أمامي الكثير لأعطيه و خلفي الكثير للمقابر أمامي النهر و رائحة الصباح و الأغاني البشر الرائعون و السفر و العدالة و خلفي الكثير الكثير من الكهنة و التماثيل و المذابح و ها أنذا أمشي و أمشي بين هزائمي الصغيرة و انتصاراتي الكبرى و ها أنذا أمشي و أمشي متألقًا كنجمة في السماء و حُرًّا كوعل في الغابة لي وطن أحبه و أصدقاء طيّبون بنطال و حذاء و كتب و رغبات و وقت قليل للرقص و الجنون و القنبلة لقد بدأت أتعلم كيف أبتسم و أقول وداعًا و بدأت أتعلم كيف أتألم بعيدًا عن الضجيج و العواصف أما الكلمة الجميلة، الجميلة التي تشبه طائرًا أبيض و التي تشبه شجرة في صحراء فلقد اكتشفتها متأخرًا قليلاً مثلما تكتشف السفينة اتجاهها و مثلما يكتشف الطفل أصابعه و عينيه لذلك أمشي و أمشي و أمشي فأمامي الكثير لأعطيه و خلفي الكثير للمقابر و لذلك أمشي و أمشي و أمشي و لا أنتظر أن ينتهي طريقي هذه صخرة و هاتان عينان هذا قمر و تلك أوزة و ثمة أشياء كثيرة لم أكن أراها: أيدي الأمهات أكياس الطحين و طلاب المدارس إنّني أفتح عيني كنبع صغير و أتحرك برشاقة الرعاة فلقد بدأت أعلم و ربما متأخرًا قليلاً أن آلاف الحروب و ملايين الجرائم لم تستطع منع القطة من المواء عندما تجوع و الوردة من أن تتفتح و المطر من أن ينهمر بغزارة... لذلك أمشي و أمشي و أمشي متألقًا كنجمة في السماء و حُرًّا كوعل في الغابة و عندما أصل إلى البيت وحيدًا أو عاشقًا مرحًا أو حزينًا أعترف لنفسي بأخطائي القليلة و أنتظر: عشب الطريق هدير القطارات و عمال المصانع و لون السماء في الصباح الباكر الباكر الباكر
الشاعر السوري رياض الصالح الحسين ولد في محافظة درعا السورية بتاريخ 10 آذار/ مارس 1954م، وعلى الرغم من حياته القصيرة والقاسية، ومرضه الذي أدى به لفقدان حاستي النطق والسمع، انطلقت ...