في أُفقِ الزَمانِ يَجُولُ

مُتَنَقِّلاً بَينَ العُصورِ كَأَنَّهُ

تاجٌ عَلى الأَيّام أَو إِكليلُ

عرفَت نَفاسَتهُ العُصورُ فَبالَغَت

حِرصاً عَلَيهِ وَلِلعُصورِ عُقولُ

فُجِعَت بِكَ الفُصحى فَجيعَةَ أَهلِها

بِكَيانِهم حِينَ العَزاءُ قَليلُ

قَد كُنتَ مُعجَمها الَّذي ما فاتَهُ

لا في القَديم وَلا الجَديد فَتيلُ

صُحُفٌ بِآثارِ العُصور زَواخِرٌ

فِيها لِكُلِّ دَقيقَةٍ تَفصيلُ

لَم تَروِ عَن جِيلٍ خَلا إِلّا سَما

مِن حُسنِ نَقلِكَ ذَلِكَ المَنقُولُ

لا يَدَّعِ الأَدَبَ الصَميمَ عِصابَةٌ

جَهِلَت قَدِيمَ العُربِ وَهو أَصيلُ

شَنّوا عَلى أَدَبِ العُروبَةِ غارَةً

شَعواءَ قائدُ جَيشِها مَخذُولُ

أَمضى سِلاحهمُ السِبابُ وَإِنَّهُ

سَيفٌ عَلى مَن سَلَّهُ مَسلُولُ

عُصَبٌ يُؤَلِّفُها العقوقُ فَجَيشُهُم

في غَيرِ مَيدانِ الجِهادِ يَصُولُ

مِن كُلِّ أَلكَنَ نابِغٍ في عِيِّهِ

لَهِجٍ بِدَعوى العِلمِ وَهوَ جَهُولُ

وَيَكادُ يَرشَحُ عَقلُهُ أُمِّيَّةً

حَتّى عَلَيهِ يُشكِلُ التَشكيلُ

إِن رامَ شِعراً لَم يُقِم مِيزانَه

وَرَوِيُّه قَيدٌ عَلَيهِ ثَقِيلُ

أَو رامَ نَثراً عَيَّ دُونَ مُرادِهِ

لَفظٌ يَطُول وَما بِهِ مَعقُولُ

وَإِذا يُتَرجِمُ كانَ في تَعقيدِهِ

قَبرٌ بِهِ المَعنى البَريءُ قَتيلُ

كَم كاتِبٍ في الغَربِ شَوَّه فَنَّه

عَيُّ اللِسانِ عَلى البَيانِ دَخيلُ

لا نَجحَدُ الغَربيَّ سِحرَ بَيانِهِ

لَكنَّ سُوءَ العَقلِ عَنهُ يُحيلُ

سُفَراءُ سوءٍ باعَدَت ما بَينَنا

وَلَربَّما جَلبَ الشقاقَ رَسُولُ

مَن لَم يُقَوِّم بِالقَديمِ لِسانَه

فَبَيانُه مَهما يجده صَهيلُ

كنزٌ مِن الأَدَبِ الرَفيع مُضَيَّعٌ

يُعشى النَواظِرَ درُّهُ المَجهولُ

يا خُسرَ بائِعِهِ بِزُخرُفِ غَيرِهِ

خَزَفٌ مِن الدُرِّ اليَتيمِ بَديلُ

كَم عَبقريٍّ لَو نَشَرنا فَضلَه

في الغَربِ مَسَّ الغَربَ مِنهُ ذُهُولُ

وَلَو انَّهُم نَفَذُوا لِسِحر بَيانِهِ

عَكَفُوا عَلَيهِ كَأَنَّهُ الإِنجيلُ

هَذا المَعرِّي وَهوَ فَردٌ واحِدٌ

ماذا سَمِعنا الغَربَ عَنهُ يَقولُ

سَل مُشكِلاتِ العُربِ في آدابِهم

مَن عالِمُ الفُصحى مَن المسئولُ

سَل مُشكِلاتِ الشَرقِ في تاريخِهِ

مَن غَير تَيمورٍ بِهنَّ كَفيلُ

عِلمٌ يزيِّنهُ الحَياءُ وَلَن تَرى

ذا العِلم عَن سنَنِ الحَياءِ يَميلُ

آلامُنا في مِصرَ لَو حقَّقتَها

رَجَعت إِلى أَنَّ الحَياءَ قَليلُ

وَإِذا الجِدالُ اِحتَدَّ لَم يَجمح بِهِ

نَزَقٌ فَلا شَتمٌ وَلا تَجهيلُ

يُغضي على سَفهِ السَفيهِ تَكَرُّماً

إِن الكَريمَ عَنِ الأَذى مَشغولُ

وَإِذا جَزَيتَ أُولي السَفاهَةِ بِالَّذي

قالُوا فَأَنتَ لِمَن جَزَيتَ مَثِيلُ

دينٌ إِلى دُنيا وَعلمٌ زانَهُ

خُلُقٌ نَمتهُ إِلى الفروعِ أُصُولُ

نِعَمٌ تَزيدُ عَلى الثَناءِ وَإِن غَلا

ويقِلُّ عَنها الشُكرُ وَهوَ جَزيلُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أحمد الزين

avatar

أحمد الزين

مصر

poet-Ahmad-Al-Zein@

83

قصيدة

4

الاقتباسات

7

متابعين

أحمد الزين: شاعر ومحقق مصري كفيف البصر، وُلد عام 1900م في مصر، وفقد بصره في صغره. التحق بالأزهر وتلقى تعليمه هناك، ثم عمل محاميًا شرعيًا بعد تخرجه. انتقل بعد ذلك ...

المزيد عن أحمد الزين

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة