الديوان » لبنان » سليمان البستاني » بذاك الغراب استطار الوحى

عدد الابيات : 592

طباعة

بذاك الغراب استطار الوحى

وفطرقل نحو أخيل عدا

تساقط عيناه دمعاً سخيناً

كأسحم ماءٍ بصخرٍ جرى

فهزت أخيل لرؤته

عواطف رفقٍ وفرط أسى

فمال إليه وقال إذاً

أفطرقل قل لي علام الشجى

شهقت كطفٍ جرت تسرع

ومن دونها أمها تهرع

فتعلق في ذيلٍ أثوابها

ومقلتها صبباً تهمع

وترسل طرفاً بليلاً إليها

عساه بذلتها يشفع

وتجذبها وهي ضارعةٌ

لتحملها فتكف البكا

أعندك من إفثيا خبر

له قومنا وأنا نذعر

فإن منتيوس ما زال حيّاً

بذلك قد أنبا الأثر

وفيلا كذا بمرامده

عزيزٌ وإمرته ائتمروا

همامان لا شك موتهما

بلاءٌ علينا وأي بلا

أم انتابك البث حزناً على

لفيف الأخاءة مذ فشلا

تجاه عمارتهم جيشهم

جزاء مظالمه خذلا

فبح بحقي ضميرك لي

أحط بالذي رمته عجلا

فقال وصعد أنفاسه

أجل يا أشد قروم الورى

دع الكيد فالخطب جل وقد

تدفع نقع جراح العمد

ذيوميذ أقعده دمه

وأوذيس رب الطعان قعد

وأتريذ ألمه جرحه

كذاك أريفيل ألقى العدد

أحاطت بهم بسفائنهم

لضمد الجراح خيار الإسى

وأنت على الكيد صلد الفؤاد

فلا كان لي قط هذا العناد

أيا فاسد الباس قل لي لمن

تعد اشتداد البؤس الشداد

إذا لم تزح عن لفيف الأخاء

عميم البلاء بيوم الطراد

فلالا فما أنت من بشرٍ

ولست ابن فيلا الفوارس لا

وثيتس ليست بأمك أصلا

بل اخترت في لجة البحر أصلا

ومن كبد الخر كنت وليداً

لأن فؤادك كالصخر فعلا

فإما خشيت المقادير فيما

روت لك أمك عن زفس نقلا

فبي فابعثن وفي إمرتي

لفيف المرامد أسد الشرى

عسى بسلاحك إن أقبل

يخالوك وافيتهم تصطلي

فينجو الإخاء وطروادةٌ

تفر وكربتنا تنجلي

ونكتسح القوم نكسأهم

لإليون بالبيض والأسل

فإنا وليس بنا من عياءٍ

نبدد جيشاً رماه العيا

لتلك أمانيه عن دفع نفس

إلى الحتف ساقته في يوم بؤس

فإن أخيل وقل له

أفطر قل حدسك ليس يحدسي

فلست لأخشى المقادير فيما

روت لي أمي عن حكم زفس

ولكن بي غصةً حرقت

فؤادي الكليم بحر اللظى

وما زلت ألهب منذ انتصب

زعيم السرى وفتاتي اغتصب

وما هو إلا قريني مقاماً

وما هي الأجزاء النصب

حباءٌ حباني الأراغس لما

فتحت البلاد ونالوا الأرب

وأتريذ معتسفاً رامها

كأني دخيلٌ بذاك الحما

ولكن لنغض عن الغابر

ونله بموقفنا الحاضر

فإني وإن كنت آليت قبلاً

بأن لا ألين إلى الآخر

إلى أن تحيط بفلك العدى

وتبدو لدي ظبا الباتر

فما كان للمرء مهما التظى

بأن يكمن الغيظ طول المدى

فقم بسلاحي وسر بالمرامد

فقد أدرك الفلك جيش الطرواد

وبالثغر قد حصروا قومنا

فضاق عليهم مجال المجاهد

وإليون خلفهم اندفعت

كأن لها النصر ألقى المقالد

وما لقيت بطلائعهم

تريكة آخيل تلقي السنا

فلو أن أتريذ لم يعتسف

لما خلت جيش العداة يقف

وولوا وصرعى كتائبهم

ببطن حفائرنا ترتجف

وهاهم أحاطوا بدرعنا

وعنهم ذيوميذ عنفاً صرف

وليس براحته عاملٌ

يهيج احتداماً لدفع الأذى

وليس لأتريذ من قبح نطق

به نفثات الخبائث يلقي

ولكن لهكطور صوتٍ دوى

يشق الفضاء بغربٍ وشرق

وقد فاز بالنصر أعداؤنا

وضجوا وعجوا ونادوا بسبق

فكر وق الفلك من نارهم

لنبلغنا الوطن المترجي

لأمري ائتمر ومرامي أجر

فتحرز لي كل مجدٍ وفخر

وتحمل لي بالجلال فتاتي

على تحفٍ ونفائس غرِّ

عن الفلك صد العدو وعد

ولو زفس أولاك أعظم نصر

ولا تندفع في العدى مفردا

فتبخس قدري بين الورى

ولا يدفعنك طيش القتال

لإليون بالجيش تحت النبال

فرب إلاهٍ ولي العداة

كفيبوس أخلى الألمب وصال

إذاً حالما الأمن تضمنه

لأسطولنا وتصد الرجال

فعد ودع الحرب يضرمها

سواك وبادر إلي هنا

أيا زفس رب العلى يا أثينا

وفيبوساً السادة الأعظمينا

أبيدوا الطرواد فوق الأخا

ءة يفنو برمتهم صاغرينا

ولا يبق حيّاً سوانا بإليو

ن نخلوود كأندك الحصونا

فذاك حديثهما ها هنا

وثمة عزم أياس ارتخى

توالت عليه طعان العدى

وزفس قوى بأسه بددا

وفوق تريكته انهملت

نبالهم شاسعات الصدى

ويسراه بالجوب قائمةٌ

يكاد من العي يلوي يدا

وما كل جيش العدى بقناه

بدافعه عنهم القهقري

وفوق جوارحه العرق

من الجهد كالسيل يندفق

فشق تردد أنفاسه

عليه وقد كاد يختنق

وسيم على أزمةٍ أزمةً

وزاد على القلق القلق

ألا ليت شعري كيف الأوار

علا الفلك فلن قيان العلى

لآياس هكطور جرياً جرى

وعامله بالحسام برى

فأهوى السنان بثعلبه

يصل صليلاً لوجه الثرى

فبات أياس بعودٍ ضئيلٍ

وفي سخط آل العلى شعرا

وقد خال زفس برى دونه

عماد القتال لنصر العدى

لذاك التوى عن مرامي الظبا

وبالفلك أورى العدى اللهبا

بكل الغراب السعير فشا

وفي سطح وجهته نشبا

فصاح أخيل لذا لاطماً

بكفيه فخذيه مضطربا

بدار أفطرقل يا فرع زفسٍ

بدار أيا فارساً قد سما

أرى الفلك بالنار تلتهب

وأعداؤنا جملةً وثبوا

فوا لهفي هل ينالونها

ويمنع في وجهنا الهرب

فقم بسلاحي إذاً ريثما

أعبي كتائبنا واذهبوا

فقطر قل شك بزاهي سلاح

ببراق فولاذه قد أضا

فأوثق خفين بالقدمين

بساقيه شدت عرى من لجين

وألقى على صدره لأمةً

لآخيل رواعة الفيلقين

وجنته تلك ذات الوابال

تناولها ثم فيها اكتمى

وتلك التركية والعذبات

تطير بقونسها سابحات

رماها على ثبت هامته

تذل لرؤيتها العزمات

وقام على ثبت هامته

بذل لرؤيتها العزمات

وقام يهز قنيّاً ثقالاً

تخفُّ عليه لدى الأزمات

كذا غير صلد قناة أخيل

جميع سلاح أخيل حوى

فما كان في القوم غير أخيل

فتىً ذلك الرمح منهم يجيل

وعامله زانةٌ قطعت

بقنة فليون عوداً ثقيل

وخيرون أهدى لفيلا سلاحاً

على رقبات العداة وبيل

ومذ شك فطرفل أفطمذاً

لشد الجياد سريعاً دعا

فتىً كان يوم انتياب الشدد

وليّاً وفيّاً له وسند

وما كان يرعى فتىً مثله

من الصيد بعد ابن فيلا أحد

فهب لزنثس يقرنه

بباليس ببهي العدد

جوادان عنقاء أمهما

وقد عليقت من نسيم الهوا

نعم تلك فوذرغةٌ وهي تسعى

على ضفة الأقيانس ترعى

كذا حملت والجوادان شبا

كعاصفة الريح جرياً وطبعا

وللنير شد فداس الذي

أخيل بإيتينٍ نال سفعا

جوادٌ وإن كان رهن الردى

فجري جياد الخلود جرى

وبالخيم طار أخيل وصاح

يعبي مرامده للكفاح

فهبوا كسرب الذئاب الكوا

سر يدفعه البأس دفع الرياح

تمزق فوق الذرى إيلا

وأفواهها داميات الصفاح

وتنضم جيشاً جرى والغاً

بسلط اللسان بماءٍ حلا

فتنبذ في الماء تلك الدما

وتروي ولا ترتخي همما

وكذا حول فطرقل كبارهم

لفيفهم دار وانتظما

وبينهم خل زفس أخيل

يحضُّ الكماة حماة الحما

بخمسين فلكاً أتى بهم

بخمسين كل غرابٍ أتى

بخمسة صيدٍ بهم وثقا

بإمرته كفل الفيلقا

فأولى جرائدهم نظمت

بإمرة مينستيوس اللقا

هو ابن لجدول إسفر خيوس ال

ذي كان من زفسٍ انبثقا

ولكنما أمه فولدورا ال

جميلة وابنة فيلا النهى

ومن بعد ذاك الإلاه بغاها

بروس بن فيريرسٍ وحباها

فكانت له علناً زوجة

وشاع بأن فتاه فتاها

وثانية الفرق انتظمت

لأفدور من جل بأساً وجاها

هو ابن فليميلة ابنة فيلا

س من ولدته بشرخ الصبا

بديعة حسنٍ بمغنى الطرب

بها هرمسٌ بالغرام التهب

رآها تغني وترقص بين ال

عذارى لدى ذات قوس الذهب

فقاتل أرغوص هام بها

وفي ذروة القصر فيها احتجب

وأولدها ولداً نابغاً

إذا ما عدا وإذا ما رمى

ولما تبدى لشمس النهار

وثم إليثيةٌ بانتظار

إخكليس أكطور أنزلها

بمنزله بأجل شعار

وفي حجر فيلاس ظل الغلام

يشب ربيباً عزيز المنار

وثالثة الفرق اجتمعت

لفيسندر بن ممال الفتى

فتىً لم يفقه بهز القنا

بهم غير فطرقل إن طعنا

وفينكس رابع قوادهم

هو الفارس الشيخ إلف العنا

وخامسهم القميذ بن الرفي

س من عاديات الوغى امحنا

كذلك آخيل كتبهم

وصاح يثبتهم للوغى

مرامدة ادكروا كم على

عداكم صديد الوعيد علا

فكلكم عاذلي كلما

حنقت وكلٌّ قلى وتلا

أيا ظالماً يا ابن فيلا فأم

ك قد أرضت مرةً وقلا

تصلبت لبّاً وقسراً حجرت

رفاقك عن أشرف الملتقى

هلم بنا للديار وإلا

فماذا التحامل حقداً وغلا

لتلك أقاويلكم جملةً

فدونكم جذوة الحرب تصلى

وتلك أمانيكم فليكر

إليها الذي كان للكر أهلا

فهبوا ولبوا مليكهم

كتائب رصت كرص البنا

كصخرٍ بصخرٍ قد اتصلا

بحائط دارٍ سمت للعلى

وأحكم بناؤها رصفها

فليست تبالي بنوءٍ ولا

كذاك تألب جيشهم

قود لاصق البطل البطلا

وبالخوذة الخوذة اشتبكت

وفوق المجن المجن انحنى

بهبتهم عذبات القوانس

تلاقت تموج بهام القوامس

وفطرقل شك وأفطمذٌ

وقد برز الإلتقاء الدراهس

همامان همهما واحدٌ

نكال العدو بصدر الفوارس

وأما أخيل فلما استتم اِن

تظامهم للخيام انثنى

هناك غطاء خزانته

أماط يؤج ببهجته

فتلك الخزانة قد أتخفته

بها أمه يوم غزوته

وقد شحنتها بأرديةٍ

تصد الهواء بهبته

وأكسيةٍ وطنافس غرٍّ

تشوق برؤيتها من رأى

فأخرج كوباً بديعاً سناه

به ليس يشرب خمراً سواه

لزفس به الراح ترفع صرفاً

وتهرق من دون كل إلاه

بنار الكباريت طهره

وغمسه بنقي المياه

ومن بعد غسل يديه به الخم

ر سوداء صب بكل اعتنا

وبين السرى قام يرفعه

ويعلو لزفس تضرعه

يشير بعينيه نحو السماء

وزفس يراه ويسمعه

أيا زفس رب الددون ومولى ال

فلاسج من بان مربعه

وياملكاً بددونة حيث از

مهر على القوم قر الشتا

وحيث سرى السلة السهد

رواتك من حولك احتشدوا

فلم يغسلوا لهم قدماً

وغير الثرى ما لهم مرقد

دعوتك قبلاً فأعززتني

بذل الأخاء وقد جهدوا

ألا فاستجبني أيضاً ولا

تخيبنني يا سميع الدعا

فها أنا ما بين فلكي مقيم

فيزمع فطرقل خلي الحميم

يقود مرامدتي للوغى

فخوله نصراً أزفس العظيم

وصلبه لبّاً فيعلم هكطو

ر هل هو كفؤٌ لرغم الغريم

وهل لا يكر ويبطش إلا

إذا ما وراء أخيل انبرى

وشدده حتى إذا ما انتصر

وعن موقف الفلك زال الخطر

يأوب إلي هنا سالماً

بعسكره وسلاحي الأغر

لزفس دعاء أخيل رقى

وزفس وعى جابراً وكسر

فخول فطرقل صون الخلايا

وأما سلامته فأبى

وأما أخيل فمذ أكملا

فروض عبادته قفلا

بموضعه الكوب أودع ثم

إلى باب خيمته أقبلا

وظل هنالك مرتقباً

منازلة الجحفل الجحفلا

وقطرقل والجيش منتظمٌ

بإمرته للكفاح مشى

كأنهم الدبر ثار يمور

وخشرمه بسبيل العبور

وثمة ولدٌ تحثحثه

فيبعث منتشراً بالشرور

يمر على جهله عابرٌ

فيدفعه فعليه يثور

يذب عن البيض مستبسلاً

حديد الحمات شديد القوى

سرى المرمدون بشدتهم

كذا انبعثوا من عمارتهم

وفطرقل يصرخ مذ أقبلوا

يعج الفضاء بضجتهم

مراميد ليس لقوم أخيل

بأن ينثنوا عن عزيمتهم

علينا ونحن سراه بأن

نجل أجل فتىً بالسرى

ليعلم أتريذ ما اجترحا

بحط أشد قروم الوحى

فهاجت لذاك حميتهم

وكلهم للقا طمحا

وكروا وصاحوا وصيحتهم

صداح بفلكهم صدحا

وفطرقل يزهو وأفطمذٌ

بصدرهم ببهي الحلى

فخار الطراودُ وارتعبوا

لمنظر فطرقل واضطربوا

وخالوا أخيل ارعوى مقبلاً

عليهم وقد فاته الغضب

فكلهم التاع مستشرفاً

يرى كيف ينجو به الهرب

ومعظهم عج حيث غراب

فروطسلاس الأبي رسا

هنالك فطرقل حث خطاه

وأرسل يقذف صلد القناه

فأدرك بالكتف فيرخم مولى ال

فيونة صيد الجياد العتاه

بهم من أميدون من جد أكسي

يس خف معتصماً بقواه

فخر وخارت كتائبه

وولوا شتاتاً بعرض الفلا

مقابسهم غادروا بالتهاب

وقد لهمت نصف ذاك الغراب

ففطرقل أخمدما والعدى

تبدد شملهم باصطخاب

وهب الأخاء بتلك الخلايا

وهدة نعرتهم للسحاب

عن الفلك شت العدو وقد

بدا فرجٌ بعد طول العنا

كأن مثير الصواعق بدد

سحاباً به شامخ الطود يربد

فتبدو الضواحي وشم الرواسي

وبطن الوهاد ونجٌ وفدفد

وينفتح الجو والنور يلقي

بلب الرقيع شعاعاً توقد

ولكنما الحرب ما بلغت

بشدتها غياة المنتهى

فطروادةً ساق حكم اضطرار

فغادرت الفلك تبغي الفرار

وظلت تذود وفي إثرها

على كل قرمٍ عميدٌ أغار

وفطرقل في صدر جند الأخاء

على عرليق السنان أطار

فأنفذ في حقه والجاً

إلى العظم فانقض فوق الثرى

ور ثواس برمح منيل

وعن صدره الجوب كان أميل

وأمفقل رام مجيس ولكن

مجيس تلقى برمحٍ صقيل

فبتت قلب شظيته

فخر غضيض الجفون قتيل

وأنطيلخٌ شق خصر أتمني

يساً فلدى قدميه التوى

فحرق ماريس موت أخيه

فخف لجثته ليقيه

وقد كاد يطعن أنطيلخاً

ولكن بدا ترسميذ يليه

فبادر عانقه بسنانٍ

فرى اللحم والعظم ينفذ فيه

فخر وصل بشكته

وعينيه غشى ظلام الردى

كلا الأخوين رمى الأخوان

فمن ولد نسطور ذي الفضل ذان

وذانك فرعاً أميسودر

سليل خميرة هول الزمان

حليفاً وداد لسرفيذنٍ

وشهمان قرمان يوم الطعان

هما لأريبا كذا انحدرا

وقد غادرا قرع صم القنا

كذاك أياس بن ويلوس كر

إذا إقليوبول حيّاً ظهر

تربك يبغي الفرار فوافي

أياس بماضي غرارٍ أغر

فواراه في جيده ففراه

وأخرج يلهب والقرم خر

وليقون رام فنيلا وكلٌّ

رمى وكلا العاملين نبا

فكرا وكلٌّ براحته

حسامٌ فخفَّ بضربته

فعامل ذاك أصاب التري

كة فانقض من كعب قبضته

ولكن فنيلا فرى الجيد والرأ

س علق يهوي بجلدته

فغادره نور مقلته

وفوق الحضيض صريعاً هوى

ومريون مذ أقبل السهل ينهب

أكاماس أدرك إذ هم يركب

فألقى بعاتقه طعنةً

فجندل عن طرفه النور يحجب

وإيذومنٌ إرماس أصاب

بفيه وفيه السرية غيب

فشققت العظم تحت الدماغ

وأسنانه قلقت في اللثى

فمن منخريه النجيع تفجر

ومن فيه والطرف بالدم محمر

ومن فوقه الموت ألقى سحاباً

كثيفاً بسترته قد تستر

وجيش الطرواد ولى شتاتاً

وقد فاته البأس والذب والكر

وإثرهم انقض جند الأخاء

وكل زعيمٍ زعيماً فرى

كسرب ذئابٍ بشم الجبال

قد انقض يبغي قطيع السخال

وقد فرقته الرعاة بجهلٍ

فيدهمه بفسيح المجال

ويبطش فيه يمزقه

وليس له مهجةٌ للنضال

فذا شأنهم وأياس حشاه

لإدراك هكطور فيه التظى

ولكن هكطور وهو الهمام

وقد حنكته ضروب الصدام

أصاخ بسترة جنته

لقرع القنا وهزير السهام

وقد شهد النصر رجحانه

لقوم العداة فهام وحام

تثبت يفكر في صحبه

يروم لهم نجوةً ترتجى

فمن موقف الفلك بالعنف ثار

هديد الوغى وصديد الفرار

كما اندفع الغيم بالجو في يو

م صحوٍ به زفس نوءاً أطار

وفيلق إليون قد فر حتى ال

حفير بغير هدىً وقرار

بهكطورهم جمحت جرده

فألقته عنهم بعيد المدى

وبينهم بات ذاك الحفير

لهم حاجزاً حثيث المسير

فكم من عجالٍ به سحقت

وقد غادرتها الجياد تطير

وفطرقل ينخي كتائبه

لسحق جيوش العدى ويغير

فولوا بعرض الفلا شرداً

وقد ولولوا والفؤادُ وهى

فعج عجاجهم للسحاب

وفطرقل يطلب لب العباب

فكم فارسٍ بات تحت العجال

وقد خر يخفق فوق التراب

وكم فرسٍ غادر المركبات

تخب ووجهة إليون آب

ولم تكن جرد أخيل لتعبا

بذاك الحفير العميق الهوى

تعددته كالبرق رامحةٌ

من الجرف للجرف سابحةً

سلاهب خلدٍ بنو الخلد كانت

لفيلا الفوارس مانحةً

ومهجة فطرقل ما لبثت

لإدراك هكطور طامحةً

ولكن هكطور والخيل شطت

به جامحات الصدور نأى

وخيلهم وهي منطقه

تغير وتصهل مندفقه

كأن الغيوم بيوم خريفٍ

بنوءٍ على الأرض منطبقه

فيهمر زفس السيول انتقاماً

من الخلق إذ تنبذ الشفقه

وتقضي القضاة بمجلسها

ولا قسط في حكمها والقضا

وقد فاتها حمقاً أن تهاب

بني الخلد إن نهضت للعقاب

فتطغى مجاري المياه وتطمو الس

سيول وتنقض فوق الهضاب

تغادر شم الجبال زعاباً

إلى البحر يعلو لظهر زعاب

تعيث وتفسد في الأرض حتى

عنا الناس يصبح طرّاً هبا

وفطرقل بين الصدو صدر

وساق إلى الفلك تلك الزمر

على رغمهم دون عودتهم

لإليون حال وأجرى العبر

وجندهم بين مرسى الخلايا

وسيموسٍ والحصار حصر

وصال وأو صولته

على أفرنوس الهمام سطا

بدا صدره تحت جنته

وفطرقل خف بطعنته

فجندله لا حراك به

وأهوى يصل بشكته

وثنى بثسطور إينفس لما

تلملم من فوق سدته

تضعض خوفاً فأرخى العنان

وقطرقل في إثره قد مضى

بصفحة وجنته الرمح ألقى

فغاص وشق النواجذ شقا

ومن ثمة اجتره بالسنان

عن العرش بالرمح يلصق لصقا

كما اصطاد بالشص من فوق صخرٍ

فتىً سمك البحر والشص دقا

فألقاه والرمح يفغر فاه

على وجهه ثم عنه اغتدى

فإريال ألفى إليه ابتدر

فبادره قاذفً بحجر

فحل ببطن تريكته

وهامته شق ثم انحدر

فخر صريعاً ومن حوله ال

حمام مبيد الحياة انتشر

ومن ثم أتبعه بقرومٍ

على بعضهم بعضهم قد ثوى

فمنهم إريماس أمفوطروس

وإيفلط إيفيسٌ إيخيوس

وإطلوفليم فريس كذا

فليميل أرغيسٍ إيبفوس

فلما رأى صبحه سرفذون

بهم لعبت عاديات البؤوس

تحدم يصرخ في قومه

فواعاركم يا بني ليقيا

قفوا لا تفروا علام الوجل

فإني أطلب هذا البطل

لأعلم من ذا الذي عاث فينا

ومنا العديد الوفير قتل

ترجل يعدو وفطرقل لما

رآه ترجل ثم حمل

كأنهما عندما اصطدما

عقابان من فوق صخرٍ نتا

يهبان هبة مظفر

بعقف المخالب والمنسر

يصران صرصرةً ويشبا

ن من فوق ذيالك الحجر

وزفس بعزلته راقبٌ

فهاج به الرفق بالبشر

فقال لهيرا شقيقته

وزوجته آه حل القضا

أرى سرفذون أحب العباد

إلي بعامل فطرقل باد

ينازع قلبي أمران إما

مواراته عن مجال الجلاد

وإلقاؤه وهو حيٌّ مفدى

إلى قومه في خصيب البلاد

وإما السماح بمقتله

فيبلغ فطرقل منه المنى

فقالت وأي مقالٍ تقول

أيا ابن قرونس قيل القيول

فتىً من بني الموت حكم الردى

رماه وأنت بجوز الأصول

فأنفذ مرامك إن رمت لكن

بنو الخلد لا يظهرون القبول

فدونك مني مقالة حقٍّ

فألق مقالي بسامي الحجى

إذا سرفذون إلى الأهل حيا

أعدت فآل العلى تتهيا

وتطلب إنقاذ أبنائها

من الحتف مثلك شيئاً فشيا

فإن أنت أحيته سمته

على مضض الكيد غيظاً وغيا

فخل حنوك وا أذن إذاً

ففطرقل ينفذ حكماً مضى

فإن غادرته الحياة وباذ

مر الموت فوراً وعذب الرقاد

إلى ليقيا يحملاه سريعاً

لإخوته والصحاب البعاد

فيدفن في اللحد حرّاً كريماً

ونصب الكرام عليه يشاد

فذاك جزاء الأولى جاهدوا

وماتوا كراماً ونعم الجزا

فأذعن زفس لها ثم أمطر على

الأرض طلّاً من الدم أحمر

قياماً بإجلال فرعٍ حبيبٍ

سيردي غريباً وفطرقل يفخر

فكرا وفطرقل ثرسملاً

رمى بالصفاق فمن فوره خر

تلا سرفذون بسوق الجياد

وكان حليف الصبا المرتضى

وعامله سرفذون قذف

ولكن بكتف فداس وقف

فخر لوجه الثرى صاهلاً

وقد زفهقت بروحه وارتجف

فأزعج مصرته الفرسين

فشبا ونيرهما قد قصف

صرع عنانيهما التف فاستل

ل أفطمذٌ سيفه وانتضى

وخف وبت رباط الجواد

فعاد لروعهما والطراد

وعاد الكميان للضرب والطع

ن في حومة الحرب قرمي عناد

رمى سرفذون مثقفه

فعن كتف فطرقل يسراه حاد

ولكن فطرق عامله

أطار وما إن أطار سدى

ففي سرفذون السنان انتشب

على عضل القلب حيث انتصب

فأهوى يصر أمام العجال

بأسنانه والحضيض اختضب

كملولة أو كصفصافةٍ

وباسقة الأرز فوق الهضب

بها نفذ الحد في كل وشا

رفلكٍ متين الجذوع برى

وخر كثورٍ بصدر الصوار

عتا وعليه الغضنفر ثار

ومن تحت صكة أنيابه

يخور إلى أن ترج القفار

كذا خر مولى بني ليقيا

ومن كف فطرقل ألفى البوار

ولكنه بتجلده

علا صوته بجهير الندا

ألا يغلوكس خير أليف

لذا الحين حين الصدام العنيف

لئن كنت ذا مهجةٍ وجنانٍ

فلا تصب إلا لقرع السيوف

أثر بقيول بني ليقيا

لدى سرفذون أوار الحتوف

وذودن عني وللحرب ألهب

قلوب السرى بسعير الجذى

وإلا وبهم العدى صرعوني

وجندلت في وجه هذي السفين

سأوريك الدهر خزياً وعاراً

إذا ما العدى شكتي سلبوني

ومن ثم أخمد أنفاسه

وأغمض عينيه ستر المنون

وفطرقل داس على صدره

لينتزع العامل الممتهي

فأخرج يعلق ذاك العضل

بحد السنان وروح البطل

وهم المرامد في عجلٍ

ليستوقفوا الجرد تحت العجل

عتاقٌ وغادرها فارسها

فحثحثها للفرار الوجل

وأما غلوكس فالتاع بثّاً

لذاك الندا وحشاه انفأى

لقد بسط الكف فوق الذراع

وليس به قوةٌ للدفاع

فما زال يؤلمه نبل طفقي

لما تسلق فوق القلاع

فألفت يدعو ألون رب الس

سهام ألا رب جد باستماع

فحيث تكن أنت يبلغك صوت

كئيبٍ تلهف مثلي أنا

أفي ليقيا كنت أرض اليسار

أم اخترت إليون دار قرار

فأنت ترى ألمي وجراحي

وسيل دمٍ من ذاعي فار

تثقل كتفي من هز رمحي

إذا ما علا بالبدار الغبار

وذا سرفذون العميد ابن زفسٍ

وما صانه زفس ألفى التوى

فآلامي الآن سكن وخفف

وبأساً أنلني والدم جفف

لكي استحث بني ليقيا

وحول القتيل الرماح نكثف

دعا فاستجيب الدعا ومسيل

الدماء على الفور بالجرح أوقف

وآلامه سكنت وحشاه

ببأسٍ شديدٍ ذكا واصطلى

فمالت به هزة الطرب

لما نال من بلغة الأرب

بصيد بني ليقيا طاف يستن

هض البهم للذود والطلب

وبين الطرواد جال فمال

لفوليدماس الهمام الأبي

وأنياس ألفى فحث وخف

إلى آغنور الفتى المجتبى

وهكطور وافى بقلب الحديد

يؤج فصاح بصوتٍ شديد

أشأنك هكطور عن حلفا

ئك تغضي وصيد سراهم تبيد

بحبك قد هلكوا وعداهم

عن الأهل والدار بون بعيد

فذا سرفذون المليك الذي

حوى البأس والعدل غضا ذوى

أريس براحة فطرقل قد

رماه وحرقنا بالكمد

أما ما كررتم وقلبكم ال

تياعاً بحر الأوار اتقد

ألا ما خشيتم أن المرا

مد ينتزعون زهي العدد

ويولونه الذل منا انتقاماً

لبهمٍ أبدنا بغر الظبا

فهد الطراود ذاكي اللهف

على سرفدون وفاض الأسف

فقد كان وهو دخيلٌ بهم

لهم منعةً من عوادي التلف

مشى إثره البهم جيشاً وليس

له بهم شبهٌ أو خلف

فهاجوا وهكطور في صدرهم

تحدم غيظاً يحدث الخطى

ولكن فطرقل بين الأخاء

عدا يستحثهم للقاء

وأقبل يدعو الأياسين لكن

فؤاد الأياسين يذكو اصطلاء

ألا الآن دونكما الذود مذ كن

تما خبر كل قروم البلاء

فذا سرفذون الفتى من إلى ال

معاقل قبل الجميع رقى

عسى أن نفوز بجثته

نجردها لمذلته

ونفري بحد الغرار الأولى

بذبون من جند عصبته

فهبا ومن كل صوب تكش

شف جيشٌ يجيش بهمته

وحول القتيل اصطدام عنيفٌ

وعجٌّ مخيفٌ وصل الشبا

بنو ليقيا ولفيف الطراود

وجند الأخاء وجيش المرامد

جميعهم اندفعوا دفعةً

بصلصلةٍ ووحىً متصاعد

وزفس على فرعه حسرةً

تحرق يبغي اشتداد الشدائد

فأحدق فيهم وقد كيد كيداً

وأسبل ستر ظلامٍ دجا

ففي البدء جيش القتيل اندفق

وصد الأخاء الحداد الحدق

فبين المرامد خر إفيجي

يس بن أغكليس فخر الفرق

لقد كان قبلاً ببوذيةٍ

فنادرها تحت جرمٍ سبق

مضى فاتكاً بابنِ عمٍّ له

وعند ثتيس وفيلا التجا

إلى حرب طروادةٍ سيراه

لآخيل خراق جيش الكماه

لقد رام سلب القتيل وهكطو

ر فوراً بجلمود صخرٍ رماه

وهامته بتريكته

لشطرين شق فألفى رداه

ومن فوره خر فوق القتيل

وحرق فطرقل فرط الشدا

حكى مذ مضى في الطلائع صقراً

لديه الزرازير يفرزن فرا

وسرب العقاعق من وجهه

شتاتاً تساق به حيث كرا

فسعديك يا ابن منتيوس هزم

ت كل فتىً هالماً مقشعرا

بني ليقيا والطراود طرّاً

قهرت انتقاماً لإلفٍ كبا

وعنق ابن إيثيمنٍ إستنيل

دتقت بصخرٍ قذفت ثقيل

ففر الطراود في وجههم

كذلك هكطور ولى ذليل

إلى أن أبينوا على روعهم

على بعد مرمى سنانٍ صقيل

على العنف يرمي به طاعنٌ

بدار الوغى أو بعرض اللهى

ولكن غلوكس ثم انثنى

وعاد فأعمل شهب القنا

وأصمى بثكليس خلكون من

بهيلاذةٍ ناعماً سكنا

وما كان بين الطراود من

حكاه بهم ثروةً وغنى

لقد كاد يرمي غلوكس لما

وراء العداة حثيثاً سعى

فعاد غلوكس والرمح زج

وفي الصدر حد السنان ولج

على بأسه خر فارتجت الأر

ض والتهبت بذويه المهج

ولكن جيش العدى فرحاً

تكثف من حوله وابتهج

وأما الأخاء فلم ينثنوا

بل اندفعوا كزعابٍ طغا

ومريون بين العدى ظفرا

بقرمٍ بلوغونسٍ شهرا

هو ابن أنيطوز كاهن زفس

بإيذا ومن مثله وقرا

أصيب على مقتل الأذن فإنقض

ض لا رمقٌ فيه فوق الثرى

فبادر أنياس يطعن مريو

ن لكن ذاك السنان هفا

لقد كان مريون مستتراً

بجنته عندما ابتدرا

فمال عن الرمح والنصل زل

ومن خلفه للحضيض سرى

وظل هنالك مرتعشاً

على ذلك العزم إذ خدرا

رمته ذراعٌ لها البأس ينمي

فأنفذ لكن ببطن النقا

وأنياس صاح مغيظاً أجل

أمريون فاتك سهم الأجل

وإلا فمهما تفوقت رقصاً

لو النصل وافاك عزمك فل

فقال أأنياس هيهات تصمي

جميع العداة وأنت بطل

وأنت رهين الحمام عسى

أصيبك مهما حشاك عسا

فإما رمتك ظبا أسلي

وقد أدركتك انتهى أملي

فلا شك تهبط في فشلٍ

لآذيس روحك والفخر لي

ولكن فطرقل سيء فقال

يؤنب مريون بالعجل

علام أخي ذا المقال المهين

وأنت بلوتك سامي النهى

أتزعم أن حديد الكلام

يصد الطراود يوم الصدام

فماذا بدافعهم عن قتيلٍ

حواليه تصطك لامٌ بلام

ولن يرجعوا عنه حتى يضاف

صريعاً لذاك الهمام همام

فللحرب فعلٌ وللسلم قولٍ

وهذا أوان الوغى لا اللغا

فخف ومريون في الإثر خف

كربٍّ وللجيش جيشٌ زحف

وفي السهل للبيض والسمر قرعٌ

بفولاذهم وإهاب الحجف

كأن بأذرع حطابةٍ

بغابٍ فؤوساً صداها قصف

وحول القتيل استطار العجاج

ووبل الدما والنصال همى

من الرأس غشاه حتى القدم

فما كاد يبصر بين الرمم

وفيلق كل فريقٍ لديه

بهدته للكفاح ازدحم

كأنهم بالربيع ذبابٌ

يطن طنيناً ببيت النعم

وقد حام من حول ألبانها

إذا ما الإناء رآه امتلا

وزفس بشامخ تلك الذرى

عن الحرب ما حول النظرا

ولكنه لم يزل راقباً

بمقتل فطرقل مفتكرا

يجيل بأمرين هاجسه

أيدفع هكطور مستعرا

فيقتله فوق ذاك القتيل

ويسلب منه سلاحاً زها

أم الحرب عنفاً شديدا يزيد

وفيها قروم الرجال يبيد

فعول أن يستحث إلى الفت

ك بالبهم إلف أخيل العميد

فيدفع هكطور والجيش طرّاً

لإليون من تحت قرع الحديد

لذلك أوهن هكطور قلباً

فهب لمركبه واعتلى

وولى ونادى بهم بالفرار

وأوجس من زفس عنه ازورار

درى أن كفة ميزانه

أميلت ودور الدوائر دار

وعزم بني ليقيا خار حتى

غدوا لا يقر لهم من قرار

وراعهم صرع ملكهم

فولوا وقد جلت الأربى

رأوا طعين الحشا جندلا

ومن فوقه جثث النبلا

حواليه خر الصناديد لما

قضى زفس أن يدلهم البلا

فجرده قوم فطرقل شك

ته وإلى فلكهم أرسلا

فصاح بفيبوس زفس إذاً

ألا يا ولي الوداد كفى

إلى سرفذون الأمير الخطير

سر الآن فوراً وجد المسير

فإن جئته فامضين به

إلى عزلةٍ قرب ماءٍ غزير

وطهره من دنس الدم حالاً

وانزله في ماء ذاك الغدير

وبالعنبر ادهنه ثم اكسه

ملابس لا يعتريها الفنا

لأسرع قادة كل العباد

إلى التوأمين الردى والرقاد

به ألق يحتملاه سريعاً

لإخوته والصحاب البعاد

فيدفن في ليقيا ضمن لحدٍ

ونصب الكرام عليه يشاد

فذاك جزاء الأولى جاهدوا

وماتوا كراماً ونعم الجزا

فلبى أفليون طوعاً يسير

ومن طور إيذة هب يطير

أتى سرفذون وسار به

إلى عزلةٍ فوق سيل غزير

وطهره من دمٍ دنسٍ

ونقاه في ماء ذاك الغدير

وطيبه عنبراً وكساه

ملابس لا يعتريها الفنا

لإسرع قادة كل العباد

إلى التوأمين الردى والرقاد

به راح يلقي فطار به

لإخوته والصحاب البعاد

ليدفن في اللحد حرّاً كريما

ونصب الكرام عليه يشاد

فذاك جزاء الأولى جاهدوا

وماتوا كراماً ونعم الجزا

وفطرقل أفطمذا والخيول

وراء العدى حث فوق السهول

وبالنفس ألقى لتهلكةٍ

وضل ضلال الغبي الجهول

فلو لأخيل ارعوى ما انبرت

عليه عوادي الحمام تصول

ولكن زفس إذا ما نوى

فما للورى رد ما قد نوى

فقد يدفع الفارس البطلا

ليوليه الذل والفشلا

لذلك فطرقل حث وأغرى

ليبلغ في كره الأجلا

ألا قل أفطرقل من آخراً

ومن أنت جندلته أولا

عدا وبأدرست ثم بأوطو

نؤوس وإيخيكلوس بدا

كذاك ابن ميغاس فيريم ثما

فلرتس ثم إفستور أصمى

وإيلاس موليساً ميلنيفاً

وسائرهم للهزيمة هما

وكاد الأخاءة إليون يف

تتحون بهمة فطرقل رغما

ولكن رقى الحصن فيبوس ينوي

له الشر والحصن منه وقى

ثلاثاً لركن الحصار اندفع

وفيبوس عنه ثلاثاً دفع

براحته صد جنته

فما ارتد عن عزمه وارتدع

بل انقضَّ رابعةً كإلاهٍ

فما خال إلا الدوي ارتفع

وفيبوس صاح ألا عد أيافر

ع زفس فما لك ذا المنتسا

فما دك إليون في الغيب لك

ولا لأخيل الذي فضلك

تقهقر فطرقل مضطرباً

لخشيته سخط ذاك الملك

وهكطور في باب إسكيةٍ

على جرده فاكرٌ بالدرك

أيدفعها للجهاد أم القو

م يجمع للذود خلف الربى

وإذا كان يفكر مضطرباً

إليه أفلونٌ اقتراب

دنا وحكى خال هكطور آسي

يساً فرع ديماس منتدبا

شقيقٌ لإيقاب من ثغر سنغا

رس بفريجا بشرخ الصبا

وصاح علام اعتزلت الكفاح

أهكطور ليس بشأنك ذا

فلو زفس لي بقواك حكم

لأوليتك الآن مر الندم

فعد وجيادك حث عسى

تخلد ذكرك بين الأمم

لعل أفلون يوليك نصراً

وفطرقل ترمي بحدٍّ أصم

ومن ثم عنه الإلاه توارى

وكالبرق بين الجيوش سرى

وهد قلوب الأخاءة هدا

وطروادةً بالولاء أمدا

وفي قبريون ابن فريام صاح

يرد الجياد إلى الحرب ردا

فساط وهكطور من دون كل ال

أراغس يقصد فطرقل قصدا

ولكن فطرقل ما ارتاع بل

ترجل محتفزاً للقا

بيسراه عامل رمحٍ متين

كذا حجرٌ خشنٌ باليمين

رماه فأخطأه ومضى

إلى قبريون أخيه الأمين

فأدركه وهو مستمسكٌ

بصرع أعنته بالجبين

فقض العظام على الحاجبين

وعيناه طيرتا للبرى

فخر على الخيل كالبرق يسري

إلى الأرض يهوي كسابر قعر

وفطرقل صاح به ساخراً

فيا للباقته كيف يجري

فلو من سفينته واثباً

إلى اليم غاص للجة بحر

لصاد حلزّاً ولو صدع النوء

يكفي الجماهير شر الطوى

لئن غاص بالبر من تي العجال

فغاصة طرواد نعم الرجال

ومن ثمة انقض فوق القتيل

كليثٍ بقلب الحظائر صال

فيدركه السهم في صدره

ويلقي به بأسه للوبال

فويحك فطرقل من صائلٍ

على قبريون تهيج صلا

وهكطور عن خيله نزلا

وفي طلب الجثة اقتتلا

كليثين بينهما ظبيةٌ

بها فتكاً فوق طودٍ علا

كلا البطلين يهيج احتداماً

ليعمل في ندِّهِ الأسلا

فهكطور بالرأس مستمسكٌ

وفطرقل بالقدمين كذا

وحولهما اصطدام الجحفلان

بنقعٍ علا تحت قرع الطعان

كأن الصبا عرضت للجنوب

بغابٍ تشامخ فوق القنان

تزعزع دردارها والقرا

نياو كذا الزان بين الرعان

فيلتف غصنٌ بغصنٍ فين

قض بين حفيفٍ وقصفٍ دوى

كذا اشتبكوا والوغى التحما

يثير بهبته الهمما

طعانٌ تشقٌّ الدروع وغيث

سهامٍ بعرض الفلا التطما

وصخرٌ يقضُّ الترائك حول ال

قتل الذي خر هامي الدما

سهام عنهم تحت عثيرهم

وللدهر عن جرده قد لها

تساوت مراميهم ما استوت

براح بقلب السما وعلت

ولما دنا آن حلِّ الثيار

ومالت فجند الأأخاء ارتمت

ورغم القضاء بجثته

خلت وبها للبراح جرت

وشكته انتزعت وانثنت

فطرقل كيد العداة انتوى

ثلاثاً كآريس كر يصيح

بصوتٍ دوى في الفضاء الفسيح

ثلاثاً ثلاثة صيدٍ رمى

وأقبل رابعةً يستبيح

فويبك فطرقل قد قضي الأم

ر فاليوم قتلك حتماً أبيح

وفيبوس وافاك منحدراً

بظل السحاب بطي الخفا

ومن خلفه جاء مستتراً

لذلك فطرقل ما شعرا

وألقى على ظهره يده

فعيناه ألهبتا شررا

ودحرج للأرض خوذته

أمام خطى الخيل فوق الثرى

فصلت ودنست العذبات

بنقع الحضيض وسيل الدما

تريكة آخيل تلك وما

إلى الأرض قط هوت قدما

ولم تك إلا لذاك الجبين ال

ذي بالفخار سما عظما

وزفس قضى أن تجلل ها

مة هكطور لما هنا أقدما

ولن تلبثن له غير حينٍ

لأن الحمام إليه دنا

وعامل فطرقل في كفه

تستحق ينذر في حتفه

وجنته بحمائلها

أميلت إلى الأرض عن كتفه

وحلت عن الصدر لأمته

بصرف أفلون لا صرفه

فأوقف يهلع رعباً وخارت

قواه وغشى حجاه العمى

وثمة كان فتىً دردني

تفوق في فتية الزمن

بأوفرب فنثوس يعرف وهو

أخوا لباس والعدو والحصن

لقد كان وهو يكر فتىً

تحنكه ساحة المحن

رمى عن صدور العجال من الصي

د عشرين قرماً لظهر الحثى

فذلك ذلك فطرقل قد

أتاك وظهرك بالرمح قد

وذلك أول قرمٍ رماك

ولكنه خاب فيما قصد

فعامله اجتر ثم جرى

يفر إلى قومه وارتعد

لقد سمته الرعب حتى اتقى

وإن كنت أعزل لا تتقي

ولكن فطرقل هد قواه

سنان القناة وروع الإلاه

لذاك تنصل خوف المنون

إلى صبحه لائذاً بسراه

وهكطور لما رآه جريحاً

تقفاه بينهم ورماه

فشق الصفاق لأحشائه

فخر وقلب ذويه ذكا

كأن على الشم خرنوص بر

دهاه على الورد ليثٌ فكر

وفي طلب الوشل اقتتلا

فما انكفأ الليث حتى انتصر

كذلك هكطور فطرقل أصمى

وهد به صائحاً وافتخر

زعمت أفطرقل أن لك الجو

و من فوق إليوننا قد خلا

أخلت بدك معاقلنا

نفوز وسبي عقائلنا

لقومك بالفلك تحملهن

افاتك طعن ذوابلنا

تعست ألم تدر أن بهكطو

ر تنساب جرد صواهلنا

ليرفع عنهن ذلة رقٍّ

برمحٍ بقلب العداة مضى

هلكت فرح مطعماً للصقور

فهلا كفاك أخيل الثبور

كأني به قال حين الوداع

بتلك الخيام مقال الغرور

إلى الفكل فطرقل لا عواد ما لم

تمن العداة بأدهى الشرور

تمزق عن صدر هكطور درعاً

كستها الدماء خضيب الكسا

أجل قوله ذاك مذ أرسلت

وانت اغتررت بما قال لك

أجاب على زفرات المنون

على العجب فوزك قد حملك

بصولة زفس وفيبوس فطرق

ل لا بأس هكطور حتماً هلك

هما عرياني من عدتي

وإلا أريتك قطع الطلى

بعشرين هكطور مثلك لا

أبالي إذا ما الغبار علا

أصلمهم وسنان قناتي

شحيذٌ لهم يحمل الأجلا

فإن الردى وابن لاطونةٍ

وأوفرب هم علتي والبلا

وما كنت أنت بطعنك لي

سوى ثالثٍ قد تلا وونى

ومني خذ نبأً صدقا

ففطرقل بالحق قد نطقا

فما أنت بعدي حيٌّ طويلاً

فإن الردى بك قد أحدقا

وقد حان حينك فاشق به

قريباً بكف أخيل اللقا

ومن ثم أسبل ظل الظلام

عليه ستار الردى فطفا

هوى روحه صبباً تستطير

لرب الجحيم بوادي الزفير

هنالك تندب حكم القضاء

وتلك القوى والشباب النضير

وهكطور ما زال يزري به

علام بحتفي كنت النذير

فمن قال عمر ابن ثيتيس لا

بحد قناتي قبلي انقضى

وعامله اجتر من صدره

وألقاه فيه على ظهره

وفي نفسه قتل أفطمذٍ

فأقبل ينقضُّ في إثره

ولكن إلف أخيل بخيل

أخيل توارى على قهره

وليست لتدرك بين الملا

عتاقٌ بها زفس فيلاحبا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن سليمان البستاني

avatar

سليمان البستاني حساب موثق

لبنان

poet-Suleyman-al-Boustani@

139

قصيدة

86

متابعين

سليمان بن خطار بن سلوم البستاني. كاتب وزير، من رجال الأدب والسياسة، ولد في بكشتين (من قرى لبنان) وتعلم في بيروت. وانتقل إلى البصرة وبغداد فأقام ثماني سنين، ورحل إلى ...

المزيد عن سليمان البستاني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة