الديوان » العصر العباسي » أبو بكر الصولي » تعز يا خير الورى عن أخ

عدد الابيات : 50

طباعة

تَعَزَّ يا خَيْرَ الْوَرَى عَنْ أخٍ

لَمْ يَشُبِ الإِخْلاَصَ بالَّلبْسِ

كَانَ صَدِيقاً وافِراً وُدُّهُ

صَدَاقَةَ الأَنْفُسِ والجِنْسِ

تَعَزَّ عَنْهُ بِنَبِيِّ الهُدَى

مَحَمَّدٍ أُدْخِلَ فِي الرَّمْسِ

وَهُوَ حَبِيبُ اللهِ في أرْضِهِ

مؤيَّداً بالْوَحي والْقُدْسِ

سَمَّاكَ بِالرَّاضي لِتَرْضَى بِمَا

تُسْلِفُ مِنْ أَمْرٍ ومَا تُنْسى

قَدْ أَنْذَرَ الدَّهْرُ تَصَارِيفُهُ

بِأَلْسُنٍ ناطِقَةٍ خُرْسِ

يُخْبِرُنَا عَنْ مَوْتِهِ كَوْنُهُ

بِغَيْرِ إِذْكَارٍ وَلا حَدْسِ

كَانَ نَسِيباً لإِمامِ الْهُدَى

بَالْوُدِّ والألْفَةِ والأُنْسِ

ونِسْبَةُ الجِسْمِ شَتَاتٌ إذَا

لَمْ تتآلفْ نِسْبُةُ النَّفْسِ

وَكَانَ فَرْعاً ذَاكِياً غُصْنُهُ

مُهَذَّباً مِنْ خَيْرِ ما غَرْسِ

وَكَانَ في السُّودَدِ ذَا هِمَّةِ

وَكَانَ في النِّعْمَة ذَا غَمْس

أَرْسَى عَلَيْهِ دَهْرُهُ مِثْلَ مَا

أَرْسَى عَلَى سَاكِنَةِ الرَّسِّ

إِنْ صُرِفَ الدهر إلَى مَضَى

عَادَ سُرُورُ النَّاسِ ذَا عَكْسِ

حَوادِثُ الأَيَّامِ شَقَّاقَةٌ

تُقَرِّبُ الْمَأَتَمَ بالْعُرْسِ

يَعْتَقبُ الْمَرْءُ بِها حَالُهُ

بِوَطْئِهِ الْحَزْنَ إلَى الْوَعْسِ

مَنْ عَزَّ بالدُّنْيَا هَفَا قَلْبُهُ

وَعَاد مِنْهُ النُّورُ ذا طَمْسِ

وَزالَ في تَلْوينَها عَقْلُهُ

وَغَالُهُ طَيْفٌ مِنَ اللَّقْسِ

مَنِيَّةٌ إِنْ لَمْ تُفَاجِ الْفَتَى

كَانَتْ لَهُ بِالسُّقْمِ ذَاتَ مَسِّ

لَهفِي عَلَيْهِ وَقَلِيلٌ لَهُ

لَهْفِي وهَلْ يَرْجِعُ لِي أَمْسِي

لَهْفِي عَلَى مُنْتَخَبٍ حِلْمُهُ

أَرْجَحُ مِنْ رَضْوَى وَمِنْ قُدْسِ

أَيْنَ الأُولَى كَانُوا شَمُوسَ الْوَرَى

لُيُوثَ حَرْبٍ غَيْرَ مَا شُمْسِ

جَرَى عَلَى السُّودَدِ مِنْهُمْ كَمَا

شُيِّدُ بُنْيَانٌ عَلَى أسِّ

فافْرِسْ لَهُ صَبراً يُزِيلُ الأَذَى

فَالدَّهْرِ للإِنْسَانِ ذُو فَرْسِ

يَنْعَمُ مِنْهُ جِسْمُهُ تَارَةً

ثُمَّ تَرَاهُ جَاسِيَ الْجَسِّ

فَلَمْ تَزْلْ فَوْقَ المُلُوكِ الأُولَى

مِنْ عَرَبٍ سَادُوا ومَنْ فُرْسِ

مَنْ لاَ يَرَى حُبَّكَ فَرْضاً فَما

أَدَّى فُروضَ اللهِ في الْخَمْسِ

فداؤُكَ النَّاسُ جَمِيعاً عَلَى

رَغْمِ عَدُوٍّ لِحَزٍ شَكِسِ

فالْخَلْقُ وارد مِنْ رِفْهٍ إلَى الْ

مَوْتِ وَذِي عَشْرٍ وذِي خَمْسِ

أَوَّلُهُمْ مَنْتَظِرٌ آخرّاً

فَهُوَ عَلَيْهِ الدَّهْرَ ذُو حَبْسِ

حَتَّى يَجِئُوا وَكِفَاتٌ لَهُمْ

وَلاَ يُرَى لِلْقَوْمِ مِنْ حِسِّ

وَبَعْثُهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَا كُلِّهِ

لِخَابِلِ الجِنَّةِ والإِنْسِ

تَخْشَعُ أَصْوَاتُهُمْ خِيفَةً

فَلاَ تُنَاجِي بِسَوَى الْهَمْسِ

دَاعِي المَنَايَا خَاطِبٌ كُفْوَهُ

كَخِطْبَةِ المْعُتَامِ لِلْعِرْسِ

يَسْمُو إِلَى الأَنْفُسِ فِي قُدْرَةٍ

مُنَكِّباً عَنْ سَاقِطٍ جِلْسِ

تَلْعَبُ بِالْمَرْءِ اللَّيَالِي كَمَا

قَدْ تَلْعَبُ الأَقْلاَمُ بِالنَّقْسِ

تُرْضِعُ بالإِنْعَامِ ذَا عزَّةٍ

يُقْطَمُ بِالْبُؤْسِ وَبِالتَّعْسِ

تُتْبِعُ نُعَمَاهَا بِبَأْسَائِهَا

وَيَعْقِبُ الصِّحَّةُ بالنُّكْسِ

فَالحُرُّ فِيها أَبداً حَائِرٌ

مِنْ سَوْمِهَا الْغَالِي عَلَى مَكْسِ

يُتْعِبُ فِيهَا أَبداً جِسْمَهُ

وإنَّمَا الرَّاحَةُ كاَلخَلْسِ

يَخْدَعُ فِيها بِالْمُنَى نَفْسَهُ

وَوافِدُ الْمَوْتِ بِهِ مُرْسِي

يَنْسَى الَّذِي يأَتِي بِهِ صَرْفُهَا

والآمِلُ الغَرَّارُ قَدْ يُنْسِي

تَلْبِسُهُ مِنْ طَمَعِ غَفْلَةٌ

بِالْمَطْعَمِ المَلْذُوذِ وَالُّلبْسِ

فَأَسْلَمَ اللهُ إِمَامَ الْهُدَى

فَمَا عَطَاءُ الدَّهْرِ بِالنَّحْسِ

كُلُّ الْوَرَى أَنْتَ وَكُلٌّ يُرَى

عَبْدَكَ مِنْ عالٍ ومِنْ نِكْسِ

بَقَاؤُكَ الْفَوْزُ لَنَا وَالْغِنَى

نُصْبِحُ فِيهِ مِثْلَ ما نُمَسْي

شَوىً صُرُوفُ الدَّهْرَ مَا لَمْ تُصِبْ

فِي الرَّطْبِ إِنْ عَاثَتْ وفِي اليَبْسِ

مَنْ تاجَرَ الدَّهْرَ بِلاَ صَرْفِهِ

فَصَارَ مِنْ رِبْحٍ إلَى وَكْسِ

فَأَسْلَمَ الكُلَّ فَلاَ بَأْسَ أَنْ

يُرْزَأَ في السُّدْس وفي الخُمْسِ

إِن غَيَّبَ الْبَدْرَ كُسُوفٌ فَقَدْ

لاَحَتْ بِسَعْدٍ غُرَّةُ الشَّمْسِ

مَا طَالِعُ الأُمَّةِ يَا سَيِّدِي

إِذَا خَطَاكَ الْخَطْبُ بِالْبَخْسِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أبو بكر الصولي

avatar

أبو بكر الصولي حساب موثق

العصر العباسي

poet-Abu-Bakr-al-Suli@

26

قصيدة

47

متابعين

محمد بن يحيى بن عبد الله، أبو بكر الصولي، الشطرنجي. نديم، من أكابر علماء الأدب. نادم ثلاثة من خلفاء بني العباس، هم: الراضي، والمكتفي، والمقتدر. وكان من أحسن الناس لعبا ...

المزيد عن أبو بكر الصولي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة