الديوان » مصر » أحمد الحملاوي » بروحى غزال في الفؤاد منازله

عدد الابيات : 78

طباعة

بروحى غزال في الفؤاد منازله

يغازلني طورا وطورا أغازله

أرى الصعب سهلا في انقيادي لأمره

ويطرب سمعى ما تقول عواذله

أهيم بذكراه وتقنع مقلتي

بطيف خيال في المنام أقابله

وإن هبّ معتلّ النسيم بعرفه

تونح عطف الروض واخضر ذابله

غزال غزا الألباب سيف لحاظه

وداس سهام الفتك بالهدب نايله

إذا ما تثنى أخجل الغصن خده

فيسبى عقول العاشقين تمايله

وقد سل سيف اللحظ يحرس خده

مخافة قطف الورد ممن يحاوله

فالله ظبى لا يرام كناسه

مليح التثنى ضامر الكشح ناحله

تملك قلبى بالدلال وليتني

وجدت سبيلا للوصال أواصله

وأصبحت في بحر الغرام كزورق

تصدت له أيدى الرياح تشاكله

ولا الجو صحو للسقين فيهتدى

ولا البحر وهو تستبين سواحله

ومن عجب أنى أروح وأغتدى

أسير هواه وهو بالقلب شاغله

فافنيت عمرى في هواه معذّبا

ودمعى هتون كالسحابة وابله

وكل حياتي في لعلّ وفي عسى

وقصدى على الإجمال ضاعت وسائله

ولما رأيت الحب لهوا وباطلا

وظهرى تحنى واضمحلت مفاصله

وصبح مشيبى لاح في ليل لمتي

وعمريَ شدّت للرحيل رواحله

تركت التصابى ثم أنشدت قائلا

صحا القلب عن سلمى وأقصر باطله

وفتشت عن طب الفؤاد فلم أجد

سوى مدح من عم البرية نائله

محمد المعبوث للخلق رحمة

نبي كريم نافذ الحكم عادله

سليل كرام من معد وهاشم

فخير قبيل في الأنام قبائله

فآباؤه غرّ الوجوه جحاجح

وأفضل أنثى في النساء حوامله

بمولده قد هنىء الكون مذ غدا

به كل معوج تقدم مائله

ترنح عطف الكون مبتهجا به

وأخصب وجه الأرض واخضر فاحله

وفاخرت الأرض السماء بوجه

ونجم سعود الدهر أشرق آفله

وولت جيوش العسر يهزمها الغنى

وورد الصفا واليسر راقت مناهله

ونكست الأصنام ساعة وضعه

وغيوان كسرى صار عاليه سافله

وغاض بأرض الفرس ماء بحيرة

وصار هباء بعد ذلك ساحله

ونيرانهم قد أطفئت فرمادها

يد الريح قد ثارت به تتناقله

وكم ظهرت في الكون للوضع ىية

فسارت مسار البدر تعلو منازله

وأشرق نور الحق في الكون يزدهى

وبانت لعين المبصرين مجاهله

وأصبح دين الشرك منفصم العرا

وأقفر من ربع المفاسد آهله

وولى شريداً في المهامه لم يحج

نصيرا على سوء المصير يجامله

فلا عز للعزى ولا عز أهلها

ومن عبد الطاغوت فالله خاذله

ومذ جاء دين الله كالبدر ساطعا

أباد صعاب المشكلات تساهله

به انشرحت كل الصدور لأنه

على العدل والإحسان قامت دلائله

وكيف ودين المصطفى دين فترة

يلائمه حال الزمان وقابله

لذا نسخ الأديان من عهد آدم

فلا دين في الأديان قط يعادله

وصاحبه المختار أفضل مرسل

فأي رسول في الفخار يماثله

فقد خص بالإسراء معراج جسمه

إلى الملأ الأعلى وجبريل كافله

فأولاه مولاه بحضرة قدسه

مقاما على الأملاك عز تناوله

تلقن سر الدين من عالم العلا

فلله سر فاز بالقرب حامله

وكان له الروح الأمين مبلغا

فقام بأعباء الرسالة كاهله

وأظهر دين الله أبيض ناصعا

تروق لعين الناظرين فضائله

إلى الرشد يهدى والسعادة والعلا

فكل كمال أجررته مسائله

يجادل بالحسنى ويدلى بحجة

يمد لها أيدى القبول مجادله

فمن فاز بالإسلام عز بعزه

وإلا فأبطال الجلاد تجادله

فيغتالهم جيش الهدى بسيوفه

وتقهر أنصار الضلال جحافله

رجال لهم عند الكريهة همّة

وصدر على الأعداء تغلى مراجله

فكلّ كمي يهزم الجيش وحده

بسيف على اللبات طالت حمائله

تراهم على ظهر الجياد كأنهم

نبات سمت نحو السماء سنابله

بحزم وعزم ثابت الجاش راجح

وصدق يقين راسخ لا يزايله

يرى العز في حمل الصوارم والقنا

إذا قامت الهيجاء أوصاح صاهله

يطير شعاعا في الورى قلب قرنه

وتبكيه إن لاقى الكميّ ثواكله

وتصطكّ من وقع الأسنة سنّه

وينزل عن عرش الثبات منازله

ومن فر مرتاع الفؤاد ولم يجد

ملاذاً رأى ريب المنون يعاجله

فللأرض ثوب من نجيع دمائهم

وللأفق ثوب الأرجوان يشاكله

وللطير في الأجواء والوحش في الفلا

غذاء من الشلاء طابت مآكله

هم القوم باعوا في النبي نفوسهم

فهان على المبتاع ما هو باذله

لقد وطدوا دين النبي بعزمهم

فأصبح حصنا لا تنال معاقله

فقد علموا أن الثواب محقق

وكلا يجازى بالذي هو فاعله

وكان رسول الله بين ظهورهم

تروح وتغدو بالجلال محافله

فيرشدهم للخير والخير دأبه

ويدنيهم منه وتلك شمائله

ويتبع موتاهم ويرضى مريضهم

وقد هالهم في كل أمر تنازله

إليه كمالات الوجود قد انتهت

فأخلاقه القرآن والعدل شامله

له حسن وجه أخجل البدر ضوءه

وعرف كنفح المسك عم تناقله

يفيض كفيض البحر جود يمينه

كما بزلال الماء فاضت أنامله

نبى حباه الله كل كرامة

وأعطاه في الدارين ما هو آمله

إليك رسول الله وجهت وجهتي

وقلبى من الأهوال زادت شواغله

فخذ بيدي إني إليك مددتها

وجودك للظمآن فاضت جداوله

ومالى ملاذ غير جاهك في الورى

ولا حصن لي إلا جنابك آمله

ويا صفوة الخلاق إن بضاعتي

من الشعر مزجاة ولكن أزاوله

وما ذاك إلا أن أفوز بمدحة

لخير رسول فاز بالنجح سائله

وما لى سوى حسن القبول إجازة

ومن لي بأن أدري بأنك قابله

عساك بفيض الفضل تقبل مدحتي

وتنظر شعرى بالرضا وتقايله

هنالك يحظى بالقبول وبالرضا

ويزفل في ثوب السعادة قائله

فبابك مفتوح لكل مؤمّل

وطارقه نعم الملاذ وداخله

عليك سلام الله ماذر شارق

وشدت إلى قبر النبي محامله

وآل وأصحاب ومن تبعوا لهم

فكل فريق ثابت الدين كامله

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أحمد الحملاوي

avatar

أحمد الحملاوي حساب موثق

مصر

poet-Ahmed-El-Hamlawy@

99

قصيدة

371

متابعين

أحمد بن محمد الحملاوي. أديب، مدرس مصري، له نظم. تخرج بدار العلوم ثم بالأزهر. وزاول المحاماة الشرعية مدة. وعمل في التدريس إلى سنة 1928 ووضع كتباً مدرسية، منها (شذا العرف ...

المزيد عن أحمد الحملاوي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة