الديوان » لبنان » سليمان البستاني » تمنع في الطرواد يخفر جندهم

عدد الابيات : 61

طباعة

تَمَنَّع في الطُّروادِ يَخفُرُ جُندُهُم

وفرطُ الأَسى والبَثِّ هَدَّ الأَخائِيا

يُسَاقُ لَهُم مِن مَوقِفِ الخُلدِ رِعدَةٌ

يُلاَزِمُها داعي الفِرارِ مُبَارِيا

وتَحقُقُ أَحشاهُم كَما اللُّجُّ خافِقٌ

إِذا لَقِيَ البَخرُ الرِّياحَ السَّوَفِيا

ومن بَطنِ إِثرَاقا دَبُورٌ وشَمأَلٌ

مَعاً هَبَّتا فِيهِ هُبُوباً مُفَاجِيا

فَتَركُمُ دُهمَ المَوجِ مِن فَوقِ يَمِّهِ

وتَقذِفُها حَتَّى تَجُوزَ الشَّواطيا

وأَترِيذُ والتَّبرِيحُ يَنتَابُ لُبَّهُ

يَطُوفُ بِهِم يَدعُو الدُّعاةَ تَوالياي

ويَأمُرُ بالشُّورى بِأَن يَهمِسُوا بِها

بأَسمائِهِم لِلصِّيدِ واجتَازَ عادِيا

وبَلَّغَ صَدرَ الجُندِ حَتَّى إِذا بَدَوا

جُلُوساً وصَمتُ الحُزنِ بَرَّحَ بادِيا

عَلى قَدَمَيهِ قامَ والدَّمعُ هامِرٌ

تَدَفَّقَ مِن عَينَيهِ كالسَّيلِ هاميا

كَشُؤبُوبِ ماءٍ شُقَّ من قَلبِ صخرَةٍ

وفي زَفَراتِ الحُزنِ صاحَ مُنَادِيا

أَحِبَّايَ وَالاقيالَ والصِّيدَ خِلتُني

رَمانَي زَفسٌ في حَبائِلِ آتِيا

وقد كانَ والاني بإِيماءِ رَأسِهِ

بِأَنَّا بإِليُونٍ نَدُكُّ المَراميا

ولا نَنثَني للأَهلِ إِلاَّ بِسَبيِها

فمانَ وَما أَغرَاهُ فِيما رَمانِيا

فَقَدت صَنادِيدَ الرِّجالِ وقد قَضى

عَليَّ إِلى أَرغُوسَ أَرجِعُ خاسِيا

نَعَم ذَاكَ أَمرٌ شَاءَهُ الآمِرُ الَّذي

يُقَوِّضُ أَركانَ البِلادِ العَوَاتِيا

فَهَيُّوا أَطِيعُوني الهَزِيمَةُ مَغنَمٌ

بِعَودَتِنا إِنِّي أَرى زَفسَ قاضِيا

وَأَصدُقُكُم وَعداً يَقيناً فَلَن نَرَى

مَعاقِلَ إِليُونٍ رُكاماً فَوَانِيا

أَصاخُوا وطالَ الصَّمتُ فَوقَ وُجُومِهِم

فَصاحَ ذِيُومِيذٌ أَخُو البَاس عَاليا

شَطَطتَ أََأَترِيذٌ وأَوَّلُ مُنكِرٍ

لِقَولَكَ ذَا لا تَحنَقَنَّ أَرانِيا

فذا حَقُّ شُورانا وقَبلُ بِهِمَّتي

عبِثتَ وقَد أَعَلَنتَ عَزمِيَ واهِيا

بِذا شَهِدَ المُردَانُ والشِّيبُ جُملَةً

على أَنَّ زَفساً قَسَّخمَ الرِّزقَ وافِيا

فَلَم تُؤتَ بَأسَ الكَفِّ والبَأُسُ أَولٌ

وأُوتِيتَ فخرَ المُلكِ والعِزِّ ثانِيا

أََأَحمَقُ هَل خِلتَ الأَراغِسَ أُوهِنُوا

فإِن رُمتَ عَوداَ دُونَكَ السُّبلَ هاهِيا

وذِي السُّفُنُ الّلاءِي عَزَمتَ بِهِنَّ مِن

مِكِينا تَراها بالجُدُودِ رَواسِيا

وسائِرُنا لَن نَبرَحَنَّ بِأَرضِنا

إِلى أَن نَرى هذي الحُصُونَ بَوادِيا

وإن آثرَ الكُلُّ انهِزَاماً وَعَودَةً

فإِنِّي وَأَستِينِيلُ نَكفِي الأَعَادِيا

نُقَاتِلُهُم حَتَّى نَفُوزَ بِدَكِّها

وَيَنصُرُني رَبٌّ لِحَربٍ دَعانِيا

فَضَجَّت لَهُ الإِغرِيقُ ضِجَّةَ مُطرَبٍ

وقامَ بِهم نَسطُورُ يَخطُبُ تالِيا

سَمَوتَ ذِيُومِيذٌ بِبأسِكَ مِثلَما

بِرَأيِكَ بالأَترابِ قد كُنتَ سامِيا

فَما لَكَ في الإِغرِيقِ لَومةُ لائِمٍ

ولِكنَّ فَصلَ القَولِ ما زالَ خافِيا

فَأَنتَ فَتًى لَو قِيسَ عُمرُكَ لَم يَكُن

لأَحدَثِ أَبنائِي الصِّغارِ مُساوِيا

عَلى أَنَّكَ اختَرتَ الحَصافَةَ مَنهجاً

وصِيدَ السُّرَى خَاطَبتَ بالحَقِّ عانِيا

وإِنِّي وحَسبي الشَّيبُ دُونَكَ مَفخَراً

سَيَجمَعُ أَطرافَ الحَدِيثِ كَلامِيا

ولَن أَلتَقي بالقَومِ حَتَّى زَعِيمِهِم

أَخِي المَجدِ أَترِيذٍ لِقَولِيَ لاحِيا

فَلا شَرعَ لا مَأوى ولا أُسرَةٌ لِمَن

بِفِتنَتِهِ في القَومِ يُفسِدُ عاثِيا

فَقَد خَيَّمَ اللَيلُ البَهِيمُ فَهَيّئُوا

طَعَامَكُمُ وَلنُحكِمَنَّ التَّصافِيا

وَيَخفُرُ مِن فِتيَانِنَا حَرَسٌ عَلى

حَفِيرٍ خَطَطناهُ لَدى السُّورِ صاحِيا

لَكَ الأَمرُ أَترِيذٌ أَقِمهُم وأَولِمَن

لِشِيبَكَ مِنهُم تَأخُذِ الرأَيَ شافِيا

فَخَيمُكَ فاضَت بالرَّحيقِ تَسُوقُهُ

سَفائِنُ إِثراقا بها جاءَ ضافِيا

وعِندَكَ ما تَبغي لِخَيرِ وَلِيمَةٍ

وعِدَّةُ غُلمانٍ تَناهَت تَناهِيا

وعِندَ التِئامِ القَومِ تَجمَعُ رَأَيَهُم

وتَتبَعُ ما قد كانَ بالقَصدِ وافِيا

فَما أَحوَجَ الإِغرِيقَ لِلرَّأي والعِدى

أُوارُهُمُ أَضحَى لَدى الفُلكِ وارِيا

فَلَيلَتُنا هَذي وَواحَظَّ مَن رَأَى

سَنَهلِكُ فيها أَو نَنالُ الأَمانِيا

اصاخُوا ولَبَّوا ثُمَّ هَبَّت خِفارَةٌ

بِشِكَّتِها مِنهُم تَجِدُّ المَساعِيا

يَقُودُهُمُ مِن نُخبَةِ الجُندِ سَبعَةٌ

ثَرِيسِيمُ نَسطُورَ المُلقَّبِ راعِيا

ويَلمِينُ عَسقَالافُ من وِلدِ آرِسٍ

ومِريُونُ ذِيفِيرٌ كذاك أَفارِيا

ولِيقُومُ فُريُونٍ وكلٌّ مُؤَمَّرٌ

عَلى مِئِةٍ مِنهُم تَقِلُّ العَوَالِيا

فَحَلُّوا انتِظاماً بَينَ سُورٍ وَخَندَقٍ

وأَكَوا لإِعدادِ الطَّعَامِ المَذاكِيا

وأَترِيذُ وَافى بالشُّيُوخِ لِخَيمِهِ

لِمَأَدَبَةٍ فاضَت طَعاماً مُوافِيا

فَلَمَّا بِأَيدِيهِم قَضَوا مِن أَمامِهِم

وكُلُّ الظَّما والجُوعِ أُجليَ نائِيا

بَدا مَن بِهِم فَاقَ اختِباراً وحِكمَةً

نَبِيلُهُمُ نَسطُورُ يَخطُبُ بادِيا

أََأَترِيذُ مَولى الصِّيدِ أَوَّلَ مَن جَرى

وآخِرَ مَن يَجرِي إِلَيهِ مَقالِيا

تَوَلَّيتَ مِن زَفسٍ عَصا المُلكِ والِياً

شُعُوباً سَمَت عَدَّا ونِلتَ المَعالِيا

لَكَ الرَّأيُ والإصغاءُ والأَمرُ تَنتَقي

بآرائنا ما شِئتَ تَأتِيهِ راضِيا

وتُنفِذُ قَولاً قَالَهُ أَيُّنا إِذا

مَضى عَن فُؤَادٍ ظَلَّ بالخَيرِ ساعِيا

فَرَأيي أَراني لَستَ تُؤتَى نَظِيرَهُ

وما هُوَ في ذا الحِينِ جالَ بِبالِيا

أُرَدِّدُهُ مُنذُ استَلَبتَ أَخِيلَنا

بَريسا عَلى رَغمِ الأَراغِسِ باغِيا

تَوَلاَّكَ كَيدُ النَّفسِ كِبراً فَلَم تُصِخ

لِحُكمِي وقَولٍ فيهِ جِئتُكَ ناهِيا

وَقُمتَ وأَغلَظتَ المَقالَ لِسَيِّدٍ

سَما شَرفاً حَتَّى بَني الخُلدِ راقِيا

ومَهما يَكُن مِن بُعدِ مَنآهُ فَلنَجِد

سَبِيلاً لنَستصفيهِ يَاتِ مُصَافِيا

نُلِينُ لَهُ قَولاً بِهِ نَستَلِينُهُ

ونُتحِفُهُ مِنَّا الصِلاتِ السَّوانِيا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن سليمان البستاني

avatar

سليمان البستاني حساب موثق

لبنان

poet-Suleyman-al-Boustani@

139

قصيدة

86

متابعين

سليمان بن خطار بن سلوم البستاني. كاتب وزير، من رجال الأدب والسياسة، ولد في بكشتين (من قرى لبنان) وتعلم في بيروت. وانتقل إلى البصرة وبغداد فأقام ثماني سنين، ورحل إلى ...

المزيد عن سليمان البستاني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة