الديوان » العصر الأندلسي » الأرجاني » بغرة وجهك منا القسم

عدد الابيات : 98

طباعة

بِغُرَّةِ وَجهِكَ مِنّا القَسَم

وَما الصِدقُ إِلّا أَجَلُّ القِسَم

لِأَيّامُ مُلكِكَ لَمّا أَتَت

جَلا الظُلمَ أَنوارُها وَالظُلَم

وَلَمّا دُعيتَ لِدينِ الهُدى

نِظاماً عُنِيَت بِهِ فَاِنتَظَم

هُما الشاهِدانِ بِأَنَّ العَلاءَ

إِلَيكَ اِنتَهى وَالزَمانُ الحَكَم

طَلَعتَ عَلى مَنزِلٍ لَم تَطَأ

هُ قَلبَكَ غَيرَ الثُرَيّا قَدَم

وَقَد زَعَم الأُفقَ أَنَّ الهِلا

لَ طَوقٌ عَلى النَحرِ مِنهُ اِنفَصَم

فَقُلتُ وَقَد عَلِمَ الناظِرونَ

بِأَن كَذَبَ الأُفقُ فيما زَعَم

بِأَوَّلِ حَرفٍ مِن اِسمِ الوَزيرِ

لَهُ الفُلكَ اللَهُ قِدماً وَسَم

وَخافَ عَلى العَينِ مِن نورِهِ

لِذاك لَباقي اِسمِهِ ما أَتَم

فَلَمّا جَرى تَحتَهُ سابِحاً

غَدا طائِعاً تابِعاً ما رَسَم

وَلَو لَم يَكُن طِرفَهُ المُمتُطى

إِذَن لَم يَكُن بِالبُروجِ اِحتَزَم

أَيا مَن فَضائِلُهُ الباههِراتُ

تَزيدُ ظُهوراً إِذا ما كَتَم

عَلَوتَ بِجَدٍّ وَجِدٍّ مَعاً

فَأَوفَيتَ كَالنارِ فَوقَ العَلَم

وَبالجِدِّ يُملَكُ قَهرُ العِدا

وَبِالجِدِّ يُعرَفُ بُعدُ الهِمَم

هُما اِثنانِ ما لَهُما ثالِثٌ

إِذا ما عَدَدتَ كِبارَ النِعَم

وَإِن شِئتَ فَاِذكُر لِكَيما تَرى

نِهايَةَ ما بَلَغا في الأُمَم

رَبيعَةَ في العَرَبِ الأَوَّلينَ

وَسابورَ بَينَ مُلوكِ العَجَم

وَذا عَقَدَ التاجَ قَبلَ الوُجودِ

وَهَذا حَمى الظُعنَ بَعدَ العَدَم

فَلا عَدِمَتكَ المَعالي فَأَنتَ

نَشَرتَ لَها ماطَواهُ القِدَم

بِمِثلِكَ عِندَ شَبابِ الزَما

نِ كانَت بُطونُ اللَيالي عُقُم

وَلَم أَرَ كَالدَهرِ أَنّى أَتى

بِأَنجَبِ أَبنائِهِ في الهَرَم

بِجودِكَ يا مُغنِيَ الآمِلينَ

غَدا البَحرُ مُفتَضَحاً فَالتَطَم

وَحِلمُكَ مِن حَسَدٍ حينَ سارَ

لَهُ الذِكرُ عَمَّ الجِبالَ الصَمَم

بِحَبلِ الوَزيرِ أَبي طالِبٍ

عَلِيَّ بنِ أَحمَدَ فَليُعتَصَم

وما هو إلاّ الهُمامُ الَّذي

به اعْتذَر الدَّهرُ لمّا اجْتَرم

فتىً عينُهُ عيْنُ شمسِ الضُّحَى

لتَجْليةِ الخَطْبِ لمّا ادْلَهمّ

له كلَّ يومٍ بها نظْرةٌ

إلى الخلْقِ كشّافةٌ للغُمَم

ألا يا أخا أدبٍ يَرْتَجي

له مُطْلِقاً من إسارِ العَدَم

إذا جِئْتَه فاشْكُ صرْفَ الزّمانِ

إليه ودَعْ يدَهُ والكَرَم

تَجِدْ منْه مَولىً إذا ما أشا

رَ كان له الدَّهْرُ أَدنَى الخَدم

له قَلَمٌ فِعْلُهُ كاسْمِه

إذا طال للخَطْبِ ظُفْرٌ قَلَم

بقمّتهِ مَشْيُهُ والملوكُ

إليه كذا مَشْيُهم بالقِمَم

سعَى لك سَعْيَ البرايا له

وما زال يُخْدَمُ مَنْ قد خَدَم

يَراعٌ يُراعُ أخو الحَرْبِ منه

ويَسلَمُ مَنْ هو مُلْقي السَّلَم

وكان يُرَى مُحتَمي اللّيث فيه

فصار به إن عصَى يُصطلَم

فكيف سكونُ امرئٍ حادَ عنْك

رجاءَ تَمسُّكِه بالعِصَم

وكفُّك تُحسِنُ صيْدَ الأسودِ

إذا ما أردتَ ببَيْتِ الأَجَم

ألم تَر غُدوةَ مَوْلَى الورَى

إلى الصّيْدِ بالخَيْلِ لمّا عَزم

وقد حَطَّ وجْهُ الصّباحِ اللِّثامَ

فثاروا إلى خيلِهمْ باللُّجُم

مِلاءٌ كَنائنُهمْ والأكُفْ

فُ قد تَوَّجوها غداةَ اعْتَزَم

برُزْقٍ جَوارحَ تَشْكو الظَّما

وزُرْقٍ جَوارحَ تَشْكو قَرَم

تَرى كلَّ سَهْمٍ وشَهْمٍ حكا

في الطّيرِ وقْعَاً لعُظْمِ النَّهم

خطيبٌ ومِنْبرُهُ ساعدٌ

يُقلِّبُ عينَيْنِ مثْلَ الضَّرَم

له مَنْسِرٌ عاقدٌ ما يَصيدُ

وعشْرينَ في طَلَقٍ إن هَجَم

وأهْرتَ أُدْمُ الفلا كاسْمِها

به الدَّهْرَ أُدُمٌ لنا تُؤْتَدَم

من النُّمْرِ خِيطَ على جسمِه

أديم تَعيَّن لا مِنْ حَلَم

به عَلِقتْ شَرَرٌ لوَّحتْ

هُ من نارِ خَدٍّ له تَضْطَرِم

ففي كُلِّ عضْوٍ له أعيُنٌ

تُراصِدُ إنْ هُوَ بالصَّيْد هَمّ

تَراهُ رديفاً وراءَ الغُلامِ

وبالنّمشِ الوجهُ منْه الْتَثَم

شبيهَ سبيّةِ جيشٍ غدَتْ

تُذيقُ الكَرى مُقْلةً لم تَنَم

جرَى الدّمعُ بالكُحْلِ من عَيْنها

فنَمْنَم جِلبابَها إذ سَجَم

وقد كاد يَخْرجُ من جِلْدِه

وراءَ الطّريدةِ لمّا اقْتَحم

فقد سُمِّرَ الجلْدُ خوفاً علَيْ

هِ أَوّلَ ما الخَلْقُ منْه اسْتَتمّ

وغُضْفٌ تُسابِقُ عَصْفَ الرِّياح

فَيسبِقُه حُضْرُها إنْ نَسَم

رياحٌ مُجسَّمةٌ للعيونِ

مُقلَّدةٌ في طُلاها رُقُم

لهُنَّ من البِيضِ مَصْقولةٌ

تُسَلُّ وتُغْمَدُ منْ كُلِّ فَم

فمِن أبيضٍ مثْلِ لونِ الدِّمَقْسِ

ومَن أصفرٍ أملسٍ كالزُّلَم

وآخَرَ ذي لُمَعٍ في السّوادِ

حكَى لونُها نفْخةً في فَحَم

يُقرِّطُ مِخْلبَهُ أُذْنَهُ

ويَسْبِقُ ناظرَهُ حيثُ أَمّ

وسَاروا إلى منْزلٍ عازِبٍ

لوَحْشِ البسيطةِ فيه مَضَمّ

فثارَ الضِّراءُ وطارَ الصُّقورُ

وحَنَّ السَّراءُ ورنَّ النَّشَم

وملَّتْ جَوازِرُ أفْواهِها

سَواطيرُها وبَراها الوضَم

وبات منَ الحُورِ كم مِنْ لَقى

بأبوابِهم ومِنَ العِينَ كَم

طرائدَ إصباحُها في الجلودِ

تَعادَى وإمْساوُها في البُرَم

فللّهِ خَيْلٌ كرامٌ لهمْ

قَرتْهُمْ بتلْكَ الجِفانِ الرُّذُم

وما إنْ لها غَيْرُ مَشّ الأكُفِّ

بأعرافها سُهْمةً في السُّهَم

وعادوا وقد قَرّطوا السّابقاتِ

أعِنّتَها وأَراحوا الجِذَم

ومن كلِّ غزْلانِ أرضِ الصَّرا

ةِ لم يَدَعوا ناجِمَ القَرْنِ ثَمّ

سِوى أنّهمْ بعثُوا بالأمانِ

لقَرْنِ الغَزالةِ حتّى نَجَم

أيا مَنْ بَيانُك دُرٌّ يُخَطُّ

لأنَّ بنانَك بحْرٌ خِضَمّ

إلى الوحشِ فرّعْتَ بِيضَ السُّيو

فِ لمّا قَهرْتَ العِدا بالقَلَم

وَروّيْتَ منها ظِماءَ القَنا

فخوفُكَ لم يُبْقِ في القَوْمِ دَم

وناصحْتَ سلطانَك المُرتَجَى

وقِدْماً عُهِدتَ كريمَ الشّيَم

ولمّا توجّه تلقاءه

تحاميتَه كرماً لا سأم

فما حلَّ صَيْدَهُمُ لو غَدوْتَ

تُسايرُهمْ وذُراكَ الحَرَم

خَرجْتَ تُشيِّعُ وفْدَ الحجَي

جِ والبيدُ غُبْرٌ تُثيرُ القَتَم

وصارتْ لك الأرضُ فضّيّةً

رُجوعاً وَللسُّحْبِ أَيضاً خِدَم

بقُربِكَ يَثْلُجُ قلْبُ العراقِ

سُروراً فقد عَظُمَ المُغْتَنم

أيا مِلكاً يُبلِغُ الوافِدي

نَ أقْصى الأماني لأدْنَى الذِّمَم

غدا حاملاً من نَداكَ الرَّجاءُ

فلا غروَ إنْ بانَ منه وَحَم

وممّا اشتَهى رَبْعةٌ للقِران

متَى نظَر المرءُ فيها خَتَم

وأجزاؤها كجُفونِ العيونِ

لهنّ عنِ النَّوْرِ فَتْحٌ وضَمّ

على ظَهْرِها وقَف الصّاحبُ ال

أجَلُّ على المشهدِ المُحترَم

مكانٌ شريفٌ عظيمُ الثّوابِ

منَ الله في مثْلِه يُغْتَنم

وقد وقَفَ الأمرُ في وَقْفةٍ

فلا يَنْتقِضْ ما لديك انْبَرم

فمِثلُك يا عادِمَ المِثْل مَن

إذا قال للهِ قولاً جَزَم

ويشكَرُ مُفْتَتَحُ المكْرماتِ

ولا مِثْلما يُشكَرُ المُخْتَتَم

أتَى العيدُ فاسْعَدْ بإقبالهِ

نَعمْ وبأمثالِه في نِعَم

لقد سَنَّ ذا العيدُ نَحْرَ العِدا

كما عُهِدَتْ قبْلُ حُمْرُ النَّعَم

فقُلْ للمُعادينَ إن شِئْتُمُ

ضَعوا عنكُمُ للعيونِ اللُّثُم

أعارَكُمُ حِلْمُهُ أرْؤُساً

فلا تَسأموا حَمْلَها ما حَلُم

ومَن عَدِمَ الشُّكَر للمُستَعيرِ

فأصبحَ مُرتَجعاً لم يُلَم

فلا يَخدعنّكُمُ مُنْعِمٌ

إذا شاء مِمّنْ عَصاهُ انْتقَم

ولم يَنْجُ مُستَعصِمٌ بالنَّوى

فَينْجَو مُستهدَفٌ مِنْ أَمَم

أيا مَنْ إذا ما عَظُمْنَ الذُّنوبُ

كأنَّ له العفْوَ أوفَى عِظَم

ومَنْ سَطْوُهُ الدَّهرَ يُردي العِدا

ومَنْ عَفْوُهُ الدَّهرَ يُحْيي الرِّمم

لقد صاغَكَ اللهُ مِن لُطْفِه

وصان ذِمامَكَ مِن أنْ يُذَمّ

وما أنت إلاّ له نِعمةٌ

علينا فبالشُّكْرِ فَلْتُستَدَم

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الأرجاني

avatar

الأرجاني حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-alarjani@

315

قصيدة

2

الاقتباسات

123

متابعين

أحمد بن محمد بن الحسين، أبو بكر، ناصح الدين، الأرجاني. شاعر، في شعره رقة وحكمة. ولي القضاء بتستر وعسكر مكرم وكان في صبه بالمدرسة النظامية بأصبهان. جمع ابنه بعض شعره في ...

المزيد عن الأرجاني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة