الديوان » العصر العباسي » المتنبي » دمع جرى فقضى في الربع ماوجبا

عدد الابيات : 39

طباعة

دَمعٌ جَرى فَقَضى في الرَبعِ ماوَجَبا

لِأَهلِهِ وَشَفى أَنّى وَلا كَرَبا

عُجنا فَأَذهَبَ ما أَبقى الفِراقُ لَنا

مِنَ العُقولِ وَما رَدَّ الَّذي ذَهَبا

سَقَيتُهُ عَبَراتٍ ظَنَّها مَطَراً

سَوائِلاً مِن جُفونٍ ظَنَّها سُحُبا

دارُ المُلِمِّ لَها طَيفٌ تَهَدَّدَني

لَيلاً فَما صَدَقَت عَيني وَلا كَذَبا

ناءَيتُهُ فَدَنا أَدنَيتُهُ فَنَأى

جَمَّشتُهُ فَنَبا قَبَّلتُهُ فَأَبى

هامَ الفُؤادُ بِأَعرابِيَّةٍ سَكَنَت

بَيتاً مِنَ القَلبِ لَم تَمدُد لَهُ طُنُبا

مَظلومَةُ القَدِّ في تَشبيهِهِ غُصُناً

مَظلومَةُ الريقِ في تَشبيهِهِ ضَرَبا

بَيضاءُ تُطمِعُ فيما تَحتَ حُلَّتِها

وَعَزَّ ذَلِكَ مَطلوباً إِذا طُلِبا

كَأَنَّها الشَمسُ يُعيِي كَفَّ قابِضِهِ

شُعاعُها وَيَراهُ الطَرفُ مُقتَرِبا

مَرَّت بِنا بَينَ تِربَيها فَقُلتُ لَها

مِن أَينَ جانَسَ هَذا الشادِنُ العَرَبا

فَاِستَضحَكَت ثُمَّ قالَت كَالمُغيثِ يُرى

لَيثَ الشَرى وَهوَ مِن عِجلٍ إِذا اِنتَسَبا

جاءَت بِأَشجَعَ مَن يُسمى وَأَسمَحَ مَن

أَعطى وَأَبلَغَ مَن أَملى وَمَن كَتَبا

لَو حَلَّ خاطِرُهُ في مُقعَدٍ لَمَشى

أَو جاهِلٍ لَصَحا أَو أَخرَسٍ خَطَبا

إِذا بَدا حَجَبَت عَينَيكَ هَيبَتُهُ

وَلَيسَ يَحجُبُهُ سِترٌ إِذا اِحتَجَبا

بَياضُ وَجهٍ يُريكَ الشَمسَ حالِكَةً

وَدُرُّ لَفظٍ يُريكَ الدُرَّ مَخشَلَبا

وَسَيفُ عَزمٍ تَرُدُّ السَيفَ هِبَّتُهُ

رَطبَ الغِرارِ مِنَ التَأمورِ مُختَضِبا

عُمرُ العَدوِّ إِذا لاقاهُ في رَهَجٍ

أَقَلُّ مِن عُمرِ ما يَحوي إِذا وَهَبا

تَوَقَّهُ فَمَتى ما شِئتَ تَبلُوَهُ

فَكُن مُعادِيَهُ أَو كُن لَهُ نَشَبا

تَحلو مَذاقَتُهُ حَتّى إِذا غَضِبا

حالَت فَلَو قَطَرَت في الماءِ ما شُرِبا

وَتَغبِطُ الأَرضُ مِنها حَيثُ حَلَّ بِهِ

وَتَحسُدُ الخَيلُ مِنها أَيَّها رَكِبا

وَلا يَرُدُّ بِفيهِ كَفَّ سائِلِهِ

عَن نَفسِهِ وَيَرُدُّ الجَحفَلَ اللَجِبا

وَكُلَّما لَقِيَ الدينارُ صاحِبَهُ

في مُلكِهِ اِفتَرَقا مِن قَبلِ يَصطَحِبا

مالٌ كَأَنَّ غُرابَ البَينِ يَرقُبُهُ

فَكُلَّما قيلَ هَذا مُجتَدٍ نَعَبا

بَحرٌ عَجائِبُهُ لَم تُبقِ في سَمَرٍ

وَلا عَجائِبِ بَحرٍ بَعدَها عَجَبا

لا يُقنِعُ اِبنَ عَليٍّ نَيلُ مَنزِلَةٍ

يَشكو مُحاوِلُها التَقصيرَ وَالتَعَبا

هَزَّ اللِواءَ بَنو عِجلٍ بِهِ فَغَدا

رَأساً لَهُم وَغَدا كُلٌّ لَهُم ذَنَبا

التارِكينَ مِنَ الأَشياءِ أَهوَنَها

وَالراكِبينَ مِنَ الأَشياءِ ما صَعُبا

مُبَرقِعي خَيلِهِم بِالبيضِ مُتَّخِذي

هامِ الكُماةِ عَلى أَرماحِهِم عَذَبا

إِنَّ المَنِيَّةَ لَو لاقَتهُمُ وَقَفَت

خَرقاءَ تَتَّهِمُ الإِقدامَ وَالهَرَبا

مَراتِبٌ صَعِدَت وَالفِكرُ يَتبَعُها

فَجازَ وَهوَ عَلى آثارِها الشُهُبا

مَحامِدٌ نَزَفَت شِعري لِيَملَأَها

فَآلَ ما اِمتَلَأَت مِنهُ وَلا نَضَبا

مَكارِمٌ لَكَ فُتَّ العالَمينَ بِها

مَن يَستَطيعُ لِأَمرٍ فائِتٍ طَلَبا

لَمّا أَقَمتَ بِإِنطاكِيَّةَ اِختَلَفَت

إِلَيَّ بِالخَبَرِ الرُكبانُ في حَلَبا

فَسِرتُ نَحوَكَ لا أَلوي عَلى أَحَدٍ

أَحُثُّ راحِلَتَيَّ الفَقرَ وَالأَدَبا

أَذاقَني زَمَني بَلوى شَرِقتُ بِها

لَو ذاقَها لَبَكى ما عاشَ وَاِنتَحَبا

وَإِن عَمَرتُ جَعَلتُ الحَربَ والِدَةً

وَالسَمهَرِيَّ أَخاً وَالمَشرَفِيَّ أَبا

بِكُلِّ أَشعَثَ يَلقى المَوتَ مُبتَسِماً

حَتّى كَأَنَّ لَهُ في قَتلِهِ أَرَبا

قُحٍّ يَكادُ صَهيلُ الخَيلِ يَقذِفُهُ

عَن سَرجِهِ مَرَحاً بِالغَزوِ أَو طَرَبا

فَالمَوتُ أَعذَرُ لي وَالصَبرُ أَجمَلُ بي

وَالبَرُّ أَوسَعُ وَالدُنيا لِمَن غَلَبا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


شَرِقتُ

غصّيْت - و تستخدم للسوائل (شرِقت بالماء)

تم اضافة هذه المساهمة من العضو علي


معلومات عن المتنبي

avatar

المتنبي حساب موثق

العصر العباسي

poet-Mutanabi@

323

قصيدة

62

الاقتباسات

7457

متابعين

احمد بن الحسين بن الحسن بن عبدالصمد الجعفي الكوفي الكندي ابو الطيب المتنبي.(303هـ-354هـ/915م-965م) الشاعر الحكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي. له الأمثال السائرة والحكم البالغة والمعاني المبتكرة. وفي علماء الأدب من ...

المزيد عن المتنبي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة