الديوان » العصر الايوبي » عبد المنعم الجلياني » رفاهية الشهم اقتحام العظائم

عدد الابيات : 81

طباعة

رفاهية الشهم اقتحام العظائم

طلاباً لعز أو غلاباً لضائم

فلم يحظ بالعلياء من هاب صدمة

فغض عناناً دون قرع الصوارم

فأي اتضاح كان لا بعد مشكل

وأي انفساح بان لا عن مآزم

هي الهمة الشماء تلحظ غاية

فترمي إليها عن قسي العزائم

فما انساح سرب لم يصل سبب العلا

ولا ارتاح ندب لم يصل بصوارم

فليس بحي سالك في خسائس

وليس بميت هالك في مكارم

وما الناس إلا راحلون وبينهم

رجال ثوت آثارهم كالمعالم

بعزة بأس واطلاع بصيرة

وهزة نفس واتساع مراحم

حظوظ كمال أظهرت من عجائب

بمرآة شخص ما اختفى في العوالم

وما يستطيع المرء يختص نفسه

ألا إنما التخصيص قسمة راحم

وأعظم أهل الفضل من ساد بالقوى

فقاد بسبق الطبع أقوى الأعاظم

ترى ضمت الأفلاك ملكاً كيوسف

من الجبل اللاتي خلت في الأقادم

فما مثل ملك ساسه في أحادث

ولا مثل حرب هاجها في ملاحم

أباني دار العدل في مارق الوغى

بمسرب آن من دماء الغواشم

فديتك من معل لدينك مبتن

وأفديك من مبل لضدك هادم

فأنت الذي أيقظت حزب

محمد جهاداً وهم في غفلة المتناوم

فحاربت للإيمان لا لضغائن

ورابطت للرضوان لا لمغانم

أجدك لن ينفك يضرب هكذا

قبابك حيث اشتك سدم اللهاذم

وفي حجرات النقع سيح

صوارخ كأمواج لج للهضاب ملاطم

ومقلعة أمراسها وشراعه

عنان وخفاق بصعدة داهم

فكيف رست فيها خيامك إذ

جرت سفين كماء في بحار شياظم

فلم يبق إلا ملتق بأسنة

ولا يلق إلا متق بحيازم

فلا طنب إلا توثب مقدم

ولا وتد إلا تجلد عارم

فدارك والأبطال ثارث

حيالها مقر سرور في مفر مآثم

لأنك فيها إذ هفوا جالس

على سرير ثبات مطمئن القوائم

وأنك فيهم إذ سطوا خالس

طلي كبير نياب مرجحن الشكائم

فأنت المليك الناصر الحق

ممعناً يرى دهم شوك الحرب مهد النواعم

أتعشقك الهيجاء أم أنت

عاشق لها في وصال من حبيبين دائم

شتاء وصيفاً لا نزال نرا

في مساء وصبح كالأذان الملازم

فهجرت حتى قيل ليس بقائل

وبيت حتى قيل ليس بنائم

وأرجفت روماً إذ خرقت فرنجة

فكانوا غثاء في سيول الهزائم

كددتهم أعلى التلال كأنهم ضباب

كدى فزّت لأضباب حاطم

وفيت لهم حتى أحبوك ساطيا

فهم وفاء العهد قيد المخاصم

فخانوا فحابوا فانتدوا فتلاوموا

فقالوا خذلنا بارتكاب الجرائم

وخص صلاح الدين بالنصر

إذ أتى بقلب سليم راحماً للمسالم

فحطوا بأرجاء الهياكل صورة

لك اعتقدوها كاعتقاد الأقانم

يدين لها قس ويرقى بوصفها

ويكتبه يشفى به في التمائم

يعجل للمرء الجزاء بفعله

فطوبى لصبار وبؤس لآثم

وقد يفسد الحر الكريم جليسه

وتضعف بالإيهام قوة حازم

إذا لج لوم من سفيه لراشد

توهم رشداً في سفاهة لائم

عجبت من الإنسان يعجب

وهو في نقائص أحوال قسيم السوائم

يرى جوهر النفس الطليق فيزدهي

ويذهل عن أعراض جسم لوازم

ديون اضطرار تقتضي كل

ساعة فتنقرض الأعمار بين المغارم

وكل فمغرور بحب حياتي

ويغريه بالأدنى خفاء الخواتم

وجمَّاع مال لا انتفاع له به

كما مص مشروطاً زجاج المحاجم

يفيض وما أوعاه يرعاه مهدفاً

لرشفة صاد أو لرشفة صادم

ومن عرف الدنيا تيقن أنها

مطية يقظان وطيفة حالم

فلله ساع في مناهج طاعة

لإيلاف عدل أو لإتلاف ظالم

أفاتح بيت القدس سيفك مفتح

لقفل الهدى مغلاق باب المآثم

حكمت في الضدين غير معارض

فأحكمت في نفر الوغى المتخاصم

فأطلقت تركاً في ظهور سوابح

وأغربت شركاً في بطون القشاعم

غداة قَدَحْت البيض في آل

أصفر فلم يبق زند منهم في معاصم

وإذ درجوا كالرمل أعجز

عدة إلى تل عكا كالدبى المتراكم

وكالنحل ملتفاً كوارثه

هوى من التل تخشى منهم كالمرادم

كأن لهم في تل عكا مصادة

يحاش لهاأسراب وحش سوائم

فسرب كسير موبق في حفائ

وسرب حسير مرهق في مقاحم

فكم ملك منهم أتاها بكثرة

فزادهم نقصاً زيادة عادم

يشقون من إسبان أثباج زاخر

ومن رومة الكبرى فجاج مخارم

فهالوا بنجدَيْ جاريات ووخد

وذابوا بحديْ مخدم لك هاضم

غلست الطراز الأخضر الرقم

منهم بصوت نجيع أحمر القطر ساجم

ولو أنبت المرج النفوس لأينعت

بما ساح فيه عن حشا وغلاصم

قليب كلى يسقى بأشطان ذابل

وعين طلى تجري بميزاب صارم

وأضلع فرسان نعال سوابك

وأرؤس أعيان غواشي البراجم

كذا فليرصع جوهر القول

متحف به لمليك مثل يوسف عالم

فتى ذهنه يرمي بشهب خواطر

تشق دجون المغمضات العواتم

يهاب رقيق الشعر رقة طبعه

كما هاب منه اليأس غلب الضراغم

وينتحل الوصاف رونق نعته

كما انتحلت جدواه وطف الغمائم

وما زلت أجلو من حلاه عرائساً

يظل بها أهل النهى في ولائم

بمنتظم التفضيل طلق كأنه

مفلج ثغر مستنير المباسم

معان كبهر السحر في عقد ناظر

ولفظ كشذرالتبر في عقد ناظم

سما عن حضيض الشعر في أوج

حكمة وجل بصاحي الفكر عن نهج هائم

ستنسى بذكراه أقاويل من مضى

وينبت نوراً شائعاً في الأقالم

كما شاع هذا الأمر في الخلق

مزرياً بتبع أعراب وكسرى أعاجم

ففرضاً أرى مدحي له متجنباً

مديح سواه كاجتناب المحارم

وليس اجتداء بل تحية شاكر

وتأييد آثار وتأييد عازم

فيا خير قوام على خير ملة

يكافح عنها كل ألب مقاوم

تمسك بحبل اللّه معتصماً به

فليس سواه ناصر نصر عاصم

تمسك بمن أعطاك ما قد رجوته

ويعطيك ما ترجو لحسنى الخواتم

بعثت بها والشوق يقدم ركبها

إلى مجلس فيه منى كل قادم

بعيد المدى عدن الجدا نار من عدا

مفيد الهدى مروي صدى كل حائم

سلام على ذاك المقام الذي به

أقيم عمود المكرمات العظائم

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبد المنعم الجلياني

avatar

عبد المنعم الجلياني حساب موثق

العصر الايوبي

poet-AbdelMoneim-Al-Jilani @

43

قصيدة

27

متابعين

عبد المنعم بن عمر بن عبد الله الجلياني الغساني الأندلسي أبو الفضل. شاعر أديب متصوف، كان يقال له حكيم الزمان، من أهل جليانة وهي حصن من أعمال (وادي آش) بالأندلس. ...

المزيد عن عبد المنعم الجلياني

أضف شرح او معلومة