الديوان » العصر المملوكي » الستالي » أعندك من فرط الصبابة ما عندي

عدد الابيات : 53

طباعة

أعندكِ من فرط الْصبّابة ما عندي

فيُعَلمَ ما أُخفي بظاهرِ ما أُبدي

أبوحُ بوَجدٍ ضقت ذَرعْاً بوَجده

وأسلَمني صبرٌ بلغَت به جهدي

وكنتُ امُرءًا لا ينْزل الهَمُّ خاطري

ولا ينثَني يوماً لنائبةٍ عَضْدي

لَهْوتْ زماناً والْغوايةُ مرْكَبي

وسِلْكُ الهوى طُوقي وشَرخُ الْصّبابُرْدي

فمَا هاجَني رسمُ الكْثيب ولا الحمى

ولا راعَني بينُ الرَّبابِ ولا هندِ

وكم رشأ اخوى أغنَّ مهفهفٍ

إذا ما تصدى لي ثنيتُ إلى الْصَدِّ

وكنتُ إذا قاسيتُ خَطباً قرعته

بقسوة قلبٍ قدَّ من حجرٍ صّلْدِ

فيها انذا فكَّ الْزمان عزيمَتي

وَرَوعّني بينُ الاحبة بالفقدِ

وغادَرني أَرْثي لمَن ماتَ ان رأى

لما بَعْده من جَفوَة الأَهل ماْ يعْدي

كأني أَنا المَفْقود إن قيل هالكٌ

مضى أو كأنّي قد فْجعت به وَحدي

أحقاً اخي ان كلُّ من ماتْ عطِّلتْ

مجالسُ من ذَكراه بين ذوي الودِّ

إلا كذبَ الاخوان لا عهدَ بيننا

إذا لم يَدْمْ عهْدُ الحياة ولا الوجدِ

كفي حزناً أنا نحاذر خُطَّةً

وفي علْمنا ان ليس عن تلك من بُدِّ

اقول وعندي عبرةٌ لمعمَّرِ

وقدمسَّه مُوهي قٌوى القلب والجلدِ

أصيبَ بشَطْرٍ من فؤادٍ تقَسَّمت

عزيمُته بين التجُّلد والوَجد

وفجَّع بالشِّبل الذي عَزَّ دونهُ

حمىً قد حَمْته غابةُ الأسد الوَرِدْ

أَبا عُمَرِ لا يُبِعْدُ الله هالكاً

فُجعتَ به والقبرُ منزلُة والبُعدِ

يعَزَّ علينا ان نُعَزّيك إنما

مُصابك عينُ البؤسِ في عشينا الرّغدِ

ويا ثاوياً في القَبر يا ابنَ معمرٍ

لك الله من ثاوٍ وقُدَّس من لَحْدِ

لكْنتَ شفاءً للْقُلوب التَّي بِها

جَوىً وجلاءً كنت للأعين الرُّمدِ

بلَغْت المُنى والحلْم طفلاً كأنَّما

غُدّيتَ بأخلاق المَكارمِ والرُّشدِ

ونبكيك مدفوناً كأنك مائلٌ

لدينا على ما كان من ذلك العَهدِ

تزورك ما تدري ويُهْدي تَحّيةً

إليك أبٌ بَرَّ ولم تدّر ما يُبدْي

وكنت له بَرْدَ الفؤآد وإنما

اتى حرُّ هذا الوجد من ذلك البردِ

يَرى لفحَةً من لاعج الحزن كلّما

تنفّسَ مطْويُّ الضّمير على وَقْدِ

يُعزّيك عن ذكراه مثواهُ في الثَّرى

تذكره مثواكَ في جُنةِ الْخُلدِ

ولله منه صبُرُ نفسٍ كريمةٍ

وقد زُوّدَت منه على شدَّة الوجدِ

لقد أسأرتهُ النّائباتُ حُشاشَةً

فِرنداً كنصْلِ السّيفُ سُلّ من الغِمْدِ

على أَنَّها لم تُدنهِ لَمذَمَّة

ولم ينتهِ بالحُزن عن طُرق الحمدِ

أصابت فتىً لم يصْرف الهمُّ نفسَه

عن البذل لْلمَعروف والبشرِ لْلوَفدِ

وقد فجعته بالنّجيب الذي بهِ

رأت فوتَ عيش لا يؤوول إلى ردِّ

جَرى القَدَرُ العاديي على مُهجة العُلى

بموت أبي بكر ولا ناصرٌ يُعدي

أَغرُّ كريمُ النَّبعَتيْن مُسَوَّدٌ

يّمتُّ إلى العلياء بالنّسبِ الحصْدِ

زكا طرفاه حين يذكَرُ خاله

سَنا مُضَر أو عَمّهُ غُرَّةُ الازْدِ

اولاك ملوكُ الأَرّْض ساداتُ يعربٍ

بُناة العُلى بالباس والحلْم والرّفدِ

إذا سُئلوا ارتْاحوا سماحاً كأنَّما

هزَزْت كعوبَ الخَطّ أو قُضُبَ الهندِ

لكل فتىً منهم على كل حالةٍ

من السَّلم حلمُ الشّيب في شِدةَّ الُمرد

أَعدُّوا نكاياتٍ لأَعداء مَجْدهم

ودَاوَوا نفوسا من تُراثٍ ومن حقدِ

بكلّ كُميتٍ لاحقٍ شَنجِ النَّسا

أَسيلِ مكان اللّبد مُنجَردٍ نَهد

وسابغةٍ ماذِيَّة تبَّعيّة

دِلاصٍ كمثل النّهي محكمةِ السّرْدِ

وأَسَمْر من نبت الوشيجِ مثقَّفٍ

طويلٍ من الخَطّي ذي أَكعُبٍ مُلدِ

وذي شُطَبٍ ماضي الشَّباة كأنَّما

مَشى الذَّرّ منهُ في الغِرارِ وفي الحَدِّ

وللسَلم آياتٌ إذا ما انْتَدوا لها

فكلّهم وسطَ النَّديِّ بلا نَدِّ

سماحٌ بما جادوا على كل وافدٍ

كما انهلَّ صوبُ المُزن في السّهل والنَّجْدِ

وحْلمٌ إذا ما حلَّت السّورة الحُبا

غدا وهو منها فوق ظنك في أُحْدِ

وعَفّةُ أَخلاق وآدابُ انفسٍ

وعدل وانصافٌ على الحرّ والعبدِ

وزادتَهُ فضْلاّ في زيادٍ خُؤلةٌ

مخَوِّلةُ للْعز وَارَيةُ الزنّدِ

سما للْمَعَال سامةٌ وبِجِنْدِفٍ

ومجدِ قريش طابَ ذلك من مجدِ

أولئكَ أرباب العُلى نصبوا لها

عِماداً بسُمر الخطّ والشُّزَّب والجُرْدِ

وسادوا الورى والبأس والحلم والنّدى

وشادوا المعالي بالعزائم والجَدِّ

أَبا عمرٍ لله صبرُك فاغتَنمْ

به ما تُرجّي فيه من حَسَنِ الوَعْدِ

كفاك الأسى عن أحمد ومحَّمدٍ

ويهنيك منهُ طلعةُ القمر السَّعدِ

وعُمّرتُما في نعمةٍ وبلغتما

مَنال الأْماني بالسّعادةِ والجَدِّ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الستالي

avatar

الستالي حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Al-Staley@

133

قصيدة

23

متابعين

أبو بكر أحمد بن سعيد الخروصي الستالي. شاعر عُماني ولد في بلده ( ستال ) وإليها ينسب من وادي بني خروص تلك البلدة التي أخرجت من رجال الدين وأهل العلم ...

المزيد عن الستالي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة