الديوان » العصر المملوكي » الشريف المرتضى » ناد امرءا غيب خلف النقا

عدد الابيات : 43

طباعة

نادِ اِمرءاً غُيّبَ خَلف النَّقا

فكَم فَتىً نادَيته ما وَعى

وَقُل لمَن لَيس يرى قائلاً

بأيِّ عهدٍ دبّ فيكَ البِلى

وَكَيف دُلّيتَ إِلى حُفرةٍ

يَمحوكَ مَحو الطِّرسِ فيها الثَّرى

كَذِي ضنىً مُلقىً وَلَيتَ الّذي

سيطَ بِهِ جِسمكَ كانَ الضّنى

أَرّقنِي فَقدُك مِن راحلٍ

وَاِستَلَّ مِن عَينَيَّ طعمَ الكَرى

وَبِنتَ لا عَن مَللٍ مِن يَدي

وَغبتَ عَن عَينيَّ لا عن قِلى

فَكَيفَ وَلّيت وَخَلَّفتني

أَكرعُ مِن بَعدك كأسَ الأَسى

كَأَنَّني سارٍ عَلى قَفرةٍ

مَسلوبَةٍ أَعلامُها وَالصُّوى

أَو مُنفِضٍ مِن كلِّ أَزواده

يَحرِقُ القَيظ بِنارِ الصَّدى

وصاحِبٍ لِي كُنتُ صَبَّاً بِهِ

أَخشى عَلَيهِ مِن مُرورِ الصَّبا

تَمَّ وَلَمّا لَم يَجِد مُنتهى

غافَصنِي فيهِ طروق الرَّدى

خُولِستهُ مُحتظراً رابعاً

كالنّجم ولّى أو كغصنٍ ذَوى

فَفي جُفونِي منهُ سَيلُ الزُّبَى

وَفي فُؤادِي مِنهُ نارُ القِرى

وَإنْ تَقلّبتُ عَلى مَضجَعي

كانَ لِجَنبي فيهِ جَمرُ الغَضا

وَكانَ في العَينينِ لي قرّةً

فَصارَ مَيتاً لِجفوني قَذى

قَد قُلتُ لِلمُسلينَ عَن حُزنِه

ما أَنا طَوعاً لِعَذولٍ سَلا

فَإِن رَقا دَمعِي فلم يَبكِهِ

فَلن أُصبِحَ فيمَن بَكى

وَكَيفَ أَسلاهُ وَبي صَبوةٌ

أَم كَيفَ أَنساهُ وفيهِ الهُدى

كَانَ كَنارٍ أُضرمت وَاِنطَفت

أَو بارِقٍ ما لاحَ حتّى اِنجَلى

أَو كَوكَبٍ ما لحظتْ نورَهُ

في أُفقِه العَينانِ حتّى خوى

يَنبو عَنِ الفُحشِ وَلَم يَستطِعْ

مُعرّساً في عَرَصَات الخَنا

وَإنْ تَنُطْ سِرّاً إِلى حفظِهِ

فَهوَ عَلى طولِ المَدى ما فشا

كَم أَخَذَ الدّهر لَنا صاحِباً

وَكَم طَوى في تُربِهِ ما طَوى

وَكَم أَمالَت كفُّهُ صَعْدةً

عالِيةً شاهِقةَ المُرتَقى

إِن شِئتَ أَنْ تَعجَب فَانظُر إِلى

مُرتَبَعٍ بادَ ورَبْعٍ خلا

وَنِعمَةٍ سابغةٍ قَلّصتْ

وَمَنزلٍ بَعَد كَمالٍ عفا

وَمَعشَرٍ حَلّوا وَلَم يَرتَضوا

بَأساً وعزّاً في محلِّ السُّها

مِن دونِ ما أرغم آنافهم

ضَربُ الوَريدَينِ وَطَعنُ الكُلى

أَكفُّهُم لِلمُجتَدين الغِنى

وَدورُهُم في النائِباتِ الحِمى

وَكَم لَهُم مِن مُعجِزٍ باهرٍ

أظهرهُ للناسِ يَوم الوغى

سيقوا إِلى الموتِ كَما سُوِّقتْ

لِلعَقْرِ بِالكُرهِ بِهامُ الفلا

وَطوّحوا في بَرزَخٍ واسعٍ

بَينَ هُوى مظلمَةٍ أو كُدى

كَأَنَّهم ما قسّمتْ برهةً

أَيديهمُ الأَرزاقَ بَينَ الوَرى

وَلا أَقاموا العزَّ ما بَينَهم

بِالبيضِ مَعموداً وسُمر القنا

هوَ الرَّدى لَيسَ لَه مَدفعٌ

وَالمَوتُ لا يَقبلُ بذلَ الرّشا

وَكَم مَضى قبلك أغلوطةً

بِالسّيفِ مِن غَفلته مِن فَتى

إِن ساءَني البينُ فَقَد سَرَّني

أَنّك فارَقتَ شَهيرَ الظبا

تَمضِي إِلى القومِ الأُلى لَم تَزلْ

تَجعلهم في الظّلماتِ الهُدى

فَإِنْ تَبوّأتَ لَهُم مَنزلاً

كُنتَ بِهم في الدرجاتِ العُلى

وَلَم يَزَل قَبركَ تُبلى بهِ

عَليكَ إِن شِئتَ دُموعُ الحَيا

فَلَم يَضِرْ وَهوَ ندٍ تُربه

مِن رَحمةٍ أَن لَم يُصبه النّدى

وَإِنْ تَكُن مُظلمةً حَوله

قُبورُ أَقوامٍ فَفيهِ السَّنا

وَإِنْ يَبِتْ في غَيِر ما رَبوةٍ

فَهوَ لَدَى الرّحمَنِ أَعلى الرُّبى

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الشريف المرتضى

avatar

الشريف المرتضى حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Sharif-al-Murtaza@

588

قصيدة

4

الاقتباسات

91

متابعين

علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن إبراهيم، أبو القاسم، من أحفاد الحسين بن علي بن أبي طالب. نقيب الطالبيين، وأحد الأئمة في علم الكلام والأدب والشعر. يقول بالاعتزال. ...

المزيد عن الشريف المرتضى

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة