الديوان » مصر » أحمد الحملاوي » في صفحة الخد خط الشيب إنذاره

عدد الابيات : 73

طباعة

في صفحة الخد خط الشيب إنذاره

وثوب جسمى حل الضعف أزراره

وقد تولت جيوش العزم خاضعة

بعد المشيب وكانت قبل جرّاره

وما ارعويت عن الدنيا وزخرفها

مع أنها بابتسام الثغر غرّاره

وكالسراب تراها في موّدتها

وحسبها أنها بالختل غداره

فكم لعيني بعين الغي قد غمزت

حتى احتملت من التفريط أوزاره

وطارت النفس بالأهواء هائمة

كأنما الغيّ جو وهي طياره

وما أبرّىء نفسي من غوايتها

فإن نفسي بفعل السوء أماره

يا نفس توبى فخير البر عاجله

واستو كفى من غزير العفو أمطاره

ونظفي القلب من غي ومن غير

ظطهري بدموع التوب أقذاره

واستخصلى القلب مما كان يشغله

ثم اغسلى بيد الإخلاص أوضاره

وقدمي الخير مشفوعا بمعذرة

فالله يقبل من راجيه أعذار

واخجلتي من ذنوبي حين أذكرها

منها الدموع كسح السحب مدراره

أنى لأيدي الكرام الكاتبين بها

لأنها كنجوم الليل دراره

وقد مضى العمر في لهو وفي لعب

وغض منه بياض الشعر أزهاره

وما ازدلفت إلى الأخرى بصالحة

ولا عرفت ليوم الحشر مقداره

ولا وجدت خليلا راح يرشدني

غير المشيب وقد أنكرت إبداره

وليس للعلم من نفع بلاعمل

مهما قرأت أو استظهرت أسفاره

علم بلا عمل روض بلا ثمر

لا ينفع الروض إن لم تجن أثماره

لكن يقيني يقيني كل ضائقة

بالنصر والفوز إن شن العدا غاره

وكيف لا ورسول الله معتصمى

خير النبيين من شاهدت أنواره

سر الوجود نور الكون من أزل

لا يستطيع سليم القلب إنكاره

أحيا القلوب وكانت قبل ميتة

إذ فيه قد أودع الرحمن أسراره

وقد دعوه أمينا قبل مبعثه

لما استشفوا بحسن الخلق أطواره

وحكموه فأرضاهم بحكمته

واستحسنوا من أمين الله أفكاره

روح مؤيدّة بالروح من صغر

لا يظهر البدر إلا حوله داره

أزكى الخلائق أعرافا وأطهرم

والله شرفة بالوحى واختاره

فطهر الكون من رجس ومن دنس

وشد بين يديه الشرك أكواره

وأنقذ الكل من غي ومن عمه

وحط عن ظهر هذا الكون آصاره

وكل دين بدين المصطفى نسخت

آياته واستحال الرشد أحباره

فأسلم البعض بعد البغض معترفا

ولم يشد بخصر بعد زناره

والبعض عضت على كفر نواجذه

ولم يفارق عتادا قط إصراره

فباء بالخزى في الدنيا وآخرة

وفيه قد أعمل المختار بتاره

ونظّف البيت من جبت ومن صنم

واسأصل الشرك حتى بت أوتاره

هذا النبي له الأحجار قد نطقت

والنخل أدنى لخير الخلق أثماره

والجذع حن له والضب كأمه

والشاة درت وما كانت بدراره

والغيم ظلله من حر هاجرة

كما أمال إليه الدوح أشجاره

والعنكبوت مع الورقاء قد نسجا

بالغار بيتا وعشا حصنا غاره

له شكا الجمل المنهوك من سغب

ومن عناء فعنه كف أضراره

وكم به اعتز من عضته متربة

فبدل الله بالإعسار إياره

فانظر إلى أنس تلقاء خدمته

تجده نال بحسن الح أوطاره

به ارتقت ذروة العلياء أمته

فاصبحوا بعد يغض الحق أنصاره

حتى غدا هدية في الكون منتشرا

وعم أنجاده عزا وأغواره

صرنا به في البرايا أمة وسطا

كالسبعة الشهب في الأفلاك سياره

وأيد الله بالقرآن دعوته

وحصن الله بالإعجاز أسواره

فأعجزتهم وهالتهم بلاغته

من ذا يقاوم في الإعجاز أسواره

فأعجزتهم وهالتهم بلاغته

من ذا يقاوم في الإعجاز تياره

عذب فرات لذيذ الطعم مورده

يشفى الفؤاد ةوتأبى النفس إصداره

ذكر قديم ومعنى كله حكم

لا يدرك العقل مهما كان أسراره

إلى النبي وفود الكون قد هرعت

حتى استبانوا بصدق القصد أخباره

هذا النبي الذي كانت بشاشته

على الكمال وآيات الهدى شاره

فيا سعادة من بالعين شاهده

في هذه الدار أوفى داره زاره

متى أشم الشذا ن طيب طيبته

وأمتع القلب لما أجتلى داره

وألثم الترب من أعتاب روضته

مستلفتا بجميل العطف أنظاره

لا أكذب الله شوقى نحو طيبته

لا أستطيع مدى الأيام إضماره

وكيف لا ورسول الله شرّفها

في حماها أضاء الله أقماره

فطاولت في علاها كل مرتفع

وكل سبق تخطت فيه مضماره

وأخرزت برسول الله غايتها

فكل قطر إليها مدّ أقطاره

جرت ينابيعها في الكون صافية

حتى أمدّت بفيض الفضل أنهاره

وعينها كوثر الفردوس منبعها

زرقاء نضاخة بالماء فواره

تربانها العضال الداء شافية

وأرضها من شذا المختار معطاره

تخالها في ابتداء الأمر يابسة

لكنها بازدهرا الزرع خواره

هذا النبي حباه الله منعته

كما حبا صحبه عزا وأنصاره

وآل بيت وأزواج به شرفوا

ومتّع الله بالعلياء أصهاره

يا خير من رفعت بالنصر رايته

ومن أتم له الرحمن أنواره

إليك بالعز آمالي أقدمها

عسى بعيني أراها لا بنظاره

صب بمدحك لا ينفك مشتغلا

فزان منك جميل المدح أشعاره

من لي سواك وقلبي قد أقر بما

بلغت فاقبل بمحض الفضل إقراره

وانظر إليّ فحسبي أن لي صلة

بآلك الطهر لا دعوى ولا عاره

فالدهر عبدي إذا مادمت تلحظني

وأسترق بعطف منك أحراره

ولست أخشى زماني في تقلبه

ولا أخاف بحسن الظن إعساره

فأنت أعلى الورى جاها ومنزلة

ومن إليك انتمى أعليت أقداره

يا رب صل على المختار من مضر

واجعل مقامى بجنات العلا جاره

والآل والصحب ما أنشدت مفتتحا

في صفحة الخد خط الشيب إنذاره

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أحمد الحملاوي

avatar

أحمد الحملاوي حساب موثق

مصر

poet-Ahmed-El-Hamlawy@

99

قصيدة

371

متابعين

أحمد بن محمد الحملاوي. أديب، مدرس مصري، له نظم. تخرج بدار العلوم ثم بالأزهر. وزاول المحاماة الشرعية مدة. وعمل في التدريس إلى سنة 1928 ووضع كتباً مدرسية، منها (شذا العرف ...

المزيد عن أحمد الحملاوي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة