الديوان » مصر » أحمد محرم » فزع الدجى لأنينه المتردد

عدد الابيات : 67

طباعة

فَزَعَ الدُجى لِأَنينِهِ المُتَرَدِّدِ

وَبَدا الصَباحُ لَهُ بِوَجهٍ أَربَدِ

مُلقىً عَلى عادي الصَيعدِ مُلَحَّبٌ

في الحَربِ يَلتَحِفُ النَجيعَ وَيَرتَدي

هاجَتهُ يَومَ الرَوعِ حِميَةُ باسِلٍ

خَوّاضِ أَهوالِ الكَريهَةِ أَنجَدِ

يَحمي الحَقيقَةَ يَومَ تَلمَعُ في الطُلى

بيضُ الظُبى تَحتَ العَجاجِ الأَسوَدِ

شَقَّ الصُفوفَ إِلى الحُتوفِ مُغامِراً

في الحَربِ يوقِدُها وَلَمّا تَخمَدِ

لا يرهبُ المَوتَ الوَحِيَّ إِذا دَنا

وَيَخافُ قَولَ اللائِمينَ أَلا ابعدِ

مُستَبسِلٌ تَحتَ العَجاجِ كَأَنَّهُ

صادٍ تُعَلِّلُهُ السُيوفُ بِمَورِدِ

نُصِبَت لَهُ الجَنّاتُ تَحتَ ظِلالِها

فَهَفا إِلَيها كَرَّةَ المُستَشهِدِ

وَدَنا فَحَيّاهُ النَبِيُّ وَكَبَّرَت

شُهَداءُ بَدرٍ حَولَ ذاكَ المَشهَدِ

نَفَذَت عَلَيهِ الفَيلَقَينِ قَذيفَةٌ

مالَت بِمَنكِبِهِ وَطارَت بِاليَدِ

فَهَوى يَهُزُّ العَرشَ رَجعُ أَنينِهِ

وَيُثيرُ مِن حَرَدِ المَسيحِ وَأَحمَدِ

عَكَفَت عَلَيهِ الطَيرُ تَحسَبُ أَنَّما

طاحَت بِهِ أَيدي الرَدى وَكَأَنْ قَدِ

باتَت مَناسِرُها تَمُزِّقُ لَحمَهُ

حَيّاً وَباتَ يَقولُ هَل مِن مُنجِدِ

أَينَ الفَوارِسُ يَمنَعونَ بَقِيَّتي

مالِي جُفيتُ وَكَيفَ لي بِالعُوَّدِ

أَينَ البَنونَ وَكَيفَ أَمسَت أُمُّهُم

ماذا أَحَلَّ بِها المُغيرُ المُعتَدي

هَل صينَ عِرضٌ بِالعَفافِ مُطَهَّرٌ

صَوني لَهُ أَيّامَ لَم نَتَبَدَّدِ

وَغَدا البَنونَ مُنعَّمينَ نَواضِراً

يَتَجاذَبونَ ظِلالَ عَيشٍ أَرغَدِ

هَيهاتَ قَد شَغَلَ الفَوارِسَ هَمُّها

وَنَأى بِها طَرَدُ النَعامِ الشُرَّدِ

يا لَيتَني مَعَهُم أُغيرُ مَغارَهُم

وَأَذُبُّ عَن وَطَني بِحَدِّ مُهَنَّدي

أَينَ الأُساةُ فَقَد ظَمِئتُ إِلى الوَغى

وَهيَ الشِفاءُ لِغُلَّةِ القَلبِ الصَدي

أَأَموتُ أَو يَبقى الحُسامُ مُضاجِعي

وَالحَربُ عاصِفَةُ الرَدى لَم تَركُدِ

إِنّي لَأَخشى أَن يُعاجِلَني الرَدى

فَأَظَلُّ مَحزونَ الصَدى في مَرقَدي

باتَت خَيالاتُ الحُروبِ تَشوقُني

شَوقَ الغَوِيِّ إِلى الحِسانِ الخُرَّدِ

مِن مِخذَمٍ ماضي المَضارِبِ فَيصَلٍ

وَمُسَوَّمٍ طاوي الجَوانِبِ أَجرَدِ

وَمُعَضَّلٍ تُسقى الكُماةُ سِمامَه

وَكَأَنَّما تُسقى سِمامَ الأَسوَدِ

يَطفو الرَدى آناً وَيَرسُبُ مَرَّةً

مِن هَولِهِ في ذي غَوارِبَ مُزبِدِ

أَعيا عَلى عِزريلَ خَوضُ غِمارِهِ

فَاِرتَدَّ يَرقُبُ أَيَّةً يَهوي الرَدي

أَينَ الأُساةُ تُقيمُني مِن ضَجعَةٍ

نَفَدَ العَزاءُ وَهَمُّها لَم يَنفَدِ

لَبّاهُ مِن أَعلى الكِنانَةِ أَروَعٌ

ماضي العَزيمَةِ لَيسَ بِالمُتَرَدِّدِ

مُتَرادِفُ النَجداتِ مُنصَلِتُ القُوى

مُتَطايِحُ النَخَواتِ وَاري الأَزنُدِ

يَرمي مَهولاتِ الخُطوبِ بِمِثلِها

مِن عَزمِهِ حَتّى تَقولَ لَهُ قَدي

لَبّى الجَريحَ فَفارَقَتهُ كُلومُهُ

وَمَضى فَكانَت وَقعَةً لَم تُجحَدِ

فَسَقا الحَيا القَومَ الَّذينَ تَكَفَّلوا

بِقَضاءِ حَقٍّ لِلهِلالِ مُؤَكَّدِ

مِن أَريحِيٍّ بِالنَدى مُتَدَفِّقٍ

أَو أَحوَذِيٍّ لِلسَرى مُتَجَرِّدِ

يَجتابُ أَجوازَ المَهامهِ ضارِباً

فيها بِأَخفافِ المَطايا الوُخَّدِ

ماضٍ عَلى هَولِ السُرى يَفري الدُجى

بِمَضاءِ عَزمٍ كَالشِهابِ المُوقَدِ

وَإِذا الهَجيرُ تَوَقَّدَت جَمَراتُهُ

أَوفى فَكافَحَها وَلَم يَتَبَلَّدِ

قَذَفَت بِهِ المَرمى البَعيدَ صَريمَةٌ

تَهفو نَوازِعُها بِأَبلَجَ أَمجَدِ

جَمِّ النِزاعِ إِلى الصِعابِ يَخوضُها

كَلِفٍ بِغاياتِ العُلى وَالسُؤدُدِ

قَطّاعِ أَقرانِ الأُمورِ مُغامِرٍ

فيها بِهِمَّةِ ذي بَوادِرَ أَصيَدِ

لَم يُلهِهِ أَرَبٌ وَلَم يَقعُد بِهِ

قَولُ المُغَرِّرِ أَلقِ رَحلَكَ وَاِقعُدِ

لَمّا وَقَفنا لِلوَداعِ عَشِيَّةً

خَفَقَت لِمَوقِفِنا قُلوبُ الحُسَّدِ

جِبريلُ ثالِثُنا وَعَينُ مُحَمَّدٍ

تَرنو إِلَينا مِن بَقيعِ الغَرقَدِ

وَدَّعتُهُ وَكَأَنَّنا لِقُنوتِنا

وَخُشوعِ نَفسَينا بِساحَةِ مَسجِدِ

سِر ظَلَّلتَكَ مِنَ الإِلَهِ غَمامَةٌ

وَكّافَةٌ لَكَ بِالمُنى وَالأَسعُدِ

وَإِذا أَتَيتَ الباسِلينَ فَحَيِّهِم

عَنّي تَحِيَّةَ شَيِّقٍ مُتَوَجِّدِ

وَاِسأَل عَنِ الشُهَداءِ أَينَ قُبورُهُم

فَإِذا عَرَفتَ فَطُف بِها وَتَعَبَّدِ

وَإِخالُها بَينَ الحَطيمِ وَزَمزَمٍ

ضُرِحَت لَهُم أَو في عِراصِ الفَرقَدِ

لَهفي وَلَهفَ المُؤمِنينَ عَلى دَمٍ

تُهريقُهُ أَيدي الطُغاةِ الجُحَّدِ

لَهفَ القُلوبِ العاطِفاتِ أَما لَهُم

في الناسِ مِن ناهٍ وَلا مِن مُرشِدِ

لَهفَ الجَلامِدِ إِنَّ بَينَ جُنوبِهِم

مَوتى قُلوبٍ عولِيَت بِالجَلمَدِ

يا عيدُ هَيَّجتَ الأَسى لِمُعَذَّبٍ

قَلِقِ الفِراشِ مِنَ الهُمومِ مُسَهَّدِ

أَقبَلتَ تَزحَفُ بِالفَيالِقِ تَرتَمي

بَينَ القَواضِبِ وَالقَنا المُتَقَصِّدِ

وَالمُرعِداتِ تُبيحُ كُلَّ مُمَنَّعٍ

وَتَطيرُ أَو تَهوي بِكُلِّ مُمَرَّدِ

القاذِفاتِ المَوتَ أَحمَرَ هائِلاً

يَنسابُ بَينَ مُصَوِّبٍ وَمُصَعِّدِ

تَرمي فَتَجتاحُ الأُلوفَ حَواصِداً

وَتَظَلُّ جاثِيَةً كَأَن لَم تَحصُدِ

يا عيدُ أَيَّ شَجىً بَعَثتَ وَلَوعَةٍ

لِعُيونِنا وَقُلوبِنا وَالأَكبُدِ

عادَيتَنا فَحُرِمتَ صَفوَ وِدادِنا

فَإِذا رَجَعتَ فَصافِنا وَتَوَدَّدِ

لِلَهِ دَرُّ المُنعِمينَ بِمالِهِم

في اللَهِ لا نَزراً وَلا بِمُصَرَّدِ

ظَلَّت أَكُفُّهُمُ تَسُحُّ فَديمَةٌ

مِن فضَّةٍ وَغَمامَةٌ مِن عَسجَدِ

صاحَ المُؤَيَّدُ أَدرِكوا جَرحى الوَغى

فَإِذا بِهِم مِثلُ العِطاشِ الوُرَّدِ

يَتَنازَعونَ مَدى الفَخارِ وَغايَةً

مَن يَحوِها يَعظُم بِها وَيُسَوَّدِ

وَالمَرءُ ما لَم يَنتَدب لِعَظيمَةٍ

شَنعاءَ يَكشِفُ هَولَها لَم يُحمَدِ

إيهٍ بَني مِصرٍ وَتِلكَ إِهابَةٌ

مِن عائِذٍ بِنوالِكُم مُستَنجِدِ

كونوا كَأُمِّ المُحسِنينَ سَماحَةً

إِنَّ المُوَفَّقَ بِالمُوَفَّقِ يَقتَدي

رَفَعتَ مَنارَ الجودِ فيكُم عالِياً

تَعشو الكِرامُ إِلى سَناهُ فَتَهتَدي

تِلكَ المُروءَةُ خالِداً مَأثورُها

وَالصُنعُ مُحتَقَرٌ إِذا لَم يَخلُدِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أحمد محرم

avatar

أحمد محرم حساب موثق

مصر

poet-ahmad-muharram@

442

قصيدة

1

الاقتباسات

686

متابعين

أحمد محرم بن حسن عبد الله. شاعر مصري، حَسَن الرصف، نقيّ الديباجة. تركيّ الأصل أو شركسيّ. ولد في إبيا الحمراء، من قرى الدلنجات بمصر، في شهر (محرم) فسمى أحمد محرَّم. وتلقى ...

المزيد عن أحمد محرم

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة