الديوان » العصر العباسي » التهامي » بعثت إليك بطيفها تعليلا

عدد الابيات : 65

طباعة

بَعَثَت إِلَيكَ بِطَيفها تَعليلا

وَخضابُ لَيلك قَد أَراد نُصولا

فَأَتاكَ وَهناً وَالظَلامُ كَأَنَّما

نظم النَجوم لِرأسه إِكليلا

وَإِذا تَأَمَّلت الكَواكب خلتها

زَهراً تفتَّح أَو عُيوناً حولا

أَهدَت لنا مِن خَدِّها وَرُضابِها

وَرداً تُحَيِّينا بِهِ وَشمولا

وَرداً إِذا ما شُمَّ زادَ غَضاضَةً

وَلَو أَنَّهُ كالوَردِ زاد ذبولا

وَجَلَت لنا بَرداً يُشَهّي بَرده

نفس الحصور العابِدِ التَقبيلا

بَرداً يُذيب وَلا يَذوب وَكُلَّما

شَرِبَ المُتَيَّمُ مِنهُ زادَ غَليلا

لَم أَنسها تَشكو الفِراقَ بِأَدمُعٍ

ما اعتَدنَ في الخَدِّ الأَسيلِ مَسيلا

فَرأَيتُ سَيفَ اللَحظِ لَيسَ بِمُغمدٍ

من تحت أَدمُعِها وَلا مَسلولا

إِن دامَ دَمعكِ فاحذَري غرقاً به

وَإِذا تَوالى القَطرُ كان سُيولا

حُطّي النِقابَ لَعَلَّ سرحَ لحاظِنا

في رَوضِ وجهك يرتعنَّ قَليلا

لَمّا انتقبتِ حَسِبتُ وَجهَكِ شعلة

خلَلَ النِقاب وَخِلته قِنديلا

هامَ الفؤاد بِأَنجُمٍ مِن حَيث ما

أَبصَرتهنَّ رأَيتهنَّ أَفولا

رَحَلوا ولون اللَيل أَدهم مُصمَتٍ

فامتار مِنهُم غُرَّة وَحُجولا

يَنحون حيث تَرى المَوارِدَ طُفَّحاً

وَالرَوض غَضٌّ وَالنَسيم عَليلا

فالأقحوانَةُ ثَمَّ تلقى أُختَها

كَفَمٍ يُحاوِل مِن فَمٍ تَقبيلا

كلف الفراق بمن هويت فَكُلَّما

دانيته شِبراً تأخَّرَ ميلا

قتلتني الأَيام حينَ قتلتها

عِلماً فأبصر قاتِلاً مَقتولا

مالَت عَليَّ فَقَد جعلت مَطيَّتي

ما بين أَجفان الدياجيَ ميلاد

حَمَلت جَميلاً من ثَناء مُحمَدٍ

لِتَزور وَجهاً كالثَناءِ جَميلا

ملك يروقك منظَراً وَمقالة

كالسَيف يَحسُن رؤيَة وَصَقيلا

أَضحى السَخاء مُخَيِّماً في كَفِّهِ

حَمِدَ المحَل فَما يُريد رَحيلا

أَوَ هَل يُريد الجود بَعدَ يَمينِهِ

وَهوَ النِهايَة في العُلوِّ نزولا

لا أَستَزيد الدَهر بَعدَ لِقائِهِ

حَبي بِرؤيَتِهِ البَهيَّة سولا

عَمَّ الرَعية وَالرعاة نواله

وَالفاضل المأمول وَالمَفضولا

كالغَيث إِن جادَت يَداهُ بديمَةٍ

أَغنى بِها المَعروف وَالمَجهولا

يَرتَدُّ فِكرُكَ بِالفَضائل حاسِراً

عنه وطرفك بِالضِياء كَليلا

وَتَحوز مِن إِحسانِهِ وَعَيانه

وَبيانِهِ وَبنانِهِ المأمولا

زاد العفاة عَلى الديات وَلَم يَكُن

أَردى سِوى فقر العُفاةِ قَتيلا

وَدَعا لِسائِله وَأَعلَن شُكره

حَتّى حَسِبنا السائِل المَسؤولا

أَتَراهُ يَحسَبُ وَفدَهُ شُركاءَهُ

وَيَرى التَفرد بِالثَراء عَليلا

يا مَن يفنِّده عَلى صِلَة النَدى

أَتلوم في صِلَة الخَليل خَليلا

اللَهُ صَوَّرَهُ جَواداً خَلَقَهُ

وَتُريدُ منه أَن يَكون بَخيلا

خُلِقَ ابن إِبراهيم جوداً كُله

فَمَتى تطيق لِخَلقِهِ تَبديلا

لَو ذُقتَ مِن طَعمِ النَدى ما ذاقه

لَعَصَيتَ فيهِ لائِماً وَعذولا

أُهرب بِنَفسِك لا يهبك فَرُبَّما

أَعطى العذول الرِفد وَالمَعذولا

وَلرُبَّما فتَّشت بعض عَطائِهِ

فَوجدتَ فيهِ السَيد البَهلولا

قَتَل العداة بِجوده وَبِسَيفِهِ

وَالسَيفُ يسهل عندهم تَقتيلا

فانصاعَ قَد ملئت مَضارِب جوده

شكراً ومضرب سَيفِهِ تَفليلا

يَلقى العِدى من كُتُبِهِ بِكتائِبٍ

يَجررن من زرد الحُروف ذُيولا

وَتَرى الصَحيفَة حلبةَ وَجِيادها

أَقلامُها وَصَريرُهُنَّ صَهيلا

في كَفِّهِ قَلَم أَتَمُّ من القَنا

طولاً وَهُنَّ أَتَمُّ منه طولا

قَلَمٌ يقلِّم ظُفرَ كُلَّ ساعة يَكتَسي

وَيَرُدُّ حَدَّ شباتها مَغلولا

وَيُضيءُ منه الطَرس ساعَة يَكتَسي

صَدأ المِداد وَلا يُضيء صَقيلا

ما قَطَّ قَطُّ لكتبه أَقلامه

إِلّا نقمن عَلى العداة ذُحولا

نِبَلٌ حَباها من رؤوسِ بَنانِهِ

ريشاً ومن حلك المِداد نُصولا

فقرت شَواكل كُلُّ أَمرٍ مُشكِلٍ

ورددن مفصل ماله مَفصولا

يَدعو النَبيَّ مِنَ الجُدودِ وَحَيدراً

ومن العُمومةِ جَعفَراً وَعَقيلا

نَسَباً تَرى عنوانه في وَجهِهِ

لا شبهة فيهِ وَلا تأويلا

تغنى بِهِ عَن حُجَّةٍ وَدَلالَةٍ

من ذا يُريد عَلى النَهار دَليلا

يَحكي النَبيَّ شَمائِلاً وَفَضائِلاً

مَن لَم يَكُن كأَبيه كانَ دَخيلا

لَولا الرِسالَة بَعدَ جَدِّكَ أَحمَد

خُتِمَت لقُلنا قَد بُعثتَ رَسولا

أَشبَهتَه خَلقاً وَأَخلاقاً وَما

خالَفته جُمَلاً وَلا تَفصيلا

لَولا أَبوك لما امتلا سَمعُ امرىءٍ

في الأَرضِ تَكبيراً وَلا تَهليلا

يا ابنَ الَّذينَ إِذا اعتَراهم طارِق

تَرَكوا بُيوت المالِ منه طُلولا

يا ابنَ الكِرامِ الأَكرَمينَ مغارِساً

وَالطاهِرينَ مشائخاً وَكهولا

الطَيِّبينَ مَناقِباً وَمَآرِباً

وَمَراتِباً وَمَكاسِباً وَأُصولا

وَالمُسرعين إِلى المَكارِمِ كُلَّما

وَجَدوا إِلى إِتيانِهِنَّ سَبيلا

إِن حارَبوا ملأوا القلوب أَسِنَّة

أَو كاتَبوا ملأوا الطروس فصولا

كَم جِبتُ أَرضاً مثل صدرك في النَدى

عَرضاً وَأخرى مثل باعك طولا

حَتّى وصلت إِلَيكَ يا بَدرُ العُلى

بِمَطيَّةِ مثل الهِلال نُحولا

جَعلت رَجاءَكَ حادِياً مِن خَلفِها

وَضياء وَجهك هادِياً وَدَليلا

إِنّي جَدير بِالنَجاحِ لأَنَّني

أَمَّلت لِلأَمرِ الجَليل جَليلا

لا زالَ فِعلِكَ بِالمَقال مُرصَّعاً

أَبَداً وَعِرضُك بِالعَفافِ صَقيلا

ما غَرَّدَت ورقُ الحَمائِمِ في ذُرى

فَنَنِ الأَراكَةِ بُكرَةً وَأَصيلا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن التهامي

avatar

التهامي حساب موثق

العصر العباسي

poet-al-tohami@

105

قصيدة

3

الاقتباسات

241

متابعين

أبو الحسن علي بن محمد بن فهد التهامي. من كبار شعراء العرب، نعته الذهبي بشاعر وقته. مولده ومنشؤه في اليمن، وأصله من أهل مكة، كان يكتم نسبه، فينتسب مرة للعلوية ...

المزيد عن التهامي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة