عاشق ذاهب بين حشرجة النازحين و حشرجة الكلمات عاشق مثل هذي البراري المدمَّاة و الجثث الذهبيَّة يخرج من زمنٍ ليغنِّي و يدخل في وطنٍ ليغنِّي يبتاعُ أرغفةً و معاول يبتاعُ أرصفةً و معامل يبتاعُ حزنًا شديدًا و دبَّابةً سقطت بين فكَّيْ زهرة دفلى يبتاعُ قبرًا وسيمًا لطائرة و غصونًا خضراءَ من فرح أبديّ للعاشقات عاشق ذاهب بين حشرجة النازحين و حشرجة الطلقات عاشق قال: هذه هي الحرب تخلع قمصانها الخشبيَّة تكشف عن عريها الحشريّ: دماء و أرصفة و دفاتر مبتلَّة بالنشيج دماء و عاشقة و دفاتر مبتلَّة بالدماء دماء و أرغفة و أساور ضيِّقة و مآذن واسعة و طيور تهاجرُ... مجزرة و شعوب مجزرة و زهور هذي هي الحرب تفتح نافذة الحبّ للقاتلين و للعاشقين ستفتح نافذة للقبور في الحروب التي ذهبتْ في الحروب التي بقيتْ في الحروب التي حاولت أن تجيء كان وجه أليف لعاشقة يتمرَّغ في الرملِ و الألم الطبقي كانتِ العاشقات الوسيمات يخرجنَ للشرفاتِ و يعرضنَ أجسادهنَّ المدمَّاةَ لله و الله كان يجيء القرى و بصحبته الجند كان يعبِّىء مئزره الملكيّ حروبًا و ينثرها في البيادر كانت بيادر من فضَّة و مواعيد كانت بيادر من فضَّة ثمَّ كانت حروب و هل تذهبين إلى البيتِ أم تذهبين إلى الموتِ هل تذهبين إلى العشبِ أم تذهبين إلى الحربِ كنَّا نسير نسير و تثقبنا الطلقات و كنَّا نسير نسير بدائرة قطرها ألف حزن يدًا بيد و نغنِّي يدًا بيد و نموت و يا أيُّها الموت لا تأتِ في الصيف إنَّ الطيور تشاطرنا الصيف يا أيُّها الموت لا تأتِ في مطر خائف و بعيد لا تأتِ فالأرض عطشانة و المواسم مكسورة و الشعير سينضب و العاشقات سيبكين عشاقهنَّ و لا تأتِ... لا تأتِ لكنَّهُ الموت يأتي و لكنَّها الحرب تأتي بهيئتها الحشريَّة تدخل من ثقبِ بابٍ و من ثقبِ نافذةٍ تتناسل في حانة – صحف – كتب تتناسل في جثث العاشقات ثمَّ تنده للقاتلين: "استريحوا... استريحوا" و تطعمنا البؤس و الطلقات عاشق قال: بعد نهارين من تعب و رصاص تجيء من الأرض عاشقة و تمدُّ يديها إلى مطر و إجاص تمدُّ يديها إلى الماء تغسل ألسنة الخطباء و ألسنة الرقباء تسجِّلُ أرصدةَ الفقراء التي ابتلعتها الحروب على دفترٍ شجريّ تمزِّق قبَّعة الجنرال و قبل مسائين من مطر و إجاص أرى: تحت قبَّعة الجنرال قرىً مصمصت عظمَ أطفالها و يدين تقطَّعتا و أرى تحت قبَّعة الجنرال: دمًا ساطعًا و جماجمَ مكسورة تتهجَّى حروف و في كل حرف مشاريع من حلم فاسد و أرى تحت قبَّعة الجنرالات مشروع حرب على الزهر مشروع حرب على النهر مشروع حرب على الفقراء و بين يدين تقطَّعتا يهرب العاشقون من العشقِ و الميِّتون من الموت و الفقراء من الفقر من ثمَّ تسقط قنبلة و يجيء الغزاة الأشدَّاء من كأس شايٍ و سيجارة و صباح و من كأس شاي و سيجارة تبدأ الثورة العالميَّة أو تبدأ الأمنيات الكثيرات يبدأ الخطباء خطاباتهم و الجنود رصاصاتهم ثمَّ أفرغ من الحزن أقذفه تحت قبَّعة الجنرال و أركض في مقتل لا يحدُّ أنا الآن مقتنع ببلادي و مقتنع باضطهادي و في زمن لا يحدُّ أرى من أحبُّ على شاطئ تستريح من اليأس تسألني عن مكان لذيذ بلا شرطة نتبادل فيه الأناشيد و القبلات أجيب: هو البحر قالت هو البحر. قالت هو البحر و ابتسمتْ.
الشاعر السوري رياض الصالح الحسين ولد في محافظة درعا السورية بتاريخ 10 آذار/ مارس 1954م، وعلى الرغم من حياته القصيرة والقاسية، ومرضه الذي أدى به لفقدان حاستي النطق والسمع، انطلقت ...