الديوان » العصر العباسي » التهامي » نفسي الفِداء لِلحظِها من رامِ

عدد الابيات : 54

طباعة

نَفسي الفِداء لِلَحظِها من رامِ

وَلطَرفِها من أَنصُلٍ وَسِهامِ

وَلِثَغرِها من ضَوءِ بَرقٍ لامِعٍ

لَو أَتبعته لَنا بِصَوب غَمامِ

قالوا تأسَّ بِجَفنِها في سُقمِهِ

شَتّان بَينَ سِقامه وَسِقامي

سقم الجُفونِ وَإِن تَزايَد صِحَّة

أَبَداً وَسُقمي كل يَوم نامي

جُرحَ العُيون النُجل جرح كاتِم

لِدمائهِ أَشوى الجِراح الدامي

لَو لَم يَكُن هَذا الهَوى سِحراً لما

صادَ الليوثَ الغُلبَ بِالآرامِ

تَبَّعتهم يَومَ الرَحيل بِمُهجَتي

تبع الفَلاء الخَيل بَعدَ فِطامِ

وَأَقَمت بَعدَ وَلِلزَّمان عَجائِب

منها ترحُّل مُهجَتي وَمُقامي

رَحَلوا بمثل البَدر إِلّا أَنَّهُ

عند المَحاقِ يَكون بدر تَمامِ

وَجَلونَ من خَلَلِ البَراقِعِ أَوجُهاً

كالوَردِ بَينَ أَكنَّة الأَكمامِ

كل الأُمور إِذا تَقادَم ناقِص

أَبَداً وَوِدّي كل يَوم نامي

وَأَرى خَيال العامِريَّة أَنَّهُ

وآفٍ إِذا غَدَرَت بِعَقد ذِمامِ

وَآفى إِليَّ الشَوق يَحدو غيره

حَتّى تَلاهُ وَأَهله بِالشامِ

فَلَثَمنَني فَجَعَلتُ ثَمَّ تَحرُّجاً

بَيني وَبَينَ اللَثمِ ثَنيَ لِثامي

وَهَجَرتُ رَشفَ رِضابهنَّ لأَنَّهُ

خَمرٌ وَلَستُ بِراشف لِمُدامِ

وَهَبُوهُ غَيرَ الخَمرِ لَستُ بِذائِقٍ

مَع تَركِهِ الشُبَهات شبه حَرامِ

عَفُّ الظَواهِرِ وَالضَمائِر لَم أَزَل

مُتَنَزِّهاً في يَقظتي وَمَنامي

نهوى الظِباء وَلا نَصيد تَقيَّة

نَدَع الظِباء لِقانِصٍ أَو رامِ

دَع عَنكَ ذكر العامِريَّة إِنَّهُ

وَأَبيك مَغناطيس كل غَرامِ

أَما فَضائلها عَلى أَترابِها

فَكَفضلِ حَيدَرَةٍ عَلى الحُكّامِ

خَيرُ القُضاةِ عَلى القَضاء اِختاره

بَعدَ اختيار منه خَير إِمامِ

فَقَضى بِحُكمِ الجور في أَموالِهِ

وَقَضى بِحُكم اللَهِ في الأَيتامِ

أَلفَ اِمتِثال العَدلَ في أَحكامِهِ

حَتّى بِتَقسيم الطُلى وَالهامِ

تَتَيَقَّنُ الأَموال حينَ تَحُلُّ في

كفَّيه أَن لَيسَت بِدارِ مُقامِ

وَإِذا أَتى مال خَزائنه بَدا

بوداعه الخَزّان قَبلَ سَلامِ

خرق يعد صِلاته كَصَلاته

فَرضاً يؤديه أَداء تَمامِ

طَلقَ الجَبين مَع اليَمين مُوقَّر

في الحالَتَينِ النَقض وَالإِبرامِ

وَمُهَذَّب الأَقوالِ وَالأَفعال

وَالأَخوالِ وَالآباء وَالأَعمامِ

وَمَعين ماء الجودِ يَشرَبُ وَفده

فيهِ وَيَصدُر وَهوَ بَحر طامي

وَتَرى بوجه أَبي الحُسَين بشاشة

مثل الفِرندِ بِصَفح كل حُسامِ

وَيَلوحُ منه عَلى أَسرَّة وَجهِهِ

نور الهُدى وَسَكينَة الإِسلامِ

بَحر الفَصاحَةِ وَالسَماحَةِ وَالنُهى

وَالبأس وَالآلاء وَالأَنعامِ

يَخفي النَوال إِذا أَتاهُ تَظَرُّفاً

حَتّى كَأَنَّ الجود فعل أَثامِ

تَدنو سِهام الوَصفِ دونَ عُلائِهِ

أَوَهل يصيب الشَمس سَهم الرامي

أَعدى نَدى كفَّيه صور وَأَهلها

وَالبَدرُ يَقلِبُ طبع كُلِّ ظَلامِ

وَلَو أَنَّ صوراً جنة ما اِستكثرَت

وَأَبيك مِن غِلمانِهِ لِغُلامِ

يَعفو فَيَفعل حلمه بِعَدوِّهِ

ما تَفعَل الأَسياف بِالأَجسامِ

وَالحلم في بَعض المَواطن نقمة

تَسطو بِها أَبَداً عَلى الأَقوامِ

وَاللَيثُ أَعبَس ما بَدا وَجهاً إِذا

أَبصَرته في صورَة البسّامِ

وَإِذا تنمَّر مُغضِباً فاِنظر إِلى

جَيش عَلى ظهر الحِصانِ لهامِ

جَيش لَهُ ظهر الحِصان مُعَسكر

ذو يَمَنَتينِ وساقه وَأَمامِ

وَكأَنَّما جَمَع الأَعادي جَوهَر

وَسِنانِهِ في الجَمعِ سِلك نِظامِ

لَبِق الأَنامِلِ بِالرِماحِ وَطالَما

أَغنى عَن الأَرماحِ بِالأَقلامِ

ما قَطَّ قَطُّ إِلى العدى قَلماً له

إِلّا وَنابَ بِهِ عَن الصِمصامِ

قَلم يُقلم ظُفرَ كُلِّ ملمَّةٍ

وَيكفُّ كَفَّ نَوائِب الأَيّامِ

وَتَرى بِحافَتِهِ المَنايا وَالمُنى

وَمقاتِل الأَعداءِ وَالإِعدامِ

من آل حيدرة الَّذينَ شعارهم

فيض النَدى الهامي وَضرب الهامِ

قَهَروا بِحار الأَرض أَجمَع بِالنَدى

وَجِبالِها بِرجاحَةِ الأَحلامِ

يَتَسنَّمون مِنَ المَعالي مُرتَقىً

عَنه تَزِل مَواطىءَ الأَقدامِ

يَتَتابَعونَ إِلى العُلاء تَتابُعاً

كَتَتابُعِ الأَقدامِ في الإِقدامِ

يَقعونَ من هَذا الزَمان وَأَهله

كَمواقِعِ الأَعيادِ في الأَيّامِ

أَلفَيتَ مِنهُم في طَرابُلُسٍ نَدىً

ترك الكِرام لَديَّ غَيرَ كِرامِ

القَومَ جِسم أَنتَ روحهم وَهُم

في الناس كالأَرواحِ بِالأَجسامِ

لا زِلتَ في نِعَمٍ يُخلَّد ملكها

كَرمُ الإِلَهِ القادِرِ العَلّامِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن التهامي

avatar

التهامي حساب موثق

العصر العباسي

poet-al-tohami@

105

قصيدة

3

الاقتباسات

241

متابعين

أبو الحسن علي بن محمد بن فهد التهامي. من كبار شعراء العرب، نعته الذهبي بشاعر وقته. مولده ومنشؤه في اليمن، وأصله من أهل مكة، كان يكتم نسبه، فينتسب مرة للعلوية ...

المزيد عن التهامي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة