الديوان » مصر » أحمد الزين » ذكرى إذا حال موت بيننا تصل

عدد الابيات : 29

طباعة

ذِكرى إِذا حالَ مَوتٌ بَينَنا تَصِلُ

ما تَنقَضي لَكَ حَتّى يَنقَضي الأَجَلُ

تُعِيدُ لِي مِن زَمانِ الوُدِّ ناضِرَهُ

فِيها الحَديثُ وَفيها المَجلِسُ الحَفِلُ

أَرى فُؤادَكَ في مِرآتِها مَرِحاً

وَأَلمَحُ الوَجهَ فيهِ البشرُ وَالجَذَلُ

فيها حَياتُكَ لا مَوتٌ وَلا هَرَمٌ

فيها زَمانُ الصِبا وَالعُمرُ مُقتَبِلُ

يا لَيتَ خالِقَ هَذا المَوتِ فَرَّقَنا

في البَدءِ ما وَصلُ ما بِالمَوتِ يَنفَصِلُ

وَما اِشتِهاؤُكَ وُدّاً حُزنُ آخِرِه

يُنسيكَ ما أَفرحت أَيامُهُ الأُوَلُ

دَع الهُيامَ بِما تَبلى مَحاسِنُهُ

يَمضي وَتَخلُفُه الأَحزانُ وَالعِلَلُ

عَيبُ الجَمالِ بلاهُ بَعدَ جِدَّتِهِ

يا لَيتَ عُشّاقَه قَبلَ الهَوى عَقَلُوا

فاِملأ فُؤادَكَ مِن يَأسٍ تُرِحهُ بِه

أَشقى نُفوسَ الوَرى شَيءٌ هُوَ الأَمَلُ

في الذِّكرَياتِ وَفاءٌ أَستَعِيضُ بِه

عَمَّن فَقَدتُ وَوُدٌّ لَيسَ يَنتَقِلُ

كَأَنَّكَ اليَومَ بِالحِلمِيَّتَين عَلى

ما قَد تَعَوَّدت لا خُلفٌ وَلا مَلَلُ

تَظَلُّ بَينَ وُفُودِ الزائِرينَ بِها

وَفدٌ يَحِلُّ وَوَفدٌ بَعدُ يَرتَحِلُ

مُستَعذَبَ المَزحِ تَلهُو غَيرَ مُنتَقِصٍ

أَخاً وَإِن بِانَ مِنهُ الغِشُّ وَالدَّخَلُ

تُصفي إِخاءَكَ مَن عَقُّوا وَمَن حَفِظُوا

وَتَمنَحُ الودَّ مَن ضَنُّوا وَمَن بَذَلُوا

وَكَم جَزَوا ودَّكَ الغالي عُقُوقَهُمُ

فَلَم تُبالِ بِما قالُوا وَما فَعَلُوا

وَما نَدِمتَ عَلى غَرسٍ بَدَأتَ بِهِ

بَل زِدتَه الرِيَّ تُحيِيه فَما خَجِلُوا

ما زِلتَ تُكرِمُ فيهم كلَّما لَؤُمُوا

نَفساً وَتَسمُو مَقالاً كلَّما سَفَلُوا

تَجزِي إِساءَتَهُم أَضعافَها صِلَةً

كَأَنَّما نَفَثَت في قَلبِكَ الرُّسُلُ

سَرَت أَفاعِيهمُ بِالسُمِّ فَاِنقَلَبَت

في زَهرِ وُدِّكَ نَحلاً جَنيُها عَسَلُ

إِذا الحقُودُ أَرادَت قَلبَهُ وَطَناً

ضَلَّت سُراها وَسُدَّت نَحوَهُ السُبُلُ

كَم سائِلٍ رَيَّه عَن فَقدِهِ عِوَضاً

لَو أَنصَفُوا وُدَّكَ المفقودَ ما سَأَلُوا

وَكُلُّ ماضٍ لَهُ مِن فَقدِهِ بَدَلٌ

إِلا الوَفاءَ فَما مِن فَقدِهِ بَدَلُ

وَكُلُّ رزءٍ وَإِن جَلَّ المُصابُ بِهِ

إِلّا مُصابَكَ بِالإِخوانِ مُحتَمَلُ

يا دَولَةً بِجَلالِ الخُلقِ حافِلَةً

أَهَكَذا تَنطَوي في أَوجِها الدُّوَلُ

وَراحِلاً وُدُّهُ في القَلبِ مُتَّصِلٌ

حَبلُ البُكاءِ عَلَيكَ الدَهرَ مُتَّصِلُ

قَد كانَ حَظُّكَ وَثاباً فَأَقعَدَهُ

صَراحَةٌ بِكَ فيها يُضرَبُ المَثَلُ

كَأَنَّ قَلبَكَ أُفق الشَمسِ مُنبَعِثٌ

في رَوعَةِ النُورِ مِنهُ القَولُ وَالعَمَلُ

صَراحَةٌ كَم سَقَتكَ المرَّ صُحبَتُها

وَلَم يَنَل مِنكَ فيها عَذلُ مَن عَذَلُوا

آثَرتَها وَظَلِلتَ العُمرَ مُغتَبِطاً

بِنَقصِ حَظِّكَ حِينَ الخُلقُ مُكتَمِلُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أحمد الزين

avatar

أحمد الزين

مصر

poet-Ahmad-Al-Zein@

83

قصيدة

4

الاقتباسات

7

متابعين

أحمد الزين: شاعر ومحقق مصري كفيف البصر، وُلد عام 1900م في مصر، وفقد بصره في صغره. التحق بالأزهر وتلقى تعليمه هناك، ثم عمل محاميًا شرعيًا بعد تخرجه. انتقل بعد ذلك ...

المزيد عن أحمد الزين

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة