الديوان » العصر المملوكي » الستالي » وفيت لمن لم يلف حبا فما وفى

عدد الابيات : 54

طباعة

وفَيتُ لمن لم يُلفَ حِبًّا فَما وَفَى

وأنصَفْتُ مَن كانَ صَبًّا لأنصَفا

وعُلّقْتُ محْبوباً إليَّ دلالُه

سواءُ علَيْه في الهَوى زارَ أو جَفا

تعطَّف خوط البان بين معاطفٍ

أبى قلبُها الجُلمودُ أن يَتَعطّفا

فيا مَن رأى البَدرَ المِراضَ جفُونهُ

وعاين في وجه الغزال المُشَنَّفا

ويا قاتلَ الله الهوى من علاقة

تُعلِّل بالغيّ المُعنيَّ المُكلفا

وقاتلَ أتراباً ربائبَ كُلّما

برزنَ تناهبْن الفؤادَ المُشغَّفا

وستَّرنَ ما يبدين إلاّ شواهداً

محاجرَ سوداً أو بَنانا مُطرَّفا

ومِسْنَ فمَيَّلنَ الغُصونَ نواعماً

لبسْنَ وذيّلن الحَريرَ المُفَوَّفا

تَصَيَّدننا من كل سربٍ معارضٍ

بأحسنَ من أُ الغزال وأطرفا

ويا حبَّذا عَهدُ الصَّبا واجتمَاعُنا

على الأنس ألاّ فأوفى اللَّهوَ عُكَّفا

لياليَ لم يقطَع لنا الهجرُ مُلتقىً

وأيّام لم يقْذُفْ بنا البين مَقْذَفا

ومَغْنى غَنينا فيه مُمسّى ومُصْبحاً

ورَبعاً حلَلْناهُ رَبيعاً وصَيِّفا

زمان الصبا مستَحْسَن في عُكوفهِ

على اللَّهو لا يُلحَى وإن كان مُتْرَفا

يَرى عَيشه الأحلى نديماً وروضةً

ومُسْمِعةٌ تشدُو وصهباءِ قَرقَفا

إذا أودعت جسمَ الزُجاجة روحها

وراح يُعاطيها الغَضيضَ المُهفْهَفا

صَبَا ما صَبَا غصنُ الشَّبيبة واجداً

له بين أسباب الهوى مُتصرّفا

إلى أن ألمَّ الشّيبُ وانصَرم الصِّبا

بعذري وأصبحتُ المَلوم المعنَّفا

ولم يبقَ إلاّ الحُلمُ تحتَ ندامةٍ

هما قضيا للنَّفس أن تتَأسَّفَا

وذلك أن النَّفس لجَّت فَما انتَهتْ

وطالت عُلالات الفؤاد وما شفا

فما أحسنَ الدُّنيا وأحلى نَعيمها

لدينا وإن كانت غرورا وزُخرفا

لعمرك ما أُعطي الفَتى من خليقةٍ

ولازَمها لم تعدُ أن تتكَشفَا

تَرى كلَّ ساعٍ من مسيءٍ ومحسن

إلى أمدٍ يجزي بما كانَ أسلَفا

أَخيَّ لقد لقَّ اليسار وإنّما

قُصاراك أن ترضى وإن تَعَفَّفا

فدونكَ ما تختار إِمّا إقامةً

وصَبْراً وإمّا رجلَةً وتَطوُّفا

سقى الأعوجيَّاتِ الحَيا من ركائبٍ

يُبَلّغنَ حاجاتٍ ويُدنين مألفا

قلائصَ الظِّلمانِ يَنصَعنَ في الفلا

إذا وضع الحَادي بهنَّ وأوجفا

سرت بالحَجيج الوافدين وهَجَّرَت

فوافت بذُهلٍ بطنَ مكّة شَنَّفا

أبا للرضى والجود طبعاً وعادةً

وقولاً وفعْلاً واحتذاءً ومُقْتَفى

وأفضَلُ من لبىَّ وطاف ومن سعى

لدى الحجر والميزاب والركن والصّفا

ومن كان خير المحرمين بحجّةٍ

وأروع من أوفى منىً والمعرَّفا

فلَمَّا قضى من حجّه واعتماره

مناسكَ يغشى موقفا ثمّ موقفا

وازمع للتوديع والنَفر واغتدى

وراح يجوب المهمه المتعسَّفا

وجشَّم طيَّ البيد كل شملّةٍ

عُذافرةٍ حتى أكلَّ وأحرَفا

تلفع ذهل بالهواجر والدّجى

وكابد بالأيغال حَزنا وصَفصفا

وأقبلَ حتى حلَّ من سمَدٍ له

محلَّ النَّدى والمنزل المتصيَّفا

ليُغنيَ محروماً ويعطي سائلاً

ويرجي لفعل الصّالحات ويُعتفى

فاطّلع من حسنٍ كواكب وضَّحا

وأنشأ من جود سحائبَ وكفَّا

أُبو الحسن المحيي العُلى وهو الَّذي

شَفاها وكانت من هلاك على شَفا

ولولا ندى ذهلٍ وحسنُ فعاله

لكان إذاً ربعُ المَكارم قد عَفَى

جزيلُ الأيادي لا يُعدُّ نصيبُه

من المال إلاّ ما أفاد وأتلفا

بصير ببذل المال بين وجوههِ

على مستحقيهِ وإن قيل أسْرَفا

مُفيدٌ إذا ضَنَّ البخيل برِفده

مغيثٌ إذا نوءُ الكَواكب أخلفا

لعادته الإحسان قبلَ عداتهِ

ويكفيه حسن الطَّبع أن يتكلّفا

زعيم بني نبهانَ والسيّد الَّذي

يُلاذ به من كل أمرٍ ويكتفي

من العتكَيين الَّذين أحلّهم

فعالهم البيتَ المنيع المُشرفا

أعدّوا له حتّى حموه من العدى

عتاقَ المذاكي والوشيجَ المثقّفا

أبا حسنٍ ما أحسن الشيَم الَّتي

رزقتَ وما أحلى وأزكى والطِفا

وجدتك مخصوصاً بكلِّ فضيلَةٍ

وأهلاً بأن تُطرى بمدحٍ وتوصفا

وفي كلَّ وقتٍ أنتَ ساعٍ لقُربةٍ

إلى الله لا تزدادُ إلاّ تزُّلفا

وأنت الّذي نلقاك في الجود مزنة

وفي الرَّوع ضرغاماً وفي الرأي مُرْهفَا

فلا أنت مَن إنْ همَّ أخَّرَ عزمَةً

ولا مَن ما أقبل الأمرُ سَوَّفا

كَفيتَ من الدّهر المكارهَ والأذَى

وكُوفيت بالصّبر الثّواب المضعّقا

وأُعطيت في أولادك السّادة المُنى

معاً ووُقيت الحادثَ المتخوَّفا

ودونكَها عذراءَ بين قلائدٍ

تذبل من الدّيباج درعاً ومُطرَفا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الستالي

avatar

الستالي حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Al-Staley@

133

قصيدة

23

متابعين

أبو بكر أحمد بن سعيد الخروصي الستالي. شاعر عُماني ولد في بلده ( ستال ) وإليها ينسب من وادي بني خروص تلك البلدة التي أخرجت من رجال الدين وأهل العلم ...

المزيد عن الستالي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة