الديوان » العصر الأندلسي » الأرجاني » محلك سام والعلاء به اعتكف

عدد الابيات : 57

طباعة

مَحلُّكَ سامٍ والعلاءُ به اعتكَفْ

وفَضْلُكَ بادٍ والحسود به اعْتَرَفْ

وأنت سديدٌ من يدِ اللهِ مُرسَلٌ

وإصلاحُ أحوالِ العبادِ له هَدَف

وكم سارَ لي من لَفْظةٍ هيَ دُرّةٌ

عُلاكَ لها تاجٌ وفكْري لها صَدَف

وذو شَغَفٍ منّي بمدحِكَ خاطِرٌ

بتَبليغِه أقصى المُنَى أنت ذو شَغَف

وقالوا عُلاكَ النّجمُ إذ ليس يُمتطَى

وقالوا نَداكَ البحرُ إذا ليس يُنتزَف

وما كان يُبْقي الخَلْقُ بِلّةَ إصبَعٍ

منَ البحرِ لو أمسَى كَجودِك يُغْتَرَف

ولا ما تُعيرُ الشّمسُ ظُفْرَ مُنجّمٍ

من الضّوءِ لو أضحَى كجاهِك يُلْتَحَف

ولا سَرَفٌ في الجُودِ قولُك دائماً

إذا قالَ بعضُ النّاسِ لا خيرَ في السَّرَف

وأنت الّذي مذْ جَدَّ في المَجْدِ ما ونَى

ومُذْ سار في إثْرِ المَحامدِ ما وَقَف

يُصَمّم حيثُ السّيلُ لو مَرَّ لانثنَى

ويُشرِقُ حيثُ البدرُ لو لاح لانْكَسَف

ويَشرُفُ أفعالاً ويَعلَمُ أنّه

تَواضعُه للنّاسِ أزْيَدُ للشّرَف

وتَبعُدٌ منّا الشّمسُ جِدّاً إذا بدَتْ

ولكنّنا من ضَوئها الدَّهَر في كَنَف

وكم لائمٍ في فَضْلِ مَسْعاهُ لامَه

فقال له مَهْلاً وأقوالُه نُتَف

وكم حاجةٍ للحُرِّ لمّا قضَيْتَها

حَسِبتَ غطاءً عن فؤادٍ قدِ انكَشَف

ألا يا هُماماً سَدَّد الحَقُّ رأْيَه

فليس له عن مَنْهَجِ الخَيرِ مُنْحَرَف

وصادفَ من دونِ الّذي رامَ من عُلاً

مَجاهِلَ لم تُسلَكْ إلى المجدِ فاعْتَسف

تَوسّطَ أعلَى قُنّةِ المُلْكِ طالعاً

وحَلَّ من السّفْحِ الحَسودُ على الطّرَف

وعَفَّ عنِ الخُلُقِ الدَّنيءِ وعافَه

وقاك الرَّدى مَنْ لم يَعِفَّ ولم يَعَفْ

تأملْ بعَينَيكَ العشيّةَ ناظِراً

إلى جَحفل الفِطْرِ الجديدِ الّذي زَحَف

فقد مَدَّ كَفُّ الغَربِ زَنْداً مُخضَّباً

عليه هِلالٌ كالسِّوارِ إذا انْعطَف

فأومَى بتَسليمٍ عليكَ مُهنِّئاً

بِعيدٍوفي كفّيْهِ من يُمْنِه تُحَف

فعادَ إليك العِيدُ ما هبّتِ الصَبا

وما انتابَ من بَعدِ الدُّجى الصُّبحُ وارْتدَف

وعادَ إليكَ الصّومُ في ظِلِّ دَولةٍ

بأَلْفِ افتِتاحِ واخْتتامٍ ومُنْتصَف

فصَومُك صَومٌ عن تُقىً وهو الّذي

لدَى اللهِ يَزداد المُطيعُ به زُلَف

وفي النّاسِ مَن حُكْمُ البَهيمةِ حُكْمُه

إذا صامَ حاشا الأكرمينَ أوِ اعتكَف

فيُقذَفُ في فيهِ اللّجامُ إذا بَدا الصْ

صَباحُ ويُلْقَى عنه باللّيْلِ للعَلَف

وهاتفةٍ هاجَتْ حَنيني بشَجْوِها

ولو أنّ ما بي بالحَمامِ لَما هَتَف

وقَلبي إلى وَكْري شَبيهُ جَناحها

إلى وكْرِها ليلاً إذا جَنّها السَّدَف

دنا العِيدُ من ناءٍ عن الأهلِ نازحٍ

فَسَرَّ الوَرى طُرّاً وضاعَف لي أَسَف

ولي كَبِدٌ منها على النّأي فِلْذَةٌ

إذا ما جرى ذكْرٌ لها عندَه ارتَجَف

فيا ليتَ عَيْني حيث تُبصِرُ وَجْهَه

قريباً ومَن يَطْوِي ليَ النّيّةَ القَذَف

صبيحَةَ يومِ العِيدِ والأنْس ُمُثْمِرٌ

فَمنْ مَدَّ كَفَّيْ فارغٍ مَدّةً قَطَف

إذِ النّاسُ مَسرورونَ كُلٌّ بصَحبِه

وكُلُّ مغيث كُلّما أَبَصَرَ الْتَهَف

وخلفَ النّوى قَومٌ عليَّ أَعِزّةٌ

كرامٌ يَزجّونَ اللّيالي على شَظَف

أُرَجّي لهمْ عَطْفَ الزّمانِ بصالح

ولولاهمُ لم أَرْجُ شيئاً ولم أَخَف

فجَدِّدْ إلى أمري لك الخَيرُ نظْرةً

فكم شَمْلِ أَحرارٍ بنِعْمَتِك ائْتَلف

كما أنّ صُنْعَ اللهِ عندك لم يَزَلْ

يُجَدِّدُ عزّاً باهراً لك مُؤْتنَف

برَغْمِ العِدا أن قد سمَوْتَ منَ العُلا

إلى رُتَبٍ منها طَريفٌ ومُطَّرف

وأن زارَك السُّلطانُ ضَيفاً مُسلِّماً

وما فَوقَ هذا للبريّةِ من شَرَف

وأَكرمْتَ مَثْواهُ فما مَرَّ طِرْفُه

على الأرضِ إلاّ فوقَ ما جُدْتَ من طُرَف

وجُودُكَ بالدّارِ الّتي قد بذَلْتَها

بَشيرٌ بأمْرٍ مَن تأمَّلَه عَرَف

ألم تَرَ أنّ البَدْرَ مَبدأُ نُورِه

إذا هو خَلّى البُرْجَ للشّمسِ وانْصَرَف

أيا مَن إذا ما جاوزَ الحَدَّ واصِفٌ

فأدْنَى عُلاه فوقَ أكبَرِ ما وَصَف

ومَن وجَهُه بِشْرٌ ومَن كفُّه نَدىً

ومَن خُلْقُه لطفٌ ومَن خَلْقُه لُطَف

هلَ أنْتَ مُعيني حينَ أَبغي مَعونةً

على نَيْلِ حَظ من يَدِ الدَّهرِ يُختَطَف

فعِندي زمانٌ لا يَزيدُ سوى أذىً

وعندي فؤادٌ لا يَزيدُ سوى أَنَف

ولي نَفْسُ حُرٍّ صَبْرُهُ يَقتُلُ الصَّدَى

إذا هو لم يُورَدْ بعِزٍّ على النُّطَف

إذا هو ألقَى بين عَينَيْه مَطْلَباً

مشَى فوقَ حَرْفِ السّيفِ فيه وما انْحَرَف

وما هِمَمي كالطَّيْرِ إن جُعْنَ جَوْعةً

يُحَلِّقْنَ جِدّاً ثُمّ يُسْفِفْنَ للجِيَف

تُفَوِّتُنا الأعراضُ ظُلْماً جَهالةً

بقومٍ وفي الأعراضِ لو شِئْتَ مُنتَصَف

إذا كُلَفي لم يَرفَعِ القومَ ثِقْلَها

فذاك عليهمْ لو درَوْا أكبرُ الكُلَف

فخُذْها كمَصْقولِ الثُّغورِ قَوافياً

تَلَذُّ بأفواهِ الرُّواةِ وتُرتَشَف

وشِعْري إذا ما لم يكُنْ فيك لم أُبَلْ

وإن لَجَّ طَبْعٌ كيفما جاءَ وارْتَصَف

لو أنّهمْ جادوا أَجَدْنا مَديحَهمْ

ولكنْ لِذاكَ الكَيْلِ يَصْلُحُ ذا الحَشَف

أَعدْتَ إلى فَرْعِ الزّمانِ شبَابَه

وقد شابَ حتّى دَبَّ في عَقْلِه الخَرَف

فَدُمْ للعُلا ما افتَرَّ للرَّوضِ مَبْسِمٌ

وجادَ له مُزْنٌ بأجفانِه وَطَف

جَنابُك للدُّنيا وللدّينِ كَعبةٌ

ودارُك للجَدْوَى وللحَمْدِ مُعتَكَف

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الأرجاني

avatar

الأرجاني حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-alarjani@

315

قصيدة

2

الاقتباسات

121

متابعين

أحمد بن محمد بن الحسين، أبو بكر، ناصح الدين، الأرجاني. شاعر، في شعره رقة وحكمة. ولي القضاء بتستر وعسكر مكرم وكان في صبه بالمدرسة النظامية بأصبهان. جمع ابنه بعض شعره في ...

المزيد عن الأرجاني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة