الديوان » مصر » أحمد الزين » إياك أن تغدر بالميعاد

عدد الابيات : 39

طباعة

إِيّاكَ أَن تَغدرَ بِالمِيعادِ

فَإِنَّهُ مِن خُلُقِ الأَوغادِ

وَاِحرِص عَلى الوَفاءِ في المَواعِدِ

مَهما تُقاسِ فيهِ مِن شَدائِدِ

وَاِصبر وَلا يَثنِكَ عَنهُ ثانِ

فَإِنَّهُ مِن كرم الإِنسانِ

إِنَّ الوَفاءَ سَيِّدُ الأَخلاقِ

تَعلُو بِهِ لَو كُنتَ في أَخلاقِ

فَلَيسَ بِالمالِ بُلوغُ مَجد

مَجدُ الفَتى وَفاؤُهُ بِالوَعدِ

قَد قالَ أَهلُ العِلمِ فيما أُرسِلا

كادَ الوَفِيُّ أَن يَكونَ مُرسَلا

وَإِنَّني لَم أَرَ كَالوَفاءِ

أَدعى إِلى الإِخلاصِ في الإِخاءِ

وَلَيسَ مِن شَيءٍ سِوى الإِخلافِ

أَدعى إِلى تَقاطُعِ الآلافِ

لا تَعتَذِر في الخُلفِ بِالمَوانِعِ

فَإِنَّهُ مِن سَيِّئِ الطَبائِعِ

مَن أَكثَر الأَعذارَ فيما يَفعَلُ

فَعَن قَليلٍ عُذرُهُ لا يُقبَلُ

إِيّاكَ وَالإِكثارَ في الأَعذارِ

وَفِعلَ ما يُلجِئُ لاعتِذارِ

حَذارِ أَن تَقُولَ لا بَعد نَعَم

وَاِبدأَ بِلا أَفعَلُ إِن خِفتَ النَّدم

وَفِّ إِذا ما قُلتَ إِنِّي أَفعَلُ

فَإِنّ لا بَعد نَعَم لا تَجملُ

وَلا تَقُل في قَولِ لا نَيلُ العُلا

إِنّ العُلا قَولُ نَعَم مِن بَعدِ لا

إِيّاكَ أَن تَنسى وُعودَ الأَمسِ

فَالحُرُّ لا يَعتادُهُ ما يُنسي

الحُرُّ وَعدُه عَلَيهِ دَينُ

يَذكُرُهُ حَتّى يَحينُ الحَينُ

إِيّاكَ أَن تُوصَفَ بِالمِطالِ

فَإِنَّهُ مِن خُلُقِ البُخّالِ

وَاِحرِص عَلى الإِنجازِ في المَواعِد

فَآفَةُ الوُعودِ مَطلُ الواعِدِ

من أَكثَر المَطلَ بِغَيرِ مانِعِ

فَصدقه في الوَعدِ غَيرُ نافِعِ

وَإِن يُعاهِدكَ أَمرُؤٌ حَلّافُ

فَلا تُطِعهُ إِنَّهُ خَلّافُ

فَلا أَزالُ أُكبِرُ الإِنسانا

حَتّى أَراهُ يكثر الأَيمانا

إِيّاكَ وَاللَجاجَ في اليَمِينِ

فَإِنَّ هَذا رِقَةٌ في الدِينِ

وَلا أَرى اللَجاجَ فيهِ إِلّا

شِعارَ مَن هانَ وَرامَ الذُلّا

إِن مِن الوَفاءِ مَنع الجارِ

مِن الأَذى لِحُرمَةِ الجوارِ

إِن كُنتَ مَوفُورَ الغِنى وَالمالِ

فَلا تَدَع جارَكَ لِلسُؤالِ

وَسِّع عَلَيهِ إِن يَكُن فَقَيرا

وَلا تَرُم حَمداً وَلا شُكورا

أَغدِق عَلَيهِ وابِل المَعرُوفِ

وَكُن لَهُ جاراً مِن الصُرُوفِ

آثِره بِالخَيرِ وَبِالنَعماءِ

عَلَيكَ لَو تَحسُو قَراحَ الماءِ

فَإِنَّ مِمّا يَرفَعُ الإِنسانا

في قَومِهِ أَن يُؤثرَ الجِيرانا

وَلا تَمُدَّ لَحظَكَ المُرِيبا

لِعِرسِهِ تَبغي بِها تَشبِيبا

إِيّاكَ أَن تُرسلَ تِلكَ النَظرَه

فَرُبَّما جَرَّت عَلَيكَ حَسرَه

وَرُبَّما عادَ عَلَيكَ سَهمُها

وأَثقَلَ الكاهِلَ مِنكَ إِثمُها

ولا تَصِلهُ تبتَغي بوَصلِه

في البَيت أَن تُؤذِيَه في أَهلِه

فَإِنّ هَذا غايَةُ التَنزُّلِ

وَآيَةُ الخِسَّةِ وَالتَسَفُّلِ

زُرهُ فَإِنّ الوُدَّ في التَزاوُرِ

لَكن نَماءُ البُغض في التَهاجُرِ

فَإِن نَأَى عَن بَيتِهِ وَغابا

فَأَقلِل المَجيءَ وَالذَهابا

خَشيَةَ أَن تَحُفَّك الظُنونُ

وَأَن يُقالَ إِنَّهُ خَئُونُ

إِيّاكَ أَن تَخُونَهُ في غَيبَتِه

يَجزِيكَ بِالشُكرانِ حينَ أَوبتِه

مَن لَم يَصُن ما عَهِدَ الإِلَهُ

فَلَيسَ مَأموناً عَلى سِواهُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أحمد الزين

avatar

أحمد الزين

مصر

poet-Ahmad-Al-Zein@

83

قصيدة

4

الاقتباسات

7

متابعين

أحمد الزين: شاعر ومحقق مصري كفيف البصر، وُلد عام 1900م في مصر، وفقد بصره في صغره. التحق بالأزهر وتلقى تعليمه هناك، ثم عمل محاميًا شرعيًا بعد تخرجه. انتقل بعد ذلك ...

المزيد عن أحمد الزين

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة